شبان سوريون يتلقون التدريب بامكانيات محدودة

يتلقى عدد من الشبان السوريين المعارضين تدريبًا على أيدي مقاتلين ومدربين رياضيين، ضمن إمكانيات متواضعة وفي أماكن لم تخصص للتدريب، ينزلون بعدها الى ساحات القتال.


أعزاز: بعضهم يرتدي قمصانًا ضيقة وآخرون قمصانًا رياضية زاهية، منتعلين صنادل ولكنهم في كل هذا يحاولون أن يبدوا رجالاً اشداء، يرفعون رؤوسهم الى الاعلى ويقفون متأهبين: إنه اليوم الاول للمجندين الجدد في ثكنة لمقاتلي المعارضة في شمال سوريا.
وتحت انظار مقاتلي المعارضة الذين يتحولون بحسب الظرف الى مدربي رماية أو مدربين رياضيين، يحاول حوالي 20 شابًا يافعًا عراة الصدور متابعة التعليمات التي ستؤهلهم قريبًا للانتقال الى ساحات القتال quot;لتخليص سوريا من الطغيانquot;.

ويقول ابو احمد وهو شاب في الثانية والعشرين من العمر كان يدرس الميكانيك قبل أن تندلع الانتفاضة ضد الرئيس بشار الاسد، quot;لقد رأيت مقاتلي الجيش السوري الحر يطردون الجيش من المدينة، من أعزاز، هكذا تولدت لديّ الرغبة في الانضمام اليهمquot;.
وانضم ابو احمد الذي يقف مع رفاقه في صف شبه مستقيم، الى صفوف مقاتلي المعارضة المسلحة لنظام الرئيس بشار الاسد الذي يحاول منذ عام ونصف بالحديد والنار قمع انتفاضة شعبية بدأت سلمية وتحولت مسلحة ازاء القمع الدامي للنظام.

وفي جو اقرب الى جو مدرسة منه الى كلية حربية، يتعين على المدربين أن يلقنوا المجندين الجدد، وبعضهم لم يبدأ بحلاقة ذقنه بعد، كل شيء، من الاناشيد العسكرية الى المشية العسكرية وحمل السلاح.
وبرشاشات كلاشنيكوف اكل عليها الدهر وشرب تعيق حركتهم، يستلقي المقاتلون على العشب يقومون ببعض الحركات، ينهضون، يركعون، ثم يركضون في باحة الثكنة ثلاث دورات.

بعدها ينتقل المجندون الى حقل الرماية، وهو في الواقع ليس حقلاً ولا ميدان رماية بل مجرد فسحة امام حائط لم يبقَ منه شبر الا وعليه آثار الرصاص، وقد وضع امامه لوح من الورق المقوى لاستخدامه في التصويب.
وهنا يبدأ المدربون، الذين هم ايضًا كانوا مدنيين وحملوا السلاح بين ليلة وضحاها حين انفجرت المعارك، بالرماية وقوفًا او ركوعًا.

وما هي الا لحظات حتى ترتسم امارات الذهول على وجوه المجندين، فكل الرصاصات التي يطلقها مدربوهم تصيب اللوحة الكرتونية.
ومدة التدريب التي يخضع لها هؤلاء المجندون تستمر حوالي شهر يمكن بعدها ارسالهم الى جبهة القتال في حلب (شمال)، ثاني كبرى مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية والتي تبعد حوالي 60 كلم من اعزاز وتدور فيها معارك حامية الوطيس، كما يقول احد المدربين ويدعى جاسم (31 عامًا).

ويشرح المدرب أن شهر التدريب ينقسم في الواقع الى قسمين مدة كل منهما 15 يومًا. الفترة الاولى تتضمن التدريب النظري ودروسًا عسكرية وبينها دروس في الدين، تليها فترة مماثلة من التدريب الميداني ولا سيما على السلاح والرماية.
ويقول مدرب آخر quot;هؤلاء الشبان يفضلون المجيء الى هنا عوض الالتحاق بالخدمة العسكرية لانهم يدركون أن الجيش يقتل الاطفالquot;، ثم يستدير عائداً الى المجموعة التي يدربها يبث الحماسة في صفوفها بصيحاته المدوية.

وفي داخل الثكنة يجلس عبد الكامل مساعد قائد كتيبة عمر بن العاص وهو مهندس في الـ45 من العمر يقول إن هناك معيارًا وحيدًا لقبول المجندين الجدد وهو quot;يجب أن يؤمنوا بمبادئ الثورة وهي الحرية والعدالة والكرامةquot;.
وخلال جلسته القصيرة مع مراسلة وكالة فرانس برس غالباً ما تستقطع الحوار نغمة اغنية بالانكليزية مصدرها هاتفه النقال الذي يرن مرارًا وتكرارًا، وفي هذا يقول إن سبب هذه الاتصالات المتكررة هو أن الكتيبة تقوم ايضًا بمساعدة السكان وتنظم عمليات توزيع المساعدات الانسانية في المنطقة.

وفي الخارج يستريح المجندون الشبان مستندين الى حائط يفيئون ظله. فلحظة اول قتال لهم لا تزال تبدو بعيدة. ولكن بعد مرور اقل من ساعتين على زيارة مراسلة فرانس برس الى الثكنة حتى قصفت مقاتلات الجيش النظامي الثكنة، ولكن من دون أن تصيب ايضاً، بحسب المقاتلين. وقد أتت إحدى القنابل التي القتها المقاتلات على جزء من الثكنة حيث كان المجندون ينجزون يومهم التدريبي الاول.