ايديث بوفيير (يمين) وويليام دانييلز (يسار)

شكل تعقب الجيش السوري الهواتف التي تعمل بالأقمار الاصطناعية في حي بابا عمرو والذي انسحبت منه يوم أمس عناصر الجيش السوري الحر، كارثة على الصحافيين الموجودين في المنطقة حيث قتلت الصحافية الأميركية ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك.


القاهرة: أجواء جحيميّة بدأت تلقي بظلالها الوخيمة على حي بابا عمرو في مدينة حمص، حين بدأ يتعقب الجيش السوري الهواتف التي تعمل بالأقمار الاصطناعية والتي يستخدمها الصحافيون الأجانب هناك، ما أسفر عن مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك في الـ 22 من شهر شباط(فبراير) الماضي.

واحتاج زملاؤهم من الصحافيين الذين قدّر لهم البقاء على قيد الحياة إلى ثمانية أيام كي يتمكنوا في النهاية من الهرب، حتى في ظلّ الظروف الحالكة التي يعيشها بابا عمرو، وحالة الإنهاك التي يعيشها السكان هناك، الذين يقدر عددهم بحوالى 4000 شخص، نتيجة تعرضهم للقصف على مدار أسابيع، ومعاناتهم مع الجوع والبرد الشديد.

كما انسحبت يوم أمس أيضاً عناصر الجيش السوري الحر التي كانت ترتكز على حي بابا عمرو في شنّ الهجمات على القوات الموالية لنظام الأسد. ونفذت الذخيرة لدى الثوار. وقال ناشطون سوريون يوم أمس إنهم اضطروا إلى دفن كولفن وأوشليك، بعدما ناضلوا على مدار أيام لحفظ جثتيهما في الثلاجة في ظل تناقص إمدادات الوقود.

وبعد خضوع بابا عمرو لسيطرة الجيش السوري يوم أمس، تم اقتياد المصور الفرنسي ويليام دانييلز، المكلف من مجلة التايم الأميركية، والصحافية الفرنسية المصابة بإصابات بالغة ايديث بوفيير، إلى خارج سوريا، عبر محاولة اكتنفها قدر كبير من المخاطر، وشارك فيها العشرات من المتطوعين السوريين المتعاونين مع ناشطين سوريين ndash; وهي العملية التي حظيت باهتمام منظمة quot;آفازquot; الموجودة في نيويورك.

ونوهت في هذا السياق مجلة التايم بأن المصور البريطاني بول كونروي، الذي كان زميلاً لكولفن، قد تمكن قبل أربعة أيام من الهرب إلى داخل لبنان عبر طريقة مماثلة. كما تمكن خافيير اسبينوسا، وهو مصور اسباني حوصر في بابا عمرو، من عبور الحدود بسلام يوم الأربعاء الماضي. وفي وقت متأخر من مساء أمس، بعث دانييلز برسالة نصية إلى مسؤولي التايم يؤكد لهم فيها أنه في لبنان وبعيد عن الخطر.

ونتيجة تسللهم إلى داخل سوريا بطرق غير شرعية، فقد تعرض الصحافيون الأجانب للحصار، بمجرد أن وقعت المدينة تحت سيطرة قوات الأسد. وأخفق الدبلوماسيون الفرنسيون في إقناع الأسد بالسماح لفريق إجلاء دولي بدخول البلاد للمساعدة في ترحيل الصحافيين المصابين. ومن الجدير ذكره أن العملية التي تم من خلالها إجلاء كونروي يوم الأحد الماضي قد شارك فيها 35 متطوعاً سورياً، لكنهم تعرضوا لكمين في طريق العودة وقُتِل منهم 13 شخصاً، وفقاً لما ذكرته quot;آفازquot;.

ولفتت التايم إلى أن تلك العملية كان يفترض أن تُرَحِّل كلا من كونروي وبوفيير واسبينوسا ودانييلز، لكن في خضم حالة الفوضى التي تولدت بعد بدء القوات الحكومية هجومها، انقسمت الجماعة إلى قسمين. وكان كونروي هو الصحافي الغربي الوحيد التي نجحت محاولات تهريبه إلى داخل الحدود اللبنانية في ذلك اليوم.

وتابعت المجلة الأميركية بتأكيدها على الثمن الباهظ الذي تكبده السوريون في مساعيهم إلى توفير الحماية للصحافيين الأجانب. وقال هنا ريكين باتيل، مدير منظمة آفاز، من مقره في نيويورك، متحدثاً للمجلة:quot;عبَّر الناشطون السوريون عن امتنانهم العميق للصحافيين لجرأتهم على السفر إلى حمص ومشاهدتهم الجرائم الشنيعة التي ترتكب هناك، ومشاهداتهم كذلك للقصف الذي يتعرض له حي بابا عمروquot;.

ثم مضت المجلة تتحدث عن أن دور آفاز في الانتفاضة السورية جاء مذهلاً ومثيراً للجدل. فهي منظمة تعنى منذ تأسيسها عام 2007 بمحاربة الفساد والفقر وتغير المناخ. كما أنها تجمع أموالاً وتحشد الناس عبر شبكة إلكترونية ممتدة في جميع أنحاء العالم.

وفي ما يتعلق بالأوضاع في سوريا، قامت المنظمة بتجميع مليون دولار من أعضائها للبدء في تهريب كميات من المعدات الطبية وكاميرات التصوير ومعدات تحرير مقاطع الفيديو إلى حمص وغيرها من المدن المحاصرة، باستخدام شبكة من الناشطين السوريين المتطوعين. كما نسقت المنظمة خلال الأسابيع القليلة الماضية مع مجموعة من الناشطين السوريين من أجل تهريب 34 صحافياً أجنبياً إلى داخل البلاد.