لا يتكلم لؤي المقداد، منسق المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر والناطق الرسمي باسمه، كثيرًا في السياسة، لأن الهم الأساس للجيش الحر الآن هو الانتصار في معركة إسقاط النظام، الذي نسيته المبادرات في ظل الكلام عما بعد الأسد. فتوحدت الجبهات، والآتي في دمشق نوعي، والجيش الحر هو ضمان العمل الديمقراطي في سوريا الغد.


بيروت: قامت الثورة السورية سلمية، انتفاضًا على نظام بشار الأسد وظلمه، من درعا أولًا ثم انتشرت في كل البقاع السورية، تنادي quot;سلمية.. سلمية.. سوريا بدها حريةquot;. لكن أبى النظام أن يستمع إلا لصوت القمع، وهو الصوت الذي لا يروق له غيره. أبى إلا أن يواجه صدور النساء والأطفال بآلته العظمى من حديد ونار. فثارت ثائرة جنود آثروا الانضمام إلى صفوف الشعب السوري، مشكلين نواة جيش سوريا الغد، الجيش السوري الحر.
التقت quot;إيلافquot; لؤي المقداد، منسق المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر والناطق الرسمي باسمه، في جولة أفق سريعة، تناولت موقف الجيش الحر من المبادرات العديدة المطروحة على بساط البحث، لمداواة الجرح السوري النازف. يقول المقداد إن الجيش الحر، كما كل السوريين، يشككون في هذه المبادرات الآتية بعد مماطلة وتسويف طويلين دفع ثمنهما السوريون من أرواحهم العزيزة، quot;فكيف من الممكن لنا أن نتجاوب مع مبادرة يقدمها طرف نعتبره شريكًا للنظام بقتلنا وقد وفر له كل الحماية اللازمة باستعماله الفيتو لعدة مراتquot;، قاصدًا المبادرة الصينية.
كوادر الجيش السوري الحر لا تهتم الآن بالسياسة، فهمّها العمل الميداني، بحسب المقداد، لكنها مقتنعة بأن quot;الصيغ التمثيلية السابقة لم تكن تعبر أبدًا عن الشارع السوري، ولا تمثله، بل كانت أقرب إلى كمين وقع فيه الشعب السوري عندما أنشئت ودعمهاquot;.


وفي ما يأتي نص الحوار

أعلن الجيش السوري الحر منذ يومين توحيد جبهاته القتالية. فهل من دافع لذلك غير مقتضيات العمل العسكري؟ وهل يسعى الجيش الحر لتثبيت مواقعه العسكرية ليكون هو المرجعية الأولى في المناطق المحررة في مرحلتي إسقاط الأسد وما بعد إسقاط الأسد؟

بداية، بالنسبة إلى موضوع الجبهات القتالية الجغرافية، فهي انجاز نوعي للجيش السوري الحر، أتى بعد عناء طويل وجهود مضنية بغية توحيد صفوف المقاتلين والكتائب والفصائل في جبهات مشتركة، تتشارك القرار العسكري والمستلزمات القتالية واللوجستية. وقد عملنا على انشاء هذه الجبهات منذ فترة تتجاوز الشهرين، وعقدت أغلب قيادات الجيش الحر اجتماعات مطولة للتوصل إلى هذه الصيغة الجامعة. وتم الاتفاق على ان تجري عملية التوحيد من القاعدة إلى رأس الهرم، بحيث يتم في المرحلة القادمة انتخاب قيادة لكل جبهة على حدة، ثم اختيار القيادة العامة للجبهات، بحيث ينتقل العمل العسكري الثوري إلى عمل مؤسساتي منظم، بغية التسريع في إسقاط النظام، وإحلال الأمن في المناطق المحررة، وضمان الاستقرار في المرحلة التي تلي سقوط النظام، حتى يتمكن الشعب السوري من ممارسة الديمقراطية واختيار شكل دولته وممثليه بجو آمن ومستقر وتعددي من دون إقصاء إحد أو إلغاء أحد أو تهميش أي طرف من الأطراف. وبذلك يكون الجيش الحر هو الضامن للعمل الديمقراطي السياسي في مرحلة ما بعد الأسد.


مداواة مرض عضال بالمسكنات

ما هو موقف الجيش السوري الحر من المبادرة الصينية المطروحة الآن؟

قبل التحدث عن المبادرة الصينية نفسها، بشكل عام، موقف الثوار وغالبية الشعب السوري من جميع المبادرات الدولية هو موقف مشكك، نتيجة التسويف والمماطلة اللذين صدرا عن الدول صاحبة المبادرات منذ بداية الثورة السورية. فكنا نذهب من مبادرة إلى أخرى من دون إدراج أي آليات تنفيذية واضحة لتطبيقها، من أجل حماية الشعب السوري من آلة القتل الأسدية.
أما المبادرة الصينية تحديدًا، فإن الشعب السوري بغالبيته مستاء للغاية من الصين وروسيا، بعد مواقفهما المخجلة في مجلس الأمن والمحافل الدولية، إذ وفرتا الغطاء للنظام للاستمرار بالقتل وتدمير سوريا من دون خوف من المحاسبة. فكيف من الممكن أن نتجاوب مع مبادرة يقدمها طرف نعتبره شريكًا للنظام بقتلنا، وقد وفر له كل الحماية اللازمة باستعماله الفيتو لمرات عدة.
ولو دخلنا في تفاصيل المبادرة فسنجد أن لا جديد يذكر فيها. فالمطالبة بوقف اطلاق النار من دون إيجاد خطوات تنفيذية واضحة لإسقاط هذا النظام تلبية لمطالب الشعب هو كمن يعالج مرضًا عضالا بدواء مسكن. فما الفائدة من وقف اطلاق النار من دون حل أساس المشكلة؟

الصيغ التمثيلية السابقة.. كمين!

تسعى الولايات المتحدة إلى إنشاء إطار قيادي جديد للمعارضة السورية. أين الجيش السوري الحر من هذا الاطار، وهل يناسبه المسعى الأميركي أم يخيفه؟

بشكل عام معظم قيادات وكوادر الجيش السوري الحر الحقيقية لا تتعاطى حاليًا باهتمام مع الموضوع السياسي، لانشغالها بالعمل على الارض وتقوية العمل الميداني العسكري لفرق ومجموعات الجيش الحر. لكن، في الوقت نفسه، ندعم أي صيغة تمثيلية للشعب السوري تستطيع قيادة الحراك الثوري سياسيًا نحو تحقيق مطالبه كلها، والتعبير عنه بصدق.
وهذا الدعم المبدئي ناجم عن قناعتنا بأن الصيغ التمثيلية السابقة لم تكن تعبر أبدًا عن الشارع السوري، ولا تمثله، بل كانت أقرب إلى كمين وقع فيه الشعب السوري عندما أنشئت ودعمها.

مبادرة رياض سيف... ما لها وما عليها من وجهة نظركم؟

أي مبادرة تؤمن التمثيل المطلوب للشارع السوري، بمختلف أطيافه، هي خطوة مرحب بها. لكن شرطنا الأساسي للقبول بأي مبادرة هو ضمان أن لا تتحول إلى مبادرة شخصية، أو رغبة في الاستئثار بالسلطة أو القرار على حساب دماء الشعب السوري، كما حدث مع المجلس الوطني.
مبادرة الاستاذ رياض سيف، أو هيئة المبادرة الوطنية السورية، بخطوطها العريضة جيدة، لأنها تشمل في تمثيلها المجلس الوطني والمجلس الوطني الكردي، والمجالس المحلية المدنية، والمجالس الثورية في الداخل، والشخصيات السياسية التاريخية، وهيئة ورابطة علماء المسلمين، وحكومة موقتة، ومجلس عسكري تنضوي تحته الكتائب المقاتلة ضد النظام. وفي الحقيقة، كانت المبادرة في بدايتها تشمل تمثيل الجيش السوري الحر، لكن فضلت القيادة الأساسية للجيش الحر البقاء خارج هذه الأطر في الوقت الراهن، على الأقل حتى تتبلور الأمور أكثر.
تواصل معنا الكثيرون من المشاركين في العمل على هذه المبادرة، وكان مطلبنا الوحيد هو تمثيل الشارع السوري، واختيار شخصيات وطنية من سياسيي الخارج لها تاريخ في النضال في الداخل السوري، وليس من الشخصيات التي عاشت أغلب حياتها في الخارج. ونتمنى له ولمن يعمل على هذه المبادرة كل التوفيق.

مرحلة الأسد.. اهتمامنا الأساس

كل الكلام الدولي يدور اليوم عن مرحلة ما بعد سقوط الأسد، لكن ثمة من يخاف على الثورة السورية من بيعها في مزادات الدول، مع إصرار روسيا على دور للأسد في الحل؟

في الحقيقة، نحن في الجيش السوري الحر نركز إهتمامنا الأساسي على مرحلة الأسد، أي المرحلة الحالية، واهتمامنا ينصب عليها لإسقاط هذا النظام المجرم. ومن المعيب أن ينصب اهتمام أي مواطن سوري بشكل كامل على مرحلة ما بعد الأسد وينسى أن هذا النظام لم يسقط بعد، وما زال يقتل ويدمر ويهجر الشعب السوري. نحن نؤمن بأن القرار بعد سقوط السفاح سيكون قرار الشعب السوري الحر، الذي سيقيم دولته المدنية الحضارية، لأنه شعب مؤهل لأن يقود نفسه بنفسه، لما له من تاريخ يمتد عبر آلاف السنين، كان خلاله نموذجًا للشعب المبدع الحضاري.

عمليات نوعية.. في العاصمة

ما حقيقة الوضع العسكري على الأرض اليوم بعد سقوط سراقب؟ وهل هي مقدمة لحسم فعلي لمعركة حلب الدامية والمدمرة؟

الوضع العسكري بشكل عام جيد، على الرغم من ضعف الإمكانيات، إلا أن مقاتلي الجيش السوري الحر يحرزون انتصارات رائعة. وستشهد الفترة المقبلة عمليات نوعية على كل الأصعدة، نتيجة التنظيم والخبرة اللذين باتت تتمتع بهما كتائب وتشكيلات الجيش السوري الحر.
معظم مناطق حلب محررة، وبعهدة أهلها، مثلها مثل معظم المناطق في سوريا. أما النظام فلا يملك إلا السماء، يقصف منها بطائراتها، وبعض المواقع المحصنة. لذلك، يمارس القصف العشوائي المدمر على غالبية المحافظات السورية. وأقول لـ quot;إيلافquot; إن النقلة النوعية الأهم ستكون خلال فترة قريبة في العمل العسكري داخل العاصمة دمشق، ونعتقد أنها ستكون آخر وأهم معاركنا ضد هذا النظام المتهاوي.