القاهرة: قال المجلس العسكري في مصر إن قراره السابق بحل مجلس الشعب، والذي ألغاه قرار للرئيس المصري الأحد، كان تنفيذًا لقرار المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الانتخابات، وذلك في أحدث مشاهد quot;المواجهة القانونيةquot; بين السلطات في مصر.

وقال بيان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساء الإثنين، إن قراره السابق الصادر في 15 حزيران (يونيو) جاء وفقًا للصلاحيات التي كان يتمتع بها المجلس، وأنه كان quot;قرارًا تنفيذيًاquot; لحكم المحكمة الدستورية العليا القاضى ببطلان مجلس الشعب منذ انتخابه.

وحكم المجلس العسكري مصر خلال الفترة الانتقالية منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في شباط (فبراير) 2011 وحتى تسليم السلطة للرئيس الجديد محمد مرسي في 30 يونيو/حزيران 2012. وكانت المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية بعض مواد القانون الذي أجريت بمقتضاه انتخابات مجلس الشعب المصري.

ويأتي بيان المجلس العسكري بعد ساعات من صدور بيان عن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية قال فيه إن قرار الرئيس محمد مرسي الأحد بسحب قرار حل مجلس الشعب يمثل ممارسة طبيعية لسلطات الرئيس، ولا يتعارض مع قرار المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الانتخابات.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي، في بيان الإثنين، إن قرار مرسي بسحب قرار حل مجلس الشعب وإصدار قرار جديد بانعقاده لحين إجراء انتخابات برلمانية جديدة، لا يتعارض مع قرار المحكمة الدستورية، وإنما جاء لتنفيذه، مؤكدًا أنه ليس هناك أي منازعة بين رئاسة الجمهورية مع القضاء.

ويقضي قرار مرسي بعودة عمل البرلمان وممارسة اختصاصاته وإجراء انتخابات مبكرة للمجلس خلال 60 يومًا من تاريخ المصادقة على الدستور الجديد ووضع قانون جديد لانتخاب أعضاء البرلمان.

وفي تأكيد على أن سلطة الرئيس أصبحت فوق سلطة المجلس العسكري قال علي إن قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل مجلس الشعب quot;كان قرارًا سياديًا بطبيعته، والقرار الجمهوري اللاحق هو قرار سيادي كذلك، أي أن كلا القرارين يعتبران من أعمال السيادة، وقد صدر كل منهما بالأداة القانونية السليمة وتقدير مختلف للملاءمة يملكه مصدر القرارquot;.

وأضاف بيان رئاسة الجمهورية: quot;إذا كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو رئيسه قد أصدر قرارًا بحل مجلس الشعب استنادًا لهذا الحكم (الصادر عن المحكمة الدستورية العليا)، فإن ذلك لا يحول دون صدور قرار من رئيس الجمهورية المنتخب بسحب القرار الأول وإصدار قرار جديد لا يخالف ولا يناقض حكم المحكمة الدستورية وإنما يقضي بتنفيذه خلال أجل محددquot;.

كان المجلس العسكري الحاكم قد عقد اجتماعًا طارئًا الأحد في أعقاب قرار مرسي بإعادة عمل البرلمان، وهو الاجتماع الذي شهد توترًا شديدًا بين أعضائه، حسبما كشف مصدر عسكري مطلع في تصريح خاص للأناضول.

وقال المصدر إن أحد أعضاء المجلس طالب بإصدار بيان يرفض قرار مرسي، وهو الاقتراح الذي لم يتحمس له المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس، والفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة، بحسب المصدر.

وكشف المصدر أن أحد الأعضاء فاجأ الجميع برفضه دخول المجلس في صدام مع أول رئيس منتخب لمصر بعد ثورة يناير 2011، ووجّه حديثه لباقي الأعضاء قائلا: quot;التاريخ لن يرحمكم، فالرئيس هو صاحب الشرعية الوحيدة والمجلس العسكري مارس دورًا سياسيًا اضطراريًا لحماية البلاد من الأخطار الداخلية والخارجية، وليس من الحكمة بمكان الدخول في صراع سياسي، على أن تترك للمؤسسات القانونية بحث الأمرquot;.

وينظر القضاء المصري، الثلاثاء، العديد من القضايا التي تطعن على قرار مرسي بإعادة عمل البرلمان، في مؤشر على أن الصراع السياسي بين السلطات قد انتقل إلى ساحات القضاء. وفي أول رد فعل لها على قرار مرسي قالت المحكمة الدستورية العليا، الإثنين، إن أحكامها نهائية وغير قابلة للطعن، وquot;ملزمة للجميع، ومن المستحيل التراجع عنهاquot;، في إشارة إلى حكمها السابق ببطلان قانون انتخابات المجلس، وهو ما ترتب عليه حله بقرار من المجلس العسكري الحاكم.

وقالت المحكمة، في بيان أصدرته بعد اجتماع لجمعيتها العمومية عقب صدور قرار مرسي، إنها ستنظر في المنازعات التنفيذية المقامة أمامها ضد قرار رئيس الجمهورية. ووصف رئاسة الجمهورية بيان المجلس العسكرى وبيان المحكمة الدستورية بـquot;بيانات موضوعية وهادئةquot;.

وتنظر المحكمة الثلاثاء في 25 دعوى قضائية تطالب بوقف تنفيذ القرار الجمهوري بعودة مجلس الشعب للانعقاد. وينعقد مجلس الشعب في أول جلسة له الثلاثاء بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثة أسابيع منذ صدور قرار المجلس العسكري بحل البرلمان.

وقررت الأمانة العامة لمجلس الشعب تقديم موعد جلسة الثلاثاء إلى الساعة العاشرة صباحًا بدلا من الثانية عشرة ظهرًا بدون ذكر أي أسباب، فيما يعد مؤشرًا إلى أن رئاسة المجلس أرادت الانعقاد مبكرًا قبل أي أحكام قضائية محتملة بشأن قانونية عودته.

من جانبه، قال المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة في مصر، إن quot;النادي سيمهل الرئيس مرسي 36 ساعة لسحب قراره بإعادة مجلس الشعب، وتقديم اعتذار للقضاة والشعب عن تحديه للسطلة القضائية بمخالفة قرار المحكمة الدستورية العلياquot;، مهددا باتخاذ quot;قرارات أخرى ستكون أشد إيلاما سيتم الإعلان عنها في حينهquot;.

ودعا الزند، خلال مؤتمر صحفي عقده مساء اليوم، مرسي إلى القسم لمرة رابعة على أنه لم يكن يقصد إهانة القضاة، مطالبا الرئيس بالتعهد بعدم التعدي على الدستور مجددا. وأضاف موجها حديثه لأعضاء مجلس الشعب: quot;العار سيلاحقكم أنتم وأبناءكم بتهمة القفز على الدستورquot;، مشيرا إلى أن القضاة لن يطبقوا قانون السلطة القضائية المنتظر صدوره عن مجلس الشعب.

ومن جانبها، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، الإثنين، أنها ستشارك في مظاهرة مليونية بميدان التحرير، بوسط العاصمة المصرية القاهرة، دعمًا لقرار مرسي بإعادة البرلمان. وتجدر الإشارة إلى أن مرسي كان رئيسًا لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، قبل أن يستقيل من الحزب والجماعة في أعقاب فوزه في انتخابات الرئاسة.