عناصر من الجيش الحر خلال فترة quot;استراحةquot; في أحد أحياء حلب

لأن الحرب في شوارع وأزقة حلب تفرض على الطرفين المتقاتلين التسلل من تقاطع إلى آخر، برزت حرب مخابرات للاستقصاء والمراقبة، عملاؤها السوريون من المدنيين المنقسمين بين جيش نظامي وآخر حر.


حلب: يراقب لواء في الجيش السوري من شقة في غرب حلب على جهاز quot;آيبادquot; تفاصيل خريطة تبث عبر برنامج quot;غوغل ارثquot;، وتظهر فيها كل منازل حي سيف الدولة. وعلى طاولة قريبة، وضعت اجهزة اتصال عائدة لمقاتلين معارضين للنظام يستخدمها اللواء للتنصت على محادثات هؤلاء والبقاء على اتصال مع ضباطه المنتشرين على الارض.

ويقول اللواء في الحرس الجمهوري الذي يتولى العمليات العسكرية في اصعب احياء المدينة لأحد ضباطه quot;تقدم حتى المربع الرابع، لكن لا تطلق النار على يمينك لأنني ارسلت فريقًا آخر من هذه الناحية حتى نحاصرهمquot;.

ويوضح اللواء (53 عامًا) quot;علينا أن نستعيد من الارهابيين القطاعات التي يستولون عليها، وفي الوقت ذاته تجنب تدمير المدينة قدر الامكان والمس بالسكان المدنيين حتى يبقوا الى جانبناquot;.

وفيما كانت القوات النظامية تبادر على جبهات أخرى مثل حمص (وسط) الى القصف قبل نشر القوات الراجلة، فإن الوضع مختلف في حلب، ثاني اكبر المدن السورية، حيث تخوض هذه القوات للمرة الاولى حرب شوارع حقيقية تفرض عليها التسلل نحو منازل وشوارع ومفترقات طرق، على أن يأتي الدعم من الدبابات والمروحيات في وقت لاحق.

ويقول عقيد في حي سيف الدولة: quot;نحن منقسمون الى مجموعات تضم كل منها 40 رجلاً محملين باسلحة رشاشة وصواريخ مضادة للدروعquot;. ويضيف quot;نواجه ارهابيين يستخدمون القنص والتفجيرات، لذا علينا اولا أن نخرجهم من الابنية ثم نفكك المتفجرات حتى نعلن الموقع نظيفًاquot;.

والى جانب الاعمال العسكرية، تبرز حرب المخابرات بين الجانبين اللذين يستعين كل منهما بسكان للتجسس على الطرف المقابل.

ففي حي السيد علي في وسط حلب، يستوقف ثلاثة رجال رجلاً ينقل كيس نفايات، quot;ليعترفquot; سريعًا بأنه يعمل لفائدة المقاتلين المعارضين للنظام ويعطي الرجال الثلاثة سريعاً معلومات عن مواقع quot;قادتهquot; في سبيل أن يعفوا عنه ويخرج سالمًا.

وارسل الجيش السوري منذ بداية اب/اغسطس الى حلب قواته الاكثر كفاءة أي الحرس الجمهوري لتولي العمليات في الغرب، والقوات الخاصة في الوسط. وقد استولت القوات الخاصة مؤخرًا على حي الجديدة المسيحي في المدينة القديمة وتقدمت باتجاه السيد علي. ويحاول الجيش النظامي السوري خنق المقاتلين المعارضين عبر محاصرة المدينة ومواصلة قصف خطوط الامداد خارج حلب.

ولا يشك اللواء للحظة في quot;النصر المقبلquot;. وبالنسبة اليه، فإن الاصعب قد انجز مع استعادة صلاح الدين في التاسع من اب/اغسطس والهجوم يوم السبت الماضي على مرتفعات سيف الدولة، وهما الحيان الاستراتيجيان في غرب حلب.

ويقول اللواء إنه تبقى مسألة السيطرة على مرتفعات ازاع لاستعادة الغرب الذي لا يزال في قبضة المقاتلين المعارضين، اضافة الى حي السكري، اما الهجوم على شرق المدينة فمتروك لوقت لاحق، حيث يرى اللواء أن quot;المقاتلين المعارضين لم يعودوا يتقدمون والرياح تجري لمصلحة الجيش بعد استعادة صلاح الدينquot;.

وسيطر الجيش على هذا الحي المؤلف من طرقات وازقة تنتشر فيها الابنية المؤلفة من خمسة أو ستة طوابق بعد معارك شوارع استمرت لاسبوع.

وكان المقاتلون المعارضون دخلوا حلب في البداية من هذا الحي، وبحسب ضابط مخابرات، فإن العديد من هؤلاء المقاتلين اتوا مع نسائهم واطفالهم واسلحتهم بحجة الهرب من المعارك في ادلب (شمال غرب)، quot;وقد سمحنا لهم شفقة عليهم بالدخول حتى من دون أن نفتشهمquot;، وفقًا لضابط.

اما التفسير الآخر فهو quot;خيانةquot; مدير مخابرات حلب اللواء محمد مفلح حيث أنه quot;اعطاهم مفاتيح المدينةquot;، علمًا أن هذا اللواء المنشق الذي حاول الهروب قبل اسبوعين من الهجوم على حلب قد قتل قبل أن يجتاز الحدود التركية.

وبالنسبة الى اللواء المتمركز في احد شقق حلب، فإن التفسير اكثر بساطة quot;تركناهم يدخلون لأنه من السهل أن نمسك بهم في الموقع ذاته، بدل أن نركض وراءهم في كل مكان. كانوا سبعة آلاف شخص على الاقل، وقد قتلنا الفين منهم، بينهم سوريون اتوا من ريف حلب الشمالي، واجانب ايضًا من الشيشان وتركيا وافغانستان وليبيا وتونسquot;، مشيرًا الى العثور على بطاقات هوية تركية.

وينتقد اللواء الذي يقول إنه علماني quot;العمىquot; الفرنسي والدول الغربية الأخرى التي تؤيد برأيه حركات اسلامية في المنطقة، قائلاً quot;الا يفهمون أننا السد الاخير الذي يمنع الموجة الإسلامية من بلوغ اوروبا؟quot;.