إحدى سيارات الأجرة في حلب بعد غارة نظامية

تتحكم خطوط التماس الجديدة بمدينة حلب السورية منذ بدأت معركة السيطرة عليها، وترسم خريطة جديدة للشوارع والمنافذ السالكة. وإذ يفضل سائقو أجرة العمل ضمن الأحياء الآمنة، لا يتوانى آخرون عن المخاطرة بحياتهم واجتياز شوارع تشهد اشتباكات عنيفة.


حلب: من وسط مدينة حلب الى مطارها الدولي، لا يخشى مجدي سائق سيارة الاجرة أن يجتاز ذهابًا وايابًا طوال النهار خطوط التماس التي اصبحت تحكم الشوارع منذ أن بدأت معركة السيطرة على ثاني كبرى المدن السورية.

ويبقى المطار الدولي في حلب (شمال) مواليًا للنظام، رغم أنه محاصر بمناطق يسيطر عليها المقاتلون المعارضون، ولذا فإنه عندما تطير الطائرات منه فهي تقلع بزاوية 80 درجة لتجنب أي استهداف محتمل من قبل المقاتلين المتمركزين في البساتين.

وللوصول الى ساحة عبد الله الجابري، يتوجب على مجدي اجتياز ثلاثة احياء على الاقل في شرق حلب تسيطر عليها القوى المعارضة المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ففي احياء الميسر وطريق الباب والصاخور ثبت المقاتلون المعارضون نقاط تفتيش عبارة عن اكياس من الرمل يعلوها علم الاستقلال الذي تعتمده المعارضة المسلحة، الى جانب حواجز تفتيش متحركة توقف السيارات احيانًا وتدقق في اوراق الركاب.

ويقول مجدي (38 عامًا) الممتلئ الجسم وذو اللحية الحمراء quot;إنها مقامرة، مبدأها يقوم على تثبيت النظر الى الامام لأن النظر الى جهتهم يمكن أن يثير الشكوكquot;. وتخوض القوات النظامية والقوى المعارضة المسلحة حرب شوارع حقيقة في حلب منذ أن هاجم المقاتلون المناهضون للنظام العاصمة الاقتصادية لسوريا والتي يسكنها 2.7 مليون نسمة.

ويردد مجدي بثقة quot;الطرفان يعرفاننا ويتركاننا نعمل، والا فإن المدينة كانت لتصاب بالشللquot;. الا أن عبدو (45 عامًا) يرفض المخاطرة والقيادة في المناطق التي لا تسيطر عليها القوات الحكومية، قائلاً إنه quot;في حلب، هناك جيش النظام والجيش السوري الحر وخصوصاً جيش السارقين وهو الجيش الاكبرquot;.

ويوضح أن quot;قطاع الطرق يثبتون حاجزًا، ويقدمون انفسهم على أنهم مقاتلون معارضون ويسرقون سيارتك، ورزقك اليومي، وسيكون عليك أن تدفع 250 الف ليرة سورية (3500 دولار) لاستراجعها. حدث هذا الامر للمئات من زملائي، فحين يتعلق الامر بالمال لا يبدي السارقون أي رحمةquot;.

ويتابع عبدو quot;لأجل هذا اقوم بانتقاء الركاب، حتى وإن كنت اجني اقل من الباقين، الا أنني احد تحركاتي ضمن الاحياء الآمنةquot;. وتبدو حلب منذ ستة اسابيع عبارة عن مدينتين متناقضتين.

ففي الوسط، ورغم اصوات الانفجارات القوية احياناً، تفتح المحلات ابوابها وتبقى المطاعم والمحلات التي تبيع المثلجات تستقبل الزبائن حتى منتصف الليل، وهو الحال مثلاً في حي العزيزية المسيحي أو الموغامبو المسلم، علمًا أن الكثير من السكان يفضلون اللجوء الى مدن أخرى في دول أخرى في المنطقة مثل بيروت والقاهرة.

واضافة الى الرصاص في الاحياء والضواحي أو في حلب القديمة، التي تسيطر على غالبيتها المعارضة المسلحة، فإن النقص في المواد واطلاق النار يجبران السكان على العودة الى منازلهم عند حلول الليل.

ويحمل الباب الاصفر في سيارة احمد (28 عامًا) اثار طلقة نارية، حيث ان قناصًا استهدف سيارته برصاصة لدى مروره فوق جسر. ونجا احمد من الموت، الا أنه عندما وصل الى موقع للقوات الموالية للنظام اوقف بعدما ظنت هذه القوات أنه على علاقة بالمقاتلين المعارضين ومزقت بطاقة هويته.

ويواجه السوريون الذين لا يملكون بطاقة هوية خطر الدخول الى السجن للاشتباه بأنهم يؤيدون الشيخ السلفي عدنان العرعور الذي سبق وأن دعا مناصريه الى تمزيق بطاقاتهم. وللحصول على بطاقة جديدة، توجب على احمد التوجه الى منطقة تبعد نحو 25 كلم في جنوب شرق حلب، علمًا أن المبنى احرق.

ويقول احمد quot;نجوت من الموت بأيدي المقاتلين المعارضين، واخاطر بالدخول الى السجن اذا اوقفتني القوات الموالية وبالكاد أجني كل يوم 500 ليرة سورية (سبعة دولارات)quot;.