سوريون في مخيم للاجئين في تركيا

أبدت تركيا قلقها من تدفق النازحين السوريين إلى أراضيها وناشدت المجتمع الدولي المساعدة، لكن في مخيم اللاجئين الذي يقع في محافظة كيليش نرى أنه يضم مسجدين وثلاث مدارس وسوقًا صغيرة ما يؤشر إلى أنّ أنقرة تهيّئ نفسها لأزمة سورية مديدة.


لندن: وقف مصطفى ابن الثمانية عشر عامًا بجانب مخيم اللاجئين حيث نقلت القوات التركية عائلته قبل أسبوعين، على بعد أمتار فقط من الحدود السورية ولكنه قلّما شعر بمثل هذا البُعد عن وطنه.

وقال مصطفى quot;ان ظروف المخيم افضل هنا ولكن في مكاننا السابق كنا نستطيع أن نأتي ونذهبquot; عبر الحدود بلا عناء. واضاف quot;ان العبور اصعب بكثير هناquot;.

ويقع المخيم نفسه في محافظة كيليش ويضم مسجدين وثلاث مدارس وسوقًا صغيرة في مؤشر إلى أنّ أنقرة تهيّئ نفسها لأزمة سورية مديدة. فان الانتفاضة التي انفجرت ضد نظام الرئيس بشار الأسد مستمرة منذ اكثر من عام وكلفت حتى الآن اكثر من 9000 قتيل.

وكانت تركيا أبدت قلقها في السابق من تدفق النازحين السوريين إلى أراضيها وناشدت المجتمع الدولي مؤخرًا المساعدة في تحمل عبء اللاجئين.

وتساءل رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان quot;ماذا لو وصل العدد الى 100 الف؟quot; وكان ذلك الشهر الماضي حين بلغ العدد نحو 25 ألف لاجئ. وقال إردوغان إن ليس بالإمكان بناء quot;مدن حاوياتquot; بعد مجيء اللاجئين ويتعين اتخاذ اجراءات قبل ذلك.

ويضم مخيم كيليش الذي لم يكتمل حتى الآن أكثر من 9000 لاجئ ليكون بذلك أكبر المخيمات في تركيا وسيتمكن من استيعاب 12 الف لاجئ في وقت قريب. وستكون تركيا قادرة على استقبال 42 الف لاجئ في هذا المخيم والمخيمات الأخرى وهو رقم تقول أنقرة إنها تستطيع أن ترفعه بسرعة إذا دعت الحاجة.

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن مسؤول تركي في المخيم أن انقرة لا تتوقع ان يبقى اللاجئون في اراضيها. ولكنه اضاف quot;إذا استمرت هذه الاشتباكات وهذه النزاعات فإن هذا يعني استمرارهم في العيش هنا وعلينا ان نكون مستعدين لهذا السبب تحديداquot;.

ومرّ زمن بدت انقرة واثقة من رحيل الأسد الوشيك. ولكن مستشار اردوغان لشؤون السياسة الخارجية ابراهيم كالن كتب الاسبوع الماضي في تعليق صحافي quot;بما أن التدخل العسكري ليس خيارًا مطروحًا فان سوريا عالقة في حالة جمود وتقف على شفير حرب اهلية باهظة الثمن ومديدةquot;.

كما يبدي كثير من سكان المخيم تشاؤمهم بآفاق تطور الوضع. وقال طاهر وهو لاجئ فلسطيني كان يعيش في سوريا قبل ان يغادر اللاذقية هربا من حملة النظام ليصبح لاجئا مرتين وهو لم يزل في الثلاثينات من العمر quot;ان اللاجئين السوريين سيكونون توائم الفلسطينيينquot;.

وتخشى انقرة من ان تزداد مشكلة اللاجئين على المدى البعيد تعقيدا بمعضلات آنية ذات طابع أمني. وتحاول تركيا تقليل احتمالات وقوع حوادث حدودية بنقل آلاف من أماكنهم الى جزء من المنطقة الحدودية أقل انفتاحا. ويقدر المسؤولون الاتراك أن نحو 80 في المئة من اللاجئين هم من اقليم ادلب و15 في المئة من اللاذقية.

ونقلت عائلة مصطفى ذي الثمانية عشر عاما في اطار خطة لترحيل جميع اللاجئين من مخيمات في إقليم هاتاي القريب من ادلب واللاذقية الى مناطق أبعد. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن المسؤول التركي quot;ان ذهابهم وايابهم [عبر الحدود] كثيرا ما يسبب مشاكل لأمنهم وأمنناquot;.

وكانت محافظة كيليش مسرح حوادث دامية هذا الشهر عندما توفي سوريان متأثرين بجروحهما بعد محاولة لعبور الحدود وأُصيب تركيان وعدة سوريين آخرين في المخيم برصاصات طائشة. واشار اردوغان إلى أنّه قد يطلب استشارة حلف شمالي الأطلسي بشأن تسلسل الأحداث.

ويرى مراقبون ان نقل اللاجئين من اقليم هاتاي اجراء منطقي لأن المخيمات ستكون قادرة على استقبال موجة جديدة من النازحين ولأن اللاجئين السوريين الذين غالبيتهم من العمال أثاروا استياء البعض من اهل المنطقة. وبحسب العديد من سكان المنطقة الحدودية، فإن آلافا من افراد الطبقة الوسطى السورية ايضا هربوا الى تركيا ولكنهم ليسوا في المخيمات ولا تشملهم الاحصاءات الرسمية.

ولكن تركيا باجراءاتها هذه تجعل من الأصعب على خصوم النظام السوري ان يعودوا الى بلدهم حتى في وقت تدعو دول مثل السعودية الى تسليح المعارضة. ولكن هناك اسباب للتروي وضبط النفس لأن تركيا التي تمتد حدودها على 900 كلم مع سوريا، تدرك ان دمشق قادرة على ان تثير لها متاعب بطرق ليس اقلها استضافة مسلحي حزب العمال الكردستاني.

في غضون ذلك يواجه مصطفى وآلاف غيره في المخيم احتمال اقامة طويلة في تركيا لا تقطعها إلا رحلة الى البلدة التركية مرة أو مرتين في الاسبوع. وقال مصطفى ان المخيم مكان مناسب للعائلات النازحة ولكن الاقامة فيه صعبة على شاب مثله. واضاف quot;ما لم نحصل على سلاح نقاتل به سنبقى هنا إلى أن يرحل بشار الأسدquot;.