يروي اطفال سوريون نازحون مشاهداً وقعت امامهم وسيحتاجون لسنوات طويلة كي ينسوها.


العديد من العائلات فرت من سوريا بسبب العنف

وادي خالد: يتذكر محمد (سبع سنوات) ليلة اصابته وشقيقته التوأم منيرة برصاص الامن السوري لدى فرارهما وعشرات الاشخاص الآخرين الى شمال لبنان هربا من اعمال العنف في بلاده، ويقول بعبارات متقطعة quot;اطلقوا الرصاص علينا... اصابونا... ومات طفل كان معنا في الشاحنةquot;.

ويقول محمد الذي نزح مع اسرته المؤلفة من عشرة اشخاص من بلدة تلكلخ السورية التي تبعد بضعة كيلومترات عن الحدود اللبنانية في منتصف ايار/مايو الى بيت ناء استأجروه على ضفة النهر الكبير الفاصل بين البلدين، quot;في بلدتنا، الشبيحة يطلقون النار على كل البيوت لأن هناك تظاهرات. اتمنى ان يموت كل الشبيحة لانهم اطلقوا النار عليquot;.

وغادر افراد عائلة محمد ومنيرة تلكلخ عبر معبر غير نظامي الى منطقة وادي خالد الحدودية الفقيرة والمهمشة، وهم يعانون كغيرهم من اللاجئين السوريين الذين فاق عددهم خمسة آلاف في لبنان، نقصا في كل شيء، من المواد الاساسية... الى لعب الاطفال وكتب المدرسة.

وتبدي منيرة التي تكشف جسمها لتظهر ثلاث اصابات في اماكن مختلفة منه، خوفها من العودة الى تلكلخ quot;لا اريد ان اعود الان، انهم يقتلون الناس، قتلوا ابن جيراننا لانه جاء ليسعف ابن خالي المصابquot;.

وتضيف quot;اخاف ايضا ان يأتوا الى بيتنا هنا، لانني رأيتهم من النافذة يضعون الغاما قرب النهرquot;، في اشارة الى قيام عناصر من الجيش السوري بزرع الغام على الحدود خلال الاشهر الماضية.

وعلى غرار محمد ومنيرة، لجأ الى لبنان منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا في منتصف آذار/مارس نحو 1800 طفل (دون 18 عاما) يقيم معظمهم في منطقة وادي خالد، بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة.

وتحدث معظم الاطفال (بين ستة اعوام و15 عاما) الذين التقتهم وكالة فرانس برس عن اعمال عنف وتعذيب سمعوا عنها ممن هم أكبر منهم سنا، او شاهدوا بعضها بانفسهم كما يقولون.

وتقول فاطمة (8 سنوات) في مركز تربوي في قرية مشتى حمود يستضيف عائلات نازحة من سوريا quot;هربنا من (الرئيس السوري) بشار (الاسد)، لانه يأتي ويدمر منازلنا. بشار يقتل الناس (...) لا اعرف لماذاquot;.

ويروي حذيفة (14 عاما) من تلكلخ ان الامن السوري اعتقله مع احد اقربائه اثناء عودتهما من المدرسة. ويقول هذا الفتى ذو الملامح القاسية والنظرة الثاقبة واللسان الطلق، ما يوحي بانه كبر قبل اوانه، quot;عندما عرف عناصر حاجز الامن اننا من طلاب معهد الشريعة الاسلامية هاجمونا بعنف واعتقلونا واشبعونا ضرباquot;.

ويضيف quot;في التظاهرات لم أكن أشعر بالخوف، لان الناس يكونون مع بعضهم ويهتفون كلهم معا. في المعتقل، صرت ابكي واقول لهم اني لم افعل شيئا واريد ان اخرج، خفت كثيراquot;.

ويتذكر حذيفة كيف انكسر حاجز الخوف في المدرسة بعد انطلاق حركات الاحتجاج ضد النظام السوري. quot;قبل الثورة، لم نكن نجرؤ على الكلام في السياسة، وكل منهج مادة التربية القومية كان +قال الرئيس حافظ الاسد+ و+قال الرئيس بشار الاسد+. بعد الثورة، صرنا نتبادل الرأي وننتقد النظامquot;.

وبدا واضحا ان العامل الطائفي الذي افرزته الاحتجاجات في سوريا وحركة القمع التي تواجه بها، ترك اثره كذلك على الاطفال الذين ينتمون في غالبيتهم الى الطائفة السنية.

ويقول رامي (9 سنوات) quot;هناك حرب في بلدنا (...) العلويون يقتلونناquot;.

في المقابل، ينظر هؤلاء الاطفال باعجاب الى المتظاهرين، ويفردون موقع quot;الابطالquot; لعناصر quot;الجيش السوري الحرquot;.

ويعرب عبد الرحمن (14 عاما) الذي اتى الى لبنان قبل شهر ونصف شهر من حي بابا عمرو في حمص عن حزنه لان والديه كانا يمنعانه من المشاركة في التظاهرات.

ويقول هذا الفتى الذي اضطر ذووه الى دفع رشوة لحرس الحدود السوريين لغض النظر عن عبورهم الى لبنان خلسة quot;كل رفاقي كانوا ينزلون الى التظاهرات الا انا، واصيب صديقي واسمه ايضا عبد الرحمن، وعولج في مستشفى ميداني (سري) في حمصquot;.

ويقول عبد الهادي (10 سنوات) من جهته quot;سنعود الى بلدنا... وهناك سيحمينا الجيش السوري الحرquot;.

معظم النازحين السوريين الى وادي خالد أتوا من مدن وقرى في محافظة حمص القريبة. ويقيم معظمهم لدى عائلات لبنانية فيما يقطن نحو مئتين في مدارس مهجورة. وتبذل منظمات عدة، بينها اليونيسف التابعة للامم المتحدة وquot;سيف ذي تشيلدرنquot; غير الحكومية، جهودا لاستيعاب الاطفال السوريين في مدارس لبنانية وتأمين مساعدة طبية ومتابعة نفسية لهم.

ويقول منسق برنامج الامم المتحدة لشؤون اللاجئين الان غفري لفرانس برس quot;لدى العديد من الاطفال السوريين صعوبات في التكيف مع المناهج الدراسية اللبنانيةquot;، وخصوصا بالنسبة الى المواد التي تدرس بلغات اجنبية.

وتقول ممثلة اليونيسف في لبنان اناماريا لوريني quot;هؤلاء الاطفال اخرجوا من بيوتهم وانفصلوا عن مدارسهم واصدقائهم (...) وفقدوا المسار الطبيعي لحياتهمquot;.

وتضيف quot;لقد تأثروا بما شاهدوا ومروا به... لهم الحق في ان يعيشوا طفولتهمquot;.

ويعبر محمد عن هذا الضياع عندما يقول وقد وقف بعيدا من رفاقه المتحلقين قرب مدفأة في مركز اجتماعي في وادي خالد للاحتماء من البرد القارس، quot;هناك حرب في بلدنا، لا اعرف ماذا يحدث.. لا اعرف من يحارب من.. اريد فقط العودة الى بيتناquot;.