اعتقال ابنة رئيس الوزراء القطري في لندن. انقلاب يقوم به قائد الجيش القطري على الأمير. إقالة رئيس الوزراء حمد بن جاسم. هذه كلها قصص كاذبة بالطبع. ولكنّ النظام السوري حاول تسويقها بفضل مجموعة من القراصنة الالكترونيين الموالين، من بين أطراف أخرى.
كان ما يُسمّى الجيش الإلكتروني السوري، وهو مجموعة من القراصنة الالكترونيين الذين يغرقون فايسبوك وتويتر بالرسائل المؤيدة للنظام، اخترق يوم الاثنين حساب قناة quot;العربيةquot; الفضائية على تويتر ودسّ نبأ إقالة رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم.. وعندما سارعت العربية الى الإعلان بأن شبكاتها الاجتماعية تعرضت للاختراق، بث القراصنة أنباء عن وقوع انفجار في حقل غاز قطري.
وتأتي الحرب الالكترونية ضد قطر في إطار محاولات متزايدة يقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد لتصوير الانتفاضة ضد حكمه على أنها صراع جيوسياسي تخوضه ممالك خليجية ثرية عقدت العزم على تدمير سوريا وليست حملة بطش لإخماد ثورة شعبية.
ويرى مراقبون أن الصراع الإقليمي صراع حقيقي الى حدّ ما. فإن السعودية وقطر، اللتين كانتا لفترة طويلة قوتين إقليميتين متنافستين، اتخذتا موقفًا موحدًا من سوريا وهما الأشد حزما الآن في مواجهة الأسد. وإن إسقاط النظام السوري، حليف إيران الرئيس في العالم العربي، سيغيّر ميزان القوى في الشرق الأوسط لصالح ممالك الخليج السنية، على حد تعبير صحيفة فايننشيال تايمز.
وجاهرت الدوحة والرياض بالدعوة الى تسليح المعارضة السورية في مجهود من المرجح أن يتصاعد إذا فشلت مهمة المبعوث الأممي العربي كوفي أنان في التوصل الى حلّ سلمي للأزمة السورية. ولم يخف المسؤولون القطريون شكوكهم في جدوى مهمة انان قائلين إنهم يتوقعون أن يستغلها الأسد لا أن يلتزم ببنودها.
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن محلل سياسي قالت إنه قريب من دوائر صنع القرار في الدوحة quot;ان هذه معركة حتى الموت الآن وان القطريين لن يتهاودوا في محاولة التخلص من الأسدquot;.
ومن وجهة نظر دمشق، فإن قطر تبدو هدفا أسهل من السعودية ربما لأنها دولة عربية أصغر، كثيرا ما كان جيرانها يرون أن سياساتها الخارجية سياسات مثيرة للجدل، بحسب فايننشيال تايمز.
ويعمل الموالون لنظام الأسد على ترويج نظرية المؤامرة القائلة إن ما يجري في سوريا ليس انتفاضة بل عدوان بتحريض قطري هدفه السيطرة على البلد وضمان وصول قطر الى البحر المتوسط منفذا لصادراتها من الغاز.
وقال المحلل السياسي السوري المقيم في دبي سمير الطاقي quot;إن هذه واحدة من الخرافات التي يفبركها النظام مدّعيا أن قطر تريد أن تمدّ أنبوب غاز عبر الأراضي السورية ولكنّ بشار رفض ذلكquot;. وأضاف الطاقي quot;ان النظام السوري يطلع بهذه النظريات لتبرير بطشهquot;.
ويقول محللون إن النزاع بين سوريا وقطر يزداد ضراوة لأنه أصبح نزاعا شخصيا ايضا تشتبك فيه عائلتان بعدما كانتا صديقتين، مشيرين الى أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني كان من أكبر مساندي الأسد مقدما له الدعم الدبلوماسي ومشجعا الاستثمار في سوريا.
وفي حين برزت الدوحة نصيرة للانتفاضات العربية منذ العام الماضي، فإنها اتخذت موقفا حذرا عندما اندلعت الانتفاضة السورية في آذار/مارس 2011. وكان الأمير أول من أشار على الأسد بأن يجري إصلاحات سياسية تطفئ الحريق.
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن سلمان شيخ المحلل في مركز بروكنز الدوحة quot;ان القطريين كانوا هادئين بوعي في الشهرين الأولين من الانتفاضة وشعروا ان بشار هو الرجل المناسب لقيادة سوريا الى حقبة مختلفة ولكنهم خلصوا الى انه كذاب كبيرquot;. واضاف شيخ ان الكثير مما يقف وراء السياسة القطرية هو quot;خيبة أمل مريرةquot;.
وتبدت العلاقة بين قطر وسوريا في رسائل إلكترونية مسربة نشرتها مؤخرا صحيفة الغارديان البريطانية. وهي تضم على ما يُفترض رسائل متبادلة بين الشيخة مياسة آل ثاني، ابنة امير قطر، واسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري، تصور الاثنتين صديقتين يزداد التباعد بينهما.
وتنصح الشيخة مياسة في احدى الرسائل اسماء الأسد بأن تقنع زوجها بالتنحي وتشير الى ان قطر مستعدة لاستقبالهما. وتنقل صحيفة فايننشيال تايمز عن الرسالة quot;ان والدي يعتبر الرئيس بشار صديقا رغم الاحتقانات الحالية وكان دائما يقدم له نصيحة صادقة، وقد ضاعت فرصة التغيير والتطور الحقيقيين منذ زمن طويل. ومع ذلك، فعندما تفوت فرصة تتوفر فرص أخرى، وآمل ألا يكون الوقت فات للتفكير والخروج من حالة الانكارquot;.
التعليقات