بدأ السوريون في الأحياء الدمشقية الموالية للنظام بتشكيل جبهات دفاع لحماية أنفسهم وعائلاتهم، من دون أن يتورطوا في صراع الجبابرة الدامي، في الوقت الذي تسعى فيه المناطق ذات الكثافة السكانية من الأقليات الدينية لصد القتال الذي يقترب من بيوتهم يومًا بعد يوم.


بيروت: برز التفجير الذي استهدف باب توما، في سوريا ذات الأكثرية المسيحية، كتهديد واضح للسكان في قلب العاصمة التاريخي، حيث يقول السكان إن العديد من الحراس المحليين يعملون الآن جنباً إلى جنب مع قوات النظام.

وأدت فوضى السلاح في سوريا إلى انتشار الأسلحة في أيدي المدنيين، سواء أكانت بنادق الصيد أو الأسلحة الهجومية، الأمر الذي يؤشر إلى احتمال تحول المعركة بين حكومة الرئيس بشار الأسد والجماعات المعارضة إلى حرب ميليشيات.

وأدت هذه الفوضى بالسكان إلى البحث عن الأمن والأمان بأنفسهم فشكلوا مجموعات في ما بينهم من أجل حماية بلداتهم ومنازلهم، وتمركزوا في شارع المدينة القديمة حاملين أجهزة الاتصال اللاسلكية، متعهدين معاقبة كل من يسبب المتاعب. توفي ثلاثة عشر شخصاً في تفجير سيارة ملغومة يوم الاحد خارج محطة الشرطة في باب توما، وهو أول هجوم على نطاق واسع في مدينة العاصمة القديمة الشهيرة، وفقاً لوسائل الاعلام الرسمية السورية.

وعقب الهجوم، اندلعت موجة من العنف في المناطق الأخرى التي تتركز فيها الأقليات، ففي جرمانا، المنطقة التي يسيطر عليها الدروز والمسيحيون، بدأت أعمال القتل المتبادل في الأشهر الأخيرة بين حراس البلدة والمقاتلين من المناطق المجاورة، ما جعل السكان أكثر استعداداً للدفاع عن أنفسهم بأي وسيلة ضرورية.

ويقول السكان إنهم يستخدمون بنادق الصيد التي بحوزتهم للدفاع عن منازلهم، معربين عن قلقهم من أن تتحول الثورة إلى نزاع مسلح بين الطوائف، فتتحول سوريا إلى quot;سيراليون أخرىquot; يسودها القتال ومنسية من على الخريطة.

وعلى الرغم من أن أفراد quot;الشبيحةquot; هم من الميليشيات المدنية التي تعمل جنباً إلى جنب مع قوات الأمن السورية، إلا أن الجماعات التي شكلها السكان لحماية أحيائهم في العاصمة هم من المواطنين العاديين الذين يمكن استهدافهم بالخطأ أو توريطهم بالعنف بكل سهولة.

وتتكون سوريا من خليط سياسي وديني، لكن المعارضة تتركز بشكل أساسي في الطائفة السنية في البلاد، إلى جانب المجتمعات من أتباع الديانات الأخرى، مثل المسيحيين والشيعة والدروز. ويعتبر معظم المحللين أن الأسد يحظى بدعم الأقليات في البلاد لأنه من الطائفة العلوية الأقلية وبالتالي يُنظر إليه على أنه الحامي لجميع الأقليات الدينية.

وينتشر الجنود في باب توما بالقرب من بوابة حجرية قديمة دمرت في ساحة المنطقة التاريخية، ويقومون بدوريات يومية للحرص على عدم دخول المقاتلين إلى البلدة، وهو أمر يقدره السكان ورجال الأعمال الذين يتخوفون من دخول الثوار إلى مدينتهم.

أما المجموعات السكانية التي نظمت نفسها من أجل حماية منازلها، فيمكن رؤيتها في الطرقات الضيقة من المدينة القديمة، ويقومون بتأمين الحماية للمتاجر والبيوت. ويصر هؤلاء على انهم لا يملكون أية أسلحة باستثناء بندقية واحدة لحالات الطوارئ، تعود ملكيتها لجندي في الشارع.

لكن بما أن لكل قصة جانبين، فإن بعض السوريين الذين لهم أقارب في المدينة القديمة يقولون إن جماعات الدفاع المحلية أكثر تنظيماً وتسليحاً مما يزعمه الشبان، فتقول بعض العائلات ان قوات النظام قدمت بندقية وحفنة من الرصاص لكل شخص فيها من أجل حماية المدينة من دخول الثوار اليها، شريطة التوقيع على وثيقة بتسلم السلاح مع تقديم تقرير بتاريخ ومكان استخدامها.

ورفض البعض تسلم السلاح فيما رضي البعض الآخر، مصرين على أنهم ليسوا محاربين للاسد أو لطائفة معينة، بل لأن الصراع أصبح وجودياً ما يتطلب من كل شخص الدفاع عن نفسه.