كشفت الولايات المتحدة عن محاولات تقوم بها إيران لمساعدة النظام السوري في تمويه صادراته النفطية والتملص من الحظر الأميركي والاوروبي على النفط السوري في مؤشر جديد واضح إلى سعي طهران لدعم الرئيس بشار الأسد في وقت يواصل نظامه حملة البطش بالمحتجين.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين يحققون في هذه النشاطات الإيرانية أنها تهدف الى شحن النفط السوري خلسة إلى إيران، ومنها يمكن بيعه في السوق العالمية ثم تسليم العائدات إلى دمشق. وتسجل وثائق النقل والتأمين تفاصيل شحنة نفطية لبيع اكثر من 91 الف طن متري من النفط الخام في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

وقال مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية مطلع على القضية إن الهدف من شحنة النفط إلى إيران هو الالتفاف على العقوبات التي فرضت على سوريا. وبدأت وزارة الخزانة، ردا على هذه المحاولات، استهداف تأمين الناقلات الدولية التي تشحن النفطك السوري الى الخارج ووثائق تسجيلها.

ولا تقتصر المخاوف من مثل هذه العمليات على إيران وحدها، بل تشدد واشنطن وحلفاؤها الرقابة على حركة الملاحة البحرية والجوية القادمة إلى سوريا من روسيا بعدما اعلنت موسكو التزامها بمواصلة تسليح قوات الأسد.

وكانت قبرص اعترضت هذا الشهر سفينة مسجلة في سان بطرسبرغ كانت تنقل اربع حاويات من الذخيرة وجهتها ميناء طرطوس السوري، كما أفاد مسؤولون قبارصة. وافرجت قبرص عن السفينة بعد تأكيدات من اصحابها الروس بعدم تسليم الشحنة. ولكن موسكو اكدت هذا الاسبوع ارسال شحنة اسلحة فيما رفضت شركة quot;بالتشارتquot; المالكة للسفينة التعليق على هذا التأكيد.

ودافع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الأربعاء عن شحنات الأسلحة من روسيا إلى سوريا رافضا الدعوات الأميركية والأوروبية إلى الالتزام بالحظر على تصدير السلاح الى دمشق. وقال لافروف ان روسيا لا تنتهك اي اتفاقيات دولية أو قرارات صادرة عن مجلس الأمن وهي لا تتاجر مع سوريا إلا بمواد لا يمنعها القانون الدولي. وترفض روسيا إدراج حظر على تصدير السلاح إلى سوريا وعقوبات مالية في نص قرار يتفاوض المسؤولون الأميركيون والروس بشأنه في الأمم المتحدة.

وقال ناطق باسم بعثة إيران في الأمم المتحدة إنه ليست هناك عقوبات دولية على سوريا يتعين على طهران ان تلتزم بها. واضاف ان قوى خارجية تعمل على إذكاء النزاع في سوريا بتقديم السلاح وليس إيران.

وكانت روسيا وايران تقليديا أوثق حلفاء نظام الأسد. وموسكو اكبر مصدر لتسليح الجيش السوري ولديها قاعدة بحرية في طرطوس. وتنسق سوريا وايران بينهما في تمويل وتسليح جماعات مسلحة في المنطقة.

وانصبت جهود الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي حتى الآن على حرمان نظام الأسد من عائدات تصدير النفط منذ بدء الحملة ضد المعارضة في آذار/مارس الماضي التي أوقعت آلاف القتلى.

وتبين الأرقام الرسمية السورية أن دمشق كانت تحقق زهاء ثلث عائداتها من بيع النفط الى أوروبا. ولكن هذه الصادرات تعطلت بالعقوبات الاميركية والاوروبية التي تحظر تمويل صادرات النفط السورية أو تأمينها، كما أفادت مصادر نفطية.

وتحدث نظام الأسد عن توجيه مبيعات النفط السورية الى بلدان آسيوية مثل الصين والهند للتعويض عن الأسواق الاوروبية. وقال مسؤولون اميركيون إنهم جمعوا معلومات تبين أن إيران انبرت لمساعدة النظام السوري في تسويق نفطه. ويعتقد مسؤولون أميركيون وأوروبيون أن طهران تساعد دمشق في حملتها لقمع الانتفاضة بالسلاح والبرمجيات والتدريب والمعلومات الاستخباراتية.

وقال مسؤولون أميركيون ومصادر في قطاع النقل البحري إن إيران استأجرت عن طريق شركة quot;سي انتربرايزيز لمتدquot; الظبيانية ناقلة quot;مايرquot; اليونانية لشحن أكثر من 91 الف طن متري من الخام السوري. وافرغت السفينة ماير حمولتها في ميناء راس بهريغان الايراني النفطي، كما افادت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤولين ومصادر في قطاع النقل البحري.

وتمكنت وزارة الخزانة الاميركية من سحب تأمين السفينة اليونانية وتسجيلها بعد ابلاغ مدراء الشركة المالكة ان السفينة تحمل بضاعة مشمولة بعقوبات اميركية واوروبية.

وتستخدم السفينة ماير، مثلها مثل العديد من الناقلات، شركات تأمين اميركية وهي مسلجة في ليبيريا وتحمل علم ليبيريا. وقال رئيس الشركة الليبيرية لتسجيل السفن الدولية سكوت بيرغيرون إن الشركة أوعزت الى مالكي السفينة بعدم إيصال النفط إلى إيران. ولكن المالكين تجاهلوا الأمر وأفرغوا الحمولة في إيران قبل العودة إلى الإمارات العربية.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن محاولاتها للاتصال بشركة quot;سي انتربرايزيزquot; في الإمارات كلها باءت بالفشل. وأصدرت ليبيريا إشعارا بارتكاب مخالفة ضد شركة يوروتانكر اليونانية مالكة السفينة ماير بموجب قانون العقوبات المدني الليبيري. وامتنعت الشركة اليونانية عن التعليق. كما امتنع متحدثون باسم الحكومة السورية.

وقال مسؤولون اميركيون إن استهداف عمليات الشحن السورية يأتي في اطار حرب واشنطن المالية الأوسع ضد إيران وأن قدرة ايران على تقديم مساعدة مالية الى سوريا تزداد ضعفا تحت وطأة العقوبات المفروضة على طهران. ويمكن أن تشتد وطأة هذه العقوبات بالحظر الذي يخطط الاتحاد الاوروبي لفرضه على شراء النفط الايراني.

وتعتمد دمشق بصورة متزايدة على الطريق البحري في نقل شحنات الأسلحة لأن دولا مجاورة مثل تركيا فرضت قيودا على الشحنات الجوية، كما يقول مسؤولون اميركيون واوروبيون. وحاولت سوريا نقل السلاح جوا من منطقة كالينينغراد الروسية في اوروبا الشرقية ولكن ليتوانيا المجاورة قطعت هذا الطريق.

وقال هيو غريفثس من المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم ان الجو لم يعد خيارا متاحا امام السوريين للحصول على السلاح. وإن من المنطقي استهداف النقل البحري وشركات التأمين لأن من السهل استخدام هذه الشركات أداة للضغط على سوريا لا سيما وان غالبية شركات التأمين موجودة في الاتحاد الاوروبي أو دول الكاريبي.

اعداد عبد الاله مجيد