سوريون في الأردن يتظاهرون ضد بشار الأسد

يروي السوريون اللاجئون في الأردن حكاية هربهم الشاقة من العنف والقمع. ودخل أكثر من 90 ألف سوري إلى المملكة بشكل قانوني وغير قانوني هربًا من الأوضاع في بلادهم. ورحّبت الحكومة الأردنية بـ laquo;الضيوفraquo; وتركت مسؤولية رعايتهم للعديد من المؤسسات و الجمعيات الخيرية.


عمان: لم يكن باستطاعة إحدى الأمهات السوريات في رحلة هروبها الشاقة مع أولادها الأربعة من سوريا الى الأردن أن تصرخ لمناداة اثنين من أولادها اختفيا فجأة في عتمة الليل خوفًا من إطلاق النار عليها.

وتشرح المرأة التي طلبت عدم الكشف عن اسمها بان المهربين حذروا كافة العائلات التي تسعى إلى المغادرة من مغبة إصدار الأصوات وطالبوهم بالبقاء صامتين. وتقول quot;عندما سألت لماذا؟ قال لي أحد الرجال وهو يشير الى التلال بأن الجيش السوري موجود هناك وان سمعوا صوتا سيطلقون علينا النار ببساطة وستقتلون جميعاquot;.

وفي طريق الهرب فزعت المرأة (32 عاما) بعد ان اكتشفت بان اثنين من اولادها الاربعة اختفيا وليسا بالقرب منها. وتروي انها عندما عادث للبحث عنهما وجدتهما مذعورين وصامتين وملابسهما عالقة بالاسلاك الشائكة وبعدما خلصتهما اكتشفت انهم ابتعدوا عن الجميع.

وفجاة ظهر جنديان quot;ظننت في البداية أنهما سوريان. اقترب احدهما وقال لي دعيني آخذ الاولاد ولكنني رفضت وفكرت وقتها بانه حتى لو قتلوني فلن اسمح لهما بقتل اولاديquot;. وعلى الرغم من قيام الجنديين باستخدام ضوء الهاتف النقال لإضاءة الشارة الاردنية على ملابسهما العسكرية فإنها لم تصدقهما.

وتضيف quot;سألني أحدهما هل انت خائفة لهذه الدرجة من الجيش السوري؟quot;. الاجابة كانت نعم بالنسبة للمرأة التي اختفى زوجها قبل نحو اربعة اشهر بعد احتجازه لمشاركته في التظاهرات في مدينة درعا مهد الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في منتصف اذار/مارس 2011 ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

وتبعد درعا نحو اربعة كيلومترات عن الحدود الاردنية. وأمضت المرأة أشهرا وهي تنتقل من بيت لآخر بصحبة اطفالها لتجنب الهجمات في المدينة ولكنها بدأت تتلقى تهديدات بالقتل والاغتصاب في مكالمات هاتفية من ارقام مختلفة من بينها رقم هاتف زوجها النقال.

وبعد هجوم ادى الى تدمير منزلها قررت الرحيل قائلة quot;ادركت ان هذا لن يتوقف ابدا وانهم سيستمرون بتهديد كل من يشارك في الاحتجاجاتquot;. وبعد ان باءت كل محاولاتها في الحصول على جوازات سفر للذهاب الى الاردن بالفشل قررت المرأة الاستعانة بمقاتلين في مدينتها يقومون بتهريب السكان الى الخارج.

وقال وزير الخارجية الاردني ناصر جودة ان اكثر من 90 الف سوري دخلوا المملكة بشكل قانوني وغير قانوني هربا من الاوضاع في سوريا.

ومن جهتها، رحّبت الحكومة الأردنية بهدوء quot;بالضيوفquot; السوريين وتركت مسؤولية رعايتهم للعديد من المؤسسات و الجمعيات الخيرية الخاصة كجمعية الكتاب والسنة الاسلامية التي ترعى المراة السورية.

وتدفع الجمعية ايجار شقة متواضعة في عمان تقيم فيها المرأة مع عائلات لاجئة اخرى. وتوفر الجمعية سكنا للاجئ سوري اخر يدعى سامر يبلغ من العمر 16 عاما هرب من بلدة معضمية الشام قرب دمشق في اوائل الشهر الحالي بعد ان سمع بانه استدعي للتجنيد.

ويقول سامر quot;لا اريد ان اكون جزءا من جيش يقوم بقتل شعبه فالخائن فقط يقتل شعبه وسمعت بانهم سيقومون باستدعائي وقررت فورا باني لن انضم للجيش ولذا هربتquot;. ولجأ سامر مع مجموعة صغيرة تسعى للخروج من سوريا الى شبكة مهربين ساعدت على نقلهم الى درعا وبعدها الى الحدود الاردنية.

واشار سامر quot;سافرنا من بلدة لأخرى وانتقلنا من سيارة لاخرى وكانت عملية صعبة جدا بسبب وجود العديد من نقاط التفتيشquot;. واضاف quot;في احدى النقاط كنا بعيدين نحو 100 متر عن جنود سوريين ولم نكن ندرك قربنا منهم.الله حماناquot;.

ويمضي ابو شادي وهو رفيق سامر في السكن وابن بلدته الذي دخل الاردن العام الماضي، يومه متتبعا التطورات في سوريا عبر التلفزيون والانترنت. ويوضح الرجل الذي يقول انه من اوائل الناس الذين انضموا إلى الاحتجاجات الشعبية في منطقة دمشق وشارك في التظاهرات quot;لا استطيع التوقف ولو للحظة عن التفكير في سوريا ولا استطيع ان اعيش في مكان اخر فهناك حياتيquot;.

أما المرأة فترغب في ان تنسى بلدها وتترك وراءها ذكريات تصفها بالمؤلمة وتشير الى انها التقت رجلا كان مسجونا مع زوجها أخبرها بانه ما زال على قيد الحياة ولكنه يعاني اصابتين بالرصاص. وتحاول المرأة التي تقول إنها تصلي من اجل زوجها بناء حياة جديدة لها ولاولادها قائلة quot;اريد ان احاول نسيان كل ما حدث في سوريا.اريد ان امحو اثنين وثلاثين سنة من حياتيquot;.