أكد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي أن بلاده تعاني تكالباً على نهب أموال وعقارات الدولة، وقال إن ضغوطات سياسية تمنع مكافحة الفساد وهاجم محاولات تكتيم الافواه والتسقيط السياسي ونشر الاشاعات الكاذبة وعدم احترام حقوق الانسان.


الهاشمي في أحد الاجتماعات

قالنائب الرئيس العراقي، طارقالهاشمي، خلال مؤتمر لحركة quot;تجديدquot; السياسية التي يترأسها في بغداد اليوم الاثنين إن مسألة الاستفراد بالسلطة وتهميش الآخرين وتغييب اتفاقيات اربيل أصبحت ظاهرة واضحة مشيرا إلى وجود محاولات لتكميم الأفواه والتسقيط السياسي وبث الإشاعات الكاذبة. واضاف ان quot;هذا هو حال البلد عندما تنفرد جهة واحدة بإدارة الملفات المهمة فيهquot;.

وحول استقالة رئيس هيئة النزاهة العامة القاضي رحيم العكيلي قبل ايام اعتبر الهاشمي تغيير رئيس هيئة النزاهة من فترة إلى أخرى من دون ضوابط أمراً غير صحيح، وقال quot;إن القاضي العكيلي رجل مهني وحيادي ومحترف، وكان يجب أن يكافأ لا أن يطلب منه أن يستقيلquot; في اشارة الى طلب رئيس الوزراء نوري المالكي منه الاستقالة. وتساءل قائلا quot;لمصلحة من يستقيل العكيلي بعد أن بدأت عجلة مكافحة الفساد تدور بالشكل الصحيح؟quot;.

وشدد الهاشمي على أن استقالة العكيلي جاءت إثر عجزه عن الاحتفاظ بالدعم السياسي الذي حصل عليه قبل عام 2011 اضافة الى تعرضه لضغوطات سياسية من جهات تحاول توجيه ملفات الفساد بالطريقة التي تراهاquot; .. وكذلك ما ذكره العكيلي من quot;وجود جزء غير معلن من الصراع على السلطة في العراق من خلال التكالب على نهب أموال الدولة وعقاراتهاquot; وتذمر الإرادة السياسية من quot; الرقابة والقيود القانونية وسعيها لمقاومة آليات المساءلة والشفافيةquot;.

واضاف الهاشمي تعليقا على ذلك قائلا quot;ان هذه شهادة براءة وأهلية للقاضي رحيم العكيلي حيث إن العراق خسر كفاءة هو بأمس الحاجة إليها مطالبا مجلس النواب بتدارك هذا الأمر.

وتلا الهاشمي نص رسالة استقالة العكيلي حيث قال فيها quot;التكالب على نهب أموال الدولة وعقاراتها هو الجزء غير المعلن من الصراع على السلطة في العراق اليوم في ظل ارادة سياسية تدعي الوعي بحجم الفساد المستشريquot; .. حيث ان تلك الإرادة السياسية اضحت في الفترة الأخيرة متذمرة بقوة من الرقابة ومن القواعد والقيود القانونية وتسعى جاهدة لمقاومة ادوات واليات المساءلة والشفافية، فكأنها مشغولة بمحاربة الرقابيين اكثر من انشغالها بمكافحة المفسدينquot;.

وفي إطار التضييق على الحقوق والحريات العامة اشار الهاشمي الى اغتيال الصحافي هادي المهدي الاسبوع الماضي وقال انه quot;كان صوتا للمحرومين والفقراء والمطالبين بتحسين الخدماتquot; . وأكد أن إدارة الدولة لم توفق في عملها بعد مرور 8 سنوات على التغيير في العراق رغم توفر أموال كثيرة ودعم دولي لم يسبق له مثيل.

واضاف ان حقوق الإنسان ما زالت بعيدة عن المعايير الدولية مشيراً إلى تغييب الدور الإصلاحي للسجون quot;إلى الدرجة التي يخرج فيها البريء من السجن مجرماً مشبعاً بروح التآمر والانتقام بسبب سوء المعاملة والضغوط النفسيةquot; .. متسائلاً عن دور الادعاء العام في إلزام جميع الجهات التنفيذية بتطبيق المعايير الدولية.

القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة العامة المستقيل

وكان العكيلي أعلن في الثامن من الشهر الحالي عن استقالته بسبب ما وصفها بضغوط من أحزاب سياسية تحاول التستر على اختلاس أموال الدولة فيما أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي بعد ثلاثة ايام من ذلك عن موافقته على استقالة العكيلي من منصبه.

وانتقاد الهاشمي لعملية اضطرار رئيس هيئة النزاهة العامة للاستقالة هو الثاني من نوعه الذي يوجه الى المالكي حيث ارجع النائب المستقل صباح الساعدي خلال مؤتمر صحافي في العاشر من الشهر الحالي الاستقالة الى ضغوط تعرض لها من قبل رئيس الوزراء . وقال ان رئيس هيئة النزاهة رفض طلبا مقدما من قبل المالكي بفتح ملفات فساد ملفقة تخص النائب احمد الجلبي حول المصرف التجاري واخرى حول وزير الداخلية السابق جواد البولاني.

مبينا أنه ألح في فتح هذه الملفات وان كانت غير صحيحة. وأضاف أن المالكي دعا رئيس هيئة النزاهة الى تقديم استقالته بعد ان رفض الاخير فتح هذين الملفين لافتاً الىأن العكيلي شخصية وطنية حاربت الفساد في البلاد وحصلت على اشادة دولية .

واتهم الساعدي المالكي بأنه quot;ينتهج نهج صدام حسين نفسه من خلال التهديد بالقتل واكبر دليل على ذلك ما حدث للصحافي هادي المهديquot; مضيفا أن quot;مصيرنا سيكون مصير المهدي نفسهquot;. وأكد أن quot;أدبيات حزب الدعوة (بقيادة المالكي) أفضل الأدبيات إلا أن المالكي انتهج أدبيات تخالف تلك الأدبيات وهو ينتهج دكتاتورية الشخص وسيعمل على حل حزب الدعوة والاستيلاء على هيئة النزاهةquot;.

وإثر ذلك قالت مصادر مقربة من المالكي ان رئيس الوزراء يعتزم رفع دعوى قضائية ضد الساعدي بسبب التجريح الشخصي والاتهامات التي اطلقها ضده quot;دون استناد لأي دليلquot;.

وأشارت إلى أن quot;الاتهامات الخطرة والعلنية التي اطلقها الساعدي والتي لم يسندها بأي دليل تعد تجاوزا على كل الخطوط الحمراء وعلى الساعدي ان يتحمل نتائجها في مواجهة القضاء خاصة وانه اطلقها امام وسائل الاعلام وليس تحت قبة البرلمان ولا بد أن يقف أمام القضاء العراقي ليطلع الشعب العراقي على حقيقة هذه الشخصيات التي تطلق الاتهامات جزافا دون مراعاة لما تنطوي عليه من اساءة وتضليل ودون أية خشية من تأثيرها على الامن والاستقرارquot; .

من جهته أكد النائب عن دولة القانون ياسين مجيد انه دعا الى فصل النائب الساعدي من التحالف الوطني بعد الاتهامات غير المسؤولة التي اطلقها الساعدي في مؤتمره الصحافي وادعائه الباطل بامتلاكه ادلة تثبت صحة كلامه .وقال مجيدquot;ان اتهامات الساعدي اوقعته في مأزق قانوني من الصعب عليه التخلص منه وتبريره إلى جانب المأزق الأخلاقيquot;.

يذكر أن هيئة النزاهة مؤسسة حكومية رسمية مستقلة معنية بالنزاهة العامة ومكافحة الفساد أنشئت في العراق باسم مفوضيـة النزاهة العامة بموجب القانون الصادر عن مجلس الحكم العراقي السابق واعتبرها الدستور العراقي الدائم لعام 2005 إحدى الهيئات المستقلة وجعلها خاضعة لرقابة مجلس النواب وبدل اسمها إلى هيئة النزاهة وهي تهدف إلى منع الفساد ومكافحته ولها وسائلها القانونية في تحقيقه وتأدية وظيفتها وهي تقسم إلى جانبين، الأول قانوني والثاني تربوي إعلامي تثقيفي ويرأس الهيئة موظف بدرجة وزير يعينه رئيس الوزراء ولا تجوز إقالته إلا من مجلس النواب بالطريقة نفسها التي يقال بها الوزراء وللهيئة نائب واحد وتقوم بإصدار استبيان شهري يبين مؤشر تعاطي الرشوة في العراق.

وكان التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2011 قد ضم ثلاثة بلدان عربية بين البلدان العشرة quot;الأكثر فساداًquot; في العالم وهي الصومال والعراق والسودان كما أظهر أن الصومال احتلت المركز الأول في الدول الأكثر فساداً تلته أفغانستان وميانمار ثم العراق والسودان وتركمانيا وأوزبكستان وتشاد وبوروندي وأنغولا.