تسيطر حالة من الغضب على النساء القبطيات في مصر، بسبب مطالبة الأنبا بيشوي إياهن بالإقتداء بالمسلمات في الإحتشام، لاسيما أن بيشوي يعتبر أحد رموز الكنيسة القبطية، وأحد أبرز المرشحين للمنصب البابوي. وردت القبطيات بالتظاهر أمام المقر البابوي، إحتجاجاً على تصريحات بيشوي، التي تحمل quot;إهانة للمرأة المسيحيةquot;، وquot;مغازلة للتيارات الإسلاميةquot; على حسابهن.


الأنبا بيشوي

صبري حسنين من القاهرة: قال الأنبا بيشوي، سكرتير المجمع المقدس: quot;ممكن أن تزعلالمسيحيات مني، لكن العذراء مريم، والقديسة دميانة، والراهبات، يرتدين الملابس المحتشمةquot;. وأضاف أثناء الاحتفال بالذكرى السنوية للشهيدة quot;دميانةquot;:quot; أدعو الفتيات المسيحيات إلى الإقتداء بالمسلمات في الإحتشامquot;.

نظرة دونية
أثارت تلك التصريحات عاصفة من الغضب في أوساط المسيحيات، كونهاتحمل نظرة دونية إليهن، وتظاهر العشرات منهن بمشاركة أبائهن وبعض الشباب أمام مقر الكاتدرائية في القاهرة، ورفع الجميعلافتات تؤكد أن الأخلاق ليست مرادفاً للملابس، ومنها quot;لا لإهانة المرأة القبطيةquot;، quot;المرأة القبطية مثال للكرامة والعفة والطهارةquot;، quot;المرأة القبطية ليست أداة لتحقيق مصالح سياسيةquot;، quot;كرامة المرأة المصرية لا تتدخل في السياسةquot;، quot;المرأة القبطية تطالب بالاعتذارquot;.

شارك في المظاهرات رجال أقباط أيضاً، وطالبوا الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريرك بالتدخل، إجبار الأنبا بيشوي على الإعتذار، وهتفت المتظاهراتquot;أنبا باخوميوس ساكت ليه.. هو أنا مش بنتك ولا إيهquot;، quot;لا للوهابية داخل الكنيسة القبطيةquot;، quot;لا للمزايدة على البنت المسيحيةquot;، quot;بنات مصر خط أحمر..القبطيات خط أحمرquot;.

قديسات ومحتشمات
من جانبه، أصدر الأنبا بيشوي بياناً، أكد فيه على إحترامه للمرأة القبطية، وقال: quot;أحب أن أؤكد أن بناتنا من السيدات والآنسات هنّ قديسات ومحتشمات، حسب وصايا بولس الرسول وبطرس الرسول quot;أن يزين ذواتهن بلباس الحشمةquot; إلى النقاوة الداخلية والعفة القلبية التي يتحلين بها بالفعلquot;.

وأضاف: quot;المرأة المسيحية تغطي رأسها أثناء الصلاة، خاصة في القداديس الإلهية وعند التناول من الأسرار المقدسة، وهي تتمثل بالسيدة العذراء القديسة مريم والشهيدة العفيفة دميانة المحبوبتين جدًا لديها، وطلبنا ونطلب من الحضور في احتفالات القديسة دميانة مراعاة ذلك باستمرار، خاصة من الحضور في الكنيسةquot;.

وتابع: quot;نؤكد على بناتنا من السيدات والآنسات أن يتزين بزينة quot;الروح الوديع الهادئ العديم الفسادquot;، حسب الوصية الرسولية في العهد الجديد، وهو ما يجعل المرأة المسيحية في مصر والبلاد الشقيقة وفي بلاد المهجر قدوة لكل النساء المسيحيات في بلاد العالمquot;، وواصل القول: quot;للمرأة في كنيستنا دور إيجابي وواضح في خدمة الكنيسة والبيت والأسرة والوطن نعتز ونفخر به، ونطلب من الرب أن يقودنا جميعًا إلى ما فيه خير كنيستنا وبلادنا وسلام العالمquot;.

السلفية تغزو الكنيسة
رغم توضيح الأنبا بيشوي، إلا أن غضب القبطيات مازال متصاعداً، لاسيما أنه لم يقدم إعتذاراً عمّا بدر منه من تصريحات، وقالت نرمين نعيم صحافية وناشطة قبطية لـquot;إيلافquot; إن تصريحات الأنبا بيشوي تحمل إهانة كبيرة للقبطيات، مشيرة إلى أنه لم يقدم إعتذاراً عنها، بل أرسل توضيحاً للأنبا باخوميوس، أكد فيه ما سبق أن طالب به، حيث يدعو القبطيات إلى الإحتشام أثناء زيارة الأديرة، وتجاهل نصيحته لهن بالإقتداء بالمسلمات.

وأضافت أن أخطر ما في تلك التصريحات هي أنها صدرت من شخصية مثل الأنبا بيشوي، وهو مرشح قوي لمنصب البطريرك، ولا يصح أن تصدر منه تلك التصريحات التي تشير إلى عدم إيمانه بدور المرأة في المجتمع، والنظر إليها النظرة نفسها التي يشاهدها بها السلفيون، مشيرة إلى أن الفكر السلفي الوهابي لم يغزُ المسلمين في مصر فقط، بل طال الكنيسة أيضاً، وأعلنت أن جميع الأقباط يرفضون التشدد.

مغازلة الإسلاميين
فيما ذهبت رانيا سمير مدرسة لغة إيطالية في جامعة القاهرة، وإحدىالناشطات اللواتي دعون إلى الإحتجاج ضد الأنبا بيشوي، إلى أن تصريحاته لها مدلولات سياسية، وقالت لـquot;إيلافquot; إن الأنبا بيشوي لديه رصيد من الأزمات السياسية مع التيارات الإسلامية، مشيرة إلى أنه في ما يبدو فإنه يحاول مغازلتها على حساب القبطيات، لاسيما أنه من أبرز المرشحين للمنصب البابوي.

القبطيات في وقفة إحتجاجية أمام الكنيسة

وأضافت سمير أنه يريد التمهيد لهذا المنصب، الذي صار منصباً سياسياً أكثر منه روحياً ودينياً، ولفتت إلى أن المرأة في مصر بعد الثورة تتعرض لضغوط شديدة، سواء المسلمة أو المسيحية، وأوضحت أن هذه الضغوط تحاول حرمانها من المكتسبات التي حصلت عليها في الماضي بفضل نضالها لعشرات السنين، منوهة بأن التيار المتشدد، سواء المسلم أو المسيحي، في تصاعد مستمر بعد الثورة، وأن كليهما يحاول أن ينظر إلى المرأة على أنها مجرد جسد أو وعاء للجنس فقط، ويحاول كلاهما إثبات قوته من خلال فرض سطوته على الطرف الأضعف في المجتمع، وهو المرأة، لاسيما أن مظاهر فرض السطوة عليها سوف تظهر سريعاً، ولن تكلفه أي مجهود، سوى إصدار تشريع أو فتوى بإرتداء النقاب أو الإحتشام أو حرمانها من العمل أو ممارسة السياسة مثلاً أو حرمانها من المناصب القيادية في الدولة.

علامات إستفهام
فيما وصف الناشط القبطي المستشار نجيب جبرائيل تصريحات الأنبا بيشوي بـquot;المستفزةquot;. وأضاف أن مطالبة الأنبا بيشوي القبطيات الاقتداء بملابس الفتيات المسلمات إنما يعني بمفهوم المخالفة تغليب فئة على أخرى، ونظرة متدنية وغير مقبولة لما ترتديه الفتيات المسيحيات، مع الاحترام والتقدير الكامل لما ترتديه الفتيات المسلمات.

مشيرًا إلى أن تلك التصريحات تعلي من قيمة ارتداء الفتاة المسلمة لملابسها على حساب الفتاة المسيحية، ما يوقر في يقين المسيحيات الخوف والاستجابة إلى مطالب بعض الجماعات الإسلامية المتشددة. وتساءل جبرائيل: لماذا تصدر تلك التصريحات من الأنبا بيشوي الآن، لاسيما أنه أصدر تصريحاً قبله بيوم واحد، مفاده أن الأقباط يعيشون في حماية المسلمين؟.