بغداد: اطلقت القوات الاميركية بدخولها بغداد في نيسان/ابريل 2003 تمردا سنيا شيعيا قاتلها لسنوات الا انه في الذكرى التاسعة لسقوط العاصمة تغير العدو الرئيسي للمتمردين السنة واصبحت ايران هي الهدف.
في مقابل ذلك، وجدت الميليشيات الشيعية نفسها بعد الانسحاب الاميركي قبل نحو اربعة اشهر، دون عدو حقيقي لتقاتله، فعادت لتنخرط بالعملية السياسية التي يقودها الشيعة منذ الاجتياح بعدما هيمن عليها السنة لعقود.
ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حميد فاضل لوكالة فرانس برس ان quot;في العراق حاليا صراعا بين ارادتين متناقضتين، وسط سعي لدى بعض الجماعات المسلحة لان تحافظ على وجودها من خلال البحث عن نظرية العدوquot;.
ودخلت قوات من مشاة البحرية الاميركية وسط بغداد في التاسع من نيسان/ابريل 2003 واسقطت اكبر تماثيل صدام حسين في ساحة الفردوس، ليسقط معه نظام حكم بيد من حديد لسنوات طويلة.
وتحول بعدها العراق الى ملاذ للجماعات quot;الجهاديةquot; وحقلا لاسوأ اعمال العنف على ايدي ميليشيات سنية وشيعية رات في الاجتياح فرصة تاريخية لترسيخ موطئ قدم لها في دولة محورية مثل العراق.
وخاضت هذه المنظمات المسلحة، وعلى راسها تنظيم القاعدة وجيش المهدي، مواجهات ضارية مع القوات الاميركية حتى انسحابها العسكري التام من البلاد نهاية 2011.
الا ان هذه الفصائل تقاتلت فيما بينها ايضا في اطار صراع مذهبي دام، وسط اتهامات من قبل الجماعات السنية للحكومة بتنفيذ اجندة ايرانية، وهو المبرر الذي تتخذه هذه الفصائل اليوم لشن هجمات ضد المؤسسات الحكومية والعسكرية.
واصدر المكتب السياسي للجماعة الاسلامية في العراق بيانا لمناسبة مرور تسعة اعوام على سقوط النظام حمل عنوان quot;سنقاتل ايران بكل قوة كما قاتلنا اخوانهم الامريكانquot;.
وجاء في بيان الجماعة السنية المسلحة الذي نشر على مواقع اسلامية ان القوات الاميركية تركت البلاد quot;مرغمة لمحتل اخبث وانجس منها هو المحتل الفارسي الطامع الجبان، فقد بات من الواضح وبما لا يقبل الشك ان ايران تحتل العراق عن طريق عملائها الخونةquot;.
وتابع البيان quot;ان كنا اعددنا لامريكا مرة فسنعد لايران عشرات المرات، سنقاتل ايران بكل قوة كما قاتلنا اخوانهم الامريكان وحلفاءهم ولن تكل سواعد الرجال ولن تضعف العزائم ولن نستكينquot;.
بدورها اكدت جماعة quot;راية الحق والجهادquot; انها ماضية quot;في قتال العدوquot;، ودعت الله الى ان ينصرها على quot;امريكا واذنابها من الصفويينquot;، في اشارة الى الشيعة.
كما دعت جماعة quot;كتائب جهاد المرابطينquot; في بيان للمناسبة ذاتها الله quot;الى ان يمنَّ علينا بنصر آخر على اذناب الاحتلال وعملائه المتمثلين في حكومة باعت نفسها للمحتل وانكشفت اكاذيبهمquot;.
واصدر تنظم دولة العراق الاسلامية، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، بيانين اعلن فيهما ان عناصره شنوا 195 هجوما بين 28 كانون الاول/ديسمبر و24 شباط/فبراير في المناطق الشمالية من العراق استهدف معظمها الجيش والشرطة quot;الصفويينquot;.
واعتبر الامين العام لهيئة علماء المسلمين حارث الضاري في رسالة وجهها الى العراقيين ان العراق quot;واقع تحت احتلالين اجنبيين قاسيين ومرفوضين: الاحتلال الاميركي والاحتلال الايرانيquot;.
وذكر ان العراق quot;تحكمه حكومة معينة من قبلهما ومدعومة منهما وهي حكومة: اقصائية، ظالمة، ومستبدة، لا يهمها الا الحكم، ومصالحها الفئوية الضيقة، ومصالح اسيادها في واشنطن وطهرانquot;.
ويرى فاضل ان quot;لهذه المسالة بعد اقليمي حيث ان معظم الجماعات التي تصور ايران على انها عدو قد تكون مرتبطة بدول اقليمية تتعارض سياساتها مع ايران، او بحزب البعث المنحل الذي يرفض العملية السياسيةquot;.
وظهر نائب الرئيس العراقي السابق عزة الدوري للمرة الاولى منذ اجتياح البلاد في رسالة مصورة انتشرت في ذكرى تاسيس حزب البعث على مواقع الانترنت مساء السبت، حذر فيها من quot;المشروع الايرانيquot; في العراق.
وقال الدوري الهارب ان quot;العملية السياسية قد نفذت بالكامل اليوم لايران، وهي تنفذ اخطر مشروع للفرس بهدف ابتلاع العراق ثم تدمير الامةquot;.
وفي مقابل هذا التوجه، تميل الجماعات الشيعية المسلحة نحو الانخراط بالسياسة، رغم انها تحتفظ باسلحتها.
وجماعة quot;عصائب اهل الحقquot; هي آخر الفصائل الشيعية التي اعلنت انخراطها بالعملية السياسية في كانون الاول/ديسمبر، علما ان التيار الصدري الذي يعتبر جيش المهدي جناحه المسلح وخاض حربين ضارتين مع الاميركيين، يتمثل في البرلمان والحكومة.
وقال النائب عن التيار الصدري جواد الحسناوي لفرانس برس ان quot;يوم سقوط صدام هو نقطة تحول في البلاد من الديكتاتورية الى الديموقراطية الحقيقية حيث صار الاسلام هو المصدر الاول للتشريعquot;.
واضاف quot;العدو الاول للتيار الصدري الان، وبحسب ما قال السيد (مقتدى) الصدر، هو الفساد والبطالة والدكتاتوريةquot;.
التعليقات