يتوقف مصير سوريا على نتائج المعركة القائمة بين الجيش السوري وقوات الثوار المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد، لاسيما بعد تصاعد الهجمات من كلا الجانبين في العاصمة دمشق والمركز التجاري للبلاد في مدينة حلب، التي يتصاعد الدخان في أرجائها، بسبب عمليات إطلاق النار والقصف المستمر.


مقاتل من تنظيمات المعارضة يبكي فقدان زميل له يوم أمس في مواجهات مع قوات النظام والجيش الحر في حلب

لميس فرحات: اعتبرت صحيفة الـ quot;غارديانquot; البريطانية أن الخطاب الذي ألقاه الأسد هدف إلى مساندة قواته ورفع روحهم المعنوية، إذ قال إنهم هم الذين يوفرون الحماية للبلاد ضد العصابات الإرهابية الخارجية، وهذا ما رأته الصحيفة بمثابة مؤشر إلى أن الأسد مازال متشبثاً بالحكم، ولا ينوى التنازل عن السلطة.

الاشتباكات التي تشهدها مدينة حلب السورية بين قوات الأسد والثوار، لم تحسم مصير المدينة التي ستقرر مستقبل سوريا، حيث تنتظر المدينة معركة حاسمة مع تعزيز الطرفين لقواتهما، واستمرار الاشتباكات بالقرب من المناطق الحيوية للمدينة، التي كانت تضم في الماضي مركزاً أمنياً مهماً لبشار الأسد.

المعركة عنيفة من أجل السيطرة على أقدم مدينة سورية أصبحت أقرب من أي وقت مضى مع اقتراب القتال من قلب المدينة القديم، ولا سيما وأن الاشتباكات أحرقت المعالم الشهيرة في المدينة التي ستحدد مصير سوريا.

يقول الثوار إنه بعد أسبوعين من القتال المرير، تكاد تكون المدينة - البالغ سكانها 2.5 مليون نسمة ومحور مهم للسلطة- في متناول أيديهم، وأنها تقترب كثيراً من حسم المعركة مع استمرار تدفق تعزيزات الثوار والنظام على المدينة.

وأشارت الصحيفة إلى أن النظام يدافع عن المدينة بنحو 6 آلاف من قواته، إلى جانب أعداد كبيرة من الشبيحة. وتقدمت قوات الثوار من الشمال الشرقي، وحاولت طرد العائلات الموالية للأسد يوم أمس، وفتح الطرق المؤدية إلى وسط المدينة، بهدف تأمين طرق إمداداتهم.

ونقلت الـ quot;غارديانquot; عن محمد كريم، أحد الثوار قوله: quot;إننا نخطط لاستهداف مقر استخبارات سلاح الجو، الذي يضم بين أركانه الكثير من غرف التعذيب التي أمضى فيها كثير من الثوار سنوات طويلة في الحبس الانفرادي والتعذيبquot;. وأضاف: quot;سوف نسعى إلى إطلاق سراح المحتجزين في مبنى المخابرات أولاً ثم ندمّرهquot;.

لكن حسين شميلي، مقاتل آخر من الثوار شدد على أن معركة حلب لن تحسم بسهولة، فالمعركة من أجل هذه المدينة سوف تستمر من ثلاثة إلى ستة أشهر.

مقاتل من الجيش الحر في حي صلاح الدين يطلق الرصاص صوب طائرات النظام

وأشارت الصحيفة إلى أن الرائد أبو محمد الأسمر، أحد الثوار في المدينة، رافق المراسل إلى المكان الذي يحتفظ فيه بالرهائن، بينهم ثلاثة ضباط صغار من الطائفة العلوية ورقيب من الطائفة الشيعية. وقال الأسمر: quot;إننا نعاملهم معاملة الملوك، وسنطلق سراحهم ليعودوا إلى ديارهمquot;.

لا يستطيع أحد من الثوار الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان سقوط نظام الحكم أو استمراره سيحدث فرقاً في حياتهم. ولا يرغبون في نقاش آراء العلويين في المنفى، الذين يعتبرون أن لا أحد (الثوار أو قادة العالم) يستطيع حماية مستقبلهم، في ظل فراغ السلطة الذي من المرجّح أن يتبع نهاية النظام. وقال أحد الضباط العلويين: quot;نحن لا نريد ضمانات. إننا فقط بحاجة إلى السلامquot;.

في وقت لاحق، قال الرائد أبو محمد: quot;نحن على استعداد لمبادلة كل هؤلاء السجناء مقابل واحد من رجالنا. كما إن العلويين سيعودون إلى الجيش حتماًquot;.

وفي الوقت الذي بدأت فيه مواجهة الأسبوع المقبل تلوح في الأفق، يستمر المقاتلون في ضواحي حلب في الاستعداد للمعركة. في الساعات الأولى من صباح يوم السبت، ترك 60 فرداً من الثوار المزودين بالأقنعة والأسلحة التي استولوا عليها من السجناء المدرسة التي كانوا يتجمعون فيها واتجهوا إلى القتال على الجبهة.

وقال الرئيس السوري، بشار الأسد، في بيان خلال الأسبوع الأخير إن المعركة في المدينة ستحدد مستقبل سوريا. quot;هذه أول مرة أوافقه الرأي في ما يقولهquot;، يشير الرائد أبو محمد، مضيفاً أن quot;هذه المعركة مهمة أيضاً بالنسبة إلى بقية دول الشرق الأوسطquot;.