جاء إعلان أنان بأن الرئيس السوري قد وافق على خطة سلام من 6 نقاط ليضع الكرة في ملعب المعارضة الممزّقة، في الوقت الذي تجتمع قياداتها في إسطنبول في محاولة أخيرة لتوحيد الصفوف قبل انعقاد الاجتماع الدولي لأصدقاء سوريا في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
الرئيس السوري متفقدًا حي بابا عمرو في حمص الثلاثاء |
لميس فرحات: جال الرئيس السوري بشار الأسد في حي بابا عمرو في حمص، بعدما تمكنت القوات الأمنية من سحق المعارضين في معقلهم، في ظهور علني نادر، إطلع فيه على الدمار الذي سببته الاشتباكات، واعداً بأن المنطقة ستكون quot;أفضل من ذي قبلquot;.
تزامنت هذه الزيارة مع إعلان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، أن الرئيس السوري قد وافق على خطة سلام من ست نقاط لإنهاء الأزمة، بما في ذلك وقف إطلاق النار، وسحب الأسلحة الثقيلة من المدن المحاصرة، وحرية التظاهر والمفاوضات السياسية.
واعتبرت صحيفة الـ quot;تايمquot; أن هذا الإعلان وضع الكرة في ملعب المعارضة الممزّقة، في الوقت الذي تجتمع قياداتها في إسطنبول في محاولة أخيرة لتوحيد الصفوف قبل انعقاد الاجتماع الدولي لأصدقاء سوريا في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس السوري وافق على اقتراحات وخطط في السابق من حيث المبدأ، إلا أنه اختار نقاطاً معينة منها لتنفيذها، ولم يأخذها بشكل كامل. وركزت وسائل الإعلام الرسمية السورية بشكل ملحوظ على جولة الأسد إلى المنطقة التي دمّرتها الجماعات الإرهابية المدججة بالسلاح، والتي روّعت السكانquot;، ولم يكن هناك أي ذكر لقبول خطة أنان.
في بث مقطع قصير على شاشة تلفزيون الدولة، ظهر الأسد والوفد المرافق له وهو ينظر إلى المباني المدمّرة جرّاء القصف، وكان يتحدث مع عمال البناء، ويحثهم على العمل بجد وإعلام المواطنين بجدول زمني لإنهاء الإصلاحات، بحيث quot;يستطيعون معرفة متى يمكن أن تعود الحياة إلى طبيعتهاquot;.
لكن الصحيفة أشارت إلى أن المشكلة هي أن عدداً كبيراً من السوريين لا يريدون العودة إلى الحياة الطبيعية: إنهم يريدون الإطاحة بالرئيس الأسد.
من خلال الموافقة على خطة أنان، كفل الزعيم السوري لنفسه مكاناً على طاولة التفاوض على مستقبل البلاد - وهي لعنة بالنسبة إلى معظم فصائل المعارضة السورية المنقسمة، التي لا تملك نفوذاً محلياً أو دعماً دولياً لتفاديها.
وقالت بسمة قضماني، عضو تنفيذي في المجلس الوطني السوري، إن المجلس quot;يرحّب بحذرquot; ببادرة الأسد، إلا أنها أكدت عدم التراجع عن المطالبة بتنحّيه عن السلطة. وأضافت: quot;لا يمكن لأي مجموعة معارضة ذات مصداقية أن تقول خلاف ذلك. ما نقوله هنا هو أنه إذا كان يمكن أن يفتح هذا القرار الطريق للانتقال السلمي نحو السلطة، فهذا ما نريدهquot;.
خطة أنان التي تتضمن ست نقاط:
1- وقف القتال وسحب القوات الحكومية والأسلحة الثقيلة من المدن التي تشهد احتجاجات.
2- إرساء هدنة إنسانية لمدة ساعتين يومياً، لإفساح المجال لوصول العاملين الإنسانيين إلى المناطق المتضررة من أعمال العنف.
3- السماح بعمل المنظمات الإنسانية وإطلاق السجناء.
4- ضمان حرية عمل وسائل الإعلام.
5- احترام حق التجمع والتظاهر السلمي.
6- تسهيل عملية انتقالية سياسية بقيادة سورية، تقود إلى نظام تعددي، عبر حوار بين الحكومة وجميع أطياف المعارضة السورية.
وأشارت الصحيفة إلى الانقسامات التي تسود المعارضة السورية، وبذل الجهود لمحاولة توحيد الصفوف، من ضمنها اجتماع إسطنبول الذي ضم فصائل عدة، بدعوة من قطر وتركيا، في محاولة لتشكيل جبهة موحدة.
لم يؤت الاجتماع بثماره المرجوة، إذ انسحب المجلس الوطني الكردستاني في وقت مبكر من اليوم نفسه، بعدما رفضت مطالبه بذكر quot;الأوضاع الكرديةquot; بشكل واضح في بيان المعارضة النهائي، بحسب المشاركين. كما انسحب المعارض المخضرم هيثم المالح متهماً المجلس الوطني السوري بأنه quot;يتصرف مثل حزب البعثquot;، وفقاً لما نقلته وكالة فرانس برس.
وتضمن البيان الختامي بدلاً من تحديد استراتيجية لإسقاط الأسد، بيانات فضفاضة حول طبيعة الدولة في مرحلة ما بعد الأسد، بما في ذلك جمهورية مدنية، لا يشارك فيها الجيش في السياسة، والمطالبة بإعادة هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل إلى الدولة السورية.
أصيب الكثير من المشاركين في الاجتماع بخيبة أمل، لأن القضايا التي طرحت ليست من الأولويات، ولأن الموضوعات الأكثر أهمية وضرورة بقيت بعيدة عن النقاش. وأعرب أحد المشاركين في لقاء إسطنبول عن شعوره بالإحباط لقناة الجزيرة فقال: quot;من لا يتفق مع دولة ديمقراطية مدنية؟، هذا المؤتمر كان بلا جدوى، نحن لسنا بحاجة إلى مثل هذا المؤتمر، ولسنا مضطرين لتحمّل نفقته وتكاليفه لينتهي ببيان كهذاquot;.
لكن الصحيفة اعتبرت أن المشكلة الأساسية ليست في ما تضمنه البيان، بل في أن المعارضة عاجزة عن الاتفاق حتى على الأساسيات.
التعليقات