صاحبت الأهازيج التراثية الشامية الثورة السورية التي اشتعل فتيلها في السوق الشعبية quot;الحميديةquot; في دمشق العاصمة، 15مارس/آذار العام المنصرم، فشاركتها عدة مدن حتى استقر الأمر إلى حصار quot;درعاquot;، التي هبت لإغاثتها مدن سورية طالبت بالحرية، وهتفت بأغان تراثية طالبت أيضا بسقوط النظام.


الأهازيج الشعبية تظهر في معظم التظاهرات الشعبية في سوريا

الرياض: الأهازيج التراثية الشامية التي لطالما تغنى بها السوريون في نسمات الشام، quot;الدبكةquot; وquot;الميجناquot; وquot;المواويل الشاميةquot; المصحوبة quot;بالقهوة التركيةquot; وquot;المتّيquot; وعبق quot;الكستناءquot; في الليالي الشتوية والصوت الآتي من مكان قصي ينادي quot;مازوتquot; مع إشراقة كل صباح، الذي بات السوريون يشتاقون إليه مع انقطاعه في الظروف الراهنة.

فالأهازيج التراثية التي كانت مصدرا لذكريات الكثير في الجزيرة العربية،تغيرت اليوم عما كانت عليه لتتغير معها حتى الذكريات، فلطالما أطربت السوريين وأطربت معهم الكثيرين في العالم العربي، غير أن الكلمات تغيرت وبقيت الألحان كي يغنيها الثوار في ثورتهم التي شارفت على بلوغ العام، ولكن هذه المرة ينشدونها لوحدهم دون حتى مطربيها.

الأفراح الشعبية في سوريا،تكاد لا تخلو من رقصة quot;الدبكةquot;، فكيف تخلو ثورة سوريا منها،الرقصة الشعبية الفلكلورية التي تتم بتشابك الأيدي وضرب الأرجل سوية على أرض الألم والظلم، فكأنها صورة من صور الإتحاد، ولهذه الدبكة أهازيج تراثية عرفها الشعب السوري منذ نعومة أظافره.

استبدلت مدينة quot;حمصquot; كلمات الأغنية التراثية quot;عالعين موليتينquot;، بكلمات تناسب الثورة فقالت: quot;وأنا طالع أتظاهر ودماتي بأيديا وإن جيتك يما شهيد لا تبكين عليا، شباب دير بعلبة ياأهل الحمية، وحنا أبناء الوليد من حمص العدية، وشباب من ريف الشام يالوردة الجورية،
وحنا أصوات النواعير من حماة الأبية،
حنا أبناء الوطن أبناءك سورية، وما تفرق بينا المحن سنة وعلويةquot;.

أما quot;الهوارةquot; في محافظة quot;إدلبquot;، فقد جاء في مطلعها quot;هور يابو الهوارة، والأسد شاعل نارَة، مفكر انو بهالحصار، يطفّي ثورة أحراره، وتغنى الثوار بـquot;دلعوناquot;، في عدة مدن سورية، وجاء بمطلعها فيquot; دمشقquot; الياسمين quot;على دلعونا وعلى دلعونا بدنا حرية، قاموا قتلوناquot;.

أما عشائر محافظة quot;دير الزورquot; التي طالب مشايخها بالإصلاح فاستقبلهم الرئيس السوري لكنه والنظام السوري وضعوا أصابعهم في آذانهم ما جعل عشائر الدير تنتصر لباقي مدن سوريا واختاروا quot;بين العصر والمغربquot; لتكون أول أغنية يطلقها الثوار فجاء فيها quot;باسم المولى بدينا، على النبي صلينا، على درعا شدينا، نادت بالفزعة ولبينا، حدك ياأرض أجدادي لفديك بروحي وأولادي، نهتف باسمك وننادي عن حبك ماتخلينا، والزيتون في ايدينا بالحرية نادينا، ضربوا رصاص علينا بالصدور صدينا، وافرحي يمّا وهاهي بالشهيد وتباهي، والوجه نوره زاهي زغريتيله ياحنيناquot;.

ولم تغب الأغاني التي غناها quot;غوار الطوشةquot; الرجل السوري الذي يكافح في سبيل حياة كريمة، رغم غياب مؤدي الشخصية quot;دريد لحامquot; فصار لها نصيب كبير في هتافات الثوار، فقالوا في أغنية quot;يامو ياست الحبايبquot;، quot;يامو بشار الأسد آخر إيامو، والشعب السوري طالب إعدامو، بشار الأسد بدو يفرقنا، والله مانخون إخوتنا مسلم ومسيحي هي فرصتنا، وماننسى العلوية هنى إخوتناquot;.

وخاطب الثوار quot;أسماء quot; زوجة الرئيس السوري في المقطع الأول من أغنية quot;فطومquot;:quot;شو حبيتي بهالبشار يا أسماء، ثوبك مو من ثوبه ياأسماءquot;.

أما فن الزجل وهو شكل من أشكال الشعر المحكي الإرتجالي، أطلقه الأندلسيون على أشعارهم العامية، فبات ظاهرا أيضا في أغاني الثوار، ففي مدينة quot;حماةquot; وهي ليست حديثة العهد بما يحدث فقد تعرضت لمجزرة على يد رفعت الأسد شقيق الرئيس الأسبق حافظ الأسد،العام 1982، أهالي المدينة تدفقوا شعرا زجليا قالوا فيه quot;يسقط هالنظام ويسقط حزب البعثية، ياشهيد لاتهتم بدنا نعبي العاصي دم، وبنضحي بالأب والأم ومابنبيع القضيةquot;.

وفي مدينة حمص بكوا على قتلاهم في الأغنية الزجلية quot;سكابا يادموع العينquot; فجاءت بنكهة مختلفة quot;سكابا يادموع العين سكابا على شهداء سورية وشبابا، بشار الخاين ماصان الأمانة، خان الوطنية وعيشنا بمهانةquot;.

وتغنى الثوار أيضا بالأغنية التراثية quot;مريم مريمتيquot; التي تغيرت بتغير الظروف quot;ماهر ياخوان، يابن الجبان، حافظ الأسد بايع الجولانquot;.

وأنشد أهالي مدينة درعا الأنشودة الثورية الفلسطينية quot;ثوري ثوري ثوريquot; ولكن بطريقتهم quot;ثوري ثوري ثوري، بشار راح تتنحى ماهو على كيفك، أوعى تتحداناquot;.

وفي محافظة إدلب، وعلى ألحان quot; العراضةquot; الرقصة الشعبية الخاصة بمحافظتهم عزفوا quot;قولوا الله ياشباب، الحرية صارت عالبابquot;.

quot;على الهودلكquot; الموال العراقي الشعبي ،أطرب أهالي مدينة quot;الضميرquot; في منطقة دوما في محافظة ريف دمشق فمولوا quot;عالهولدلك ما ودنا حكم الأسد يما ودنا الحريةquot;.

في حين راح quot;محمد عبدالحميد الحمودquot; ضحية الفلكلور الفلسطيني quot;يما مويل الهوىquot;،حيث قتله النظام بعد خطابه ضد النظام والفلكلور الذي أنشده بطريقته quot;يما مويل الهوى يما مويليا ضرب الخناجر يما ولا حكم الأسد ليا، ونقول مانريده صرله شي عشر سنين وأمره مو بإيديه، ونقول ياخاين حافظ باعلنا الجولان وانت حكمك باينquot;.

وكثيرا ما راح قتلى بسبب أنشودة أو شعر ضد النظام السوري، وفي الطليعة يبدو المنشد إبراهيم قاشوش، الذي زجّ شبيحة النظام حنجرته، ومن الملاحظ أن الأم طاغية في الأهازيج الثورية،فكيف لا وهي التي ربت أبناءها على الصبر والحلم منذ كانوا أجنة، فكان لزاما على النظام السوري أن quot;يتقي شر الحليم إذا غضبquot; قبل أن يتفاخر بأن الشعب السوري لن يستطيع أن يثور لأنه مقموع وخائف،فالحليم ثار.