لعبت شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت، دوراً بارزاً في الانتفاضة السورية وكسرت هيمنة الإعلام الحكومي القائمة منذ عقود، لكنها ساعدت الحكومة السورية على قمع الناشطين وتتبع أنشطتهم.


دمشق: رغم قرار الحظر الذي فرضته على مدار سنوات حكومة الرئيس بشار الأسد على المواطنين السوريين في ما يتعلق باستخدام مواقع إلكترونية منها فايسبوك ويوتيوب ومواقع تواصل اجتماعي أخرى، إلا أنه ومع اجتياح موجة الربيع العربي كافة أنحاء المنطقة مطلع العام الماضي، حدث شيء غريب، وهو سماح سوريا المفاجئ بعودة عمل تلك المواقع التي بزغ دورها في الانتفاضات الشعبية في دول عربية أخرى.

ورغم غرابة قرار كهذا، إلا أنه لم يبدُ كذلك بالنسبة لخبراء متخصصين في الشأن الإلكتروني وناشطي حقوق الإنسان، حيث أكدوا أن إعادة تلك المواقع جاءت لكي تسهل على السلطات تعقب الأشخاص وتحديد من يقفون ضدهم، وذلك من خلال تحديد حركة الحواسيب وزيارات المستخدمين لمثل هذه المواقع أو خداع الزوار عن طريق الضغط على روابط بغيضة تحمل برامج تجسس على أجهزة الحواسيب الخاصة بهم.

وبدرجة تفوق ما حدث في ليبيا ومصر أو ربما أي دولة أخرى في العالم العربي، نجحت الحكومة السورية في قلب استخدام الناشطين للأدوات الرقمية ووسائل الإعلام الاجتماعي لصالح النظام، وفقاً لما ذكره خبراء إلكترونيون معنيون بالشأن السوري.

ووجد تقرير حديث أن صفحة quot;الثورة السوريةquot; على فايسبوك، التي تم إنشاؤها في آذار/ مارس عام 2011، جمعت 41 ألف مشترك في غضون بضعة أيام قليلة، حتى ارتفع هذا العدد إلى 138 ألف مشترك بعد مرور أسابيع قليلة.

الانترنت ساحة صراع بين الأسد ومعارضيه

لكن تكرار إنشاء مثل هذه الصفحات ربما يشكل مخاطر محتملة وربما يكون تعليمياً أو تحفيزياً.

وفي دراسة جديدة نشرت الشهر الماضي من جانب مؤسسة ميديابوليسي دوت أورج البحثية في لندن، قال أمجد بيازي وهو باحث سوري يقيم في العاصمة البريطانية:quot; لعبت شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت، والتي يمكن لأي شخص استخدامها من منزله، دوراً بارزاً في الانتفاضة السورية وكسرت هيمنة الإعلام الحكومي القائمة منذ عقود، لكنها ساعدت الحكومة السورية على قمع الناشطينquot;.

فمع بدء إطلاق الرصاصات والقنابل، بدأت تنقلب وسائل الإعلام الاجتماعية المفضلة لدى المعارضين ضدهم، وتم الكشف عن هوياتهم عبر قراصنة إلكترونيين موالين للحكومة.

وأشارت في هذا الصدد صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية إلى قيام الحكومة في سوريا منذ أشهر عدةبشراء معدات تساعد على التنصت بصورة مركزة على شبكة الإنترنت، في الوقت الذي أصبح فيه تحميل برامج التجسس بشكل مباشر على حواسيب الناشطين هو أحدث أسلحة سوريا الإلكترونية على هذا الصعيد.

وقال خبراء متخصصون في الأمن الإلكتروني إن تلك البرامج الضارة، المتاحة على شبكة الإنترنت، تستخدم بغرض اختراق الحواسيب الشخصية للمعارضين وناشطي حقوق الإنسان، وإعادة إرسال معلومات لأصدقائهم ومعارفهم، وكذلك كلمات مرور.

ومضت الصحيفة تنقل عن ريتشارد زالوسكي، رئيس مركز علوم الأمن والفضاء الإلكتروني الإستراتيجي، الذي يوجد مقره في لندن، قوله :quot; لطالما منع النظام السوري الوصول الى مواقع التواصل الاجتماعي. ومع هذا، حال المنع دون تعقب أثر الناشطين، ولهذا تعامل النظام في نهاية المطاف بإتاحة مواقع مثل فايسبوك ويوتيوب وتويتر. وهي الخطوة التي مكَّنت أجهزة الأمن السورية من شن حربها الإلكترونية الداخلية ضد شعبها وساعدت في تقفي أثر الهويات الخاصة بالناشطينquot;.

وإلى جانب المنتديات الإلكترونية المفتوحة، استخدم الآلاف من السوريين المدونات لشن هجوم مضاد على القيود التي تفرضها الحكومة على التعبير الشعبي، طبقاً لما أبرزته الدراسة التي أجراها بيازي بعنوان quot;حروب سوريا الإلكترونيةquot;.