قال العالم البريطاني ستيفن هوكنغ إن الفيزياء ستكون quot;شيقة أكثرquot; لو لم يتمكن العلماء من اكتشاف بوزون هيغز في صادم هادرون الكبير.


كان وجود جسيم هيغز متوقعًا على المستوى النظري منذ عقد الستينات، لكن العلماء لم يكونوا جميعهم يؤمنون بالعثور عليه ذات يوم. ولو لم يُكتشف الجسيم لتعيّن على الفيزيائيين أن يعودوا إلى المربع الأول، ويعيدوا النظر في العديد من أفكارهم ومبادئهم الأساسية عن طبيعة الجسيمات والقوى الفيزيائية. وكان بعض الفيزيائيين يتطلعون إلى مثل هذا الاحتمال المثير.

يبدو أن هوكنغ أحد هؤلاء العلماء. إذ أعلن في كلمة بمناسبة افتتاح معرض جديد عن صادم هادرون الكبير في متحف العلوم في لندن quot;أن الفيزياء ستكون شيقة أكثر بكثير لو لم يُكتشف بوزون هيغزquot;.

ثمن باهظ
أضاف هوكنغ إن العالمين quot;بيتر هيغز وفرانسوا أنغيلرت فازا قبل أسابيع بجائزة نوبل تقويمًا لعملهما على الجسيم، وهما يستحقانها بكل تأكيد. فتهانينا لهما، ولكن اكتشاف الجسيم الجديد كلفني ثمنًا شخصيًا. فأنا تراهنتُ مع غوردن كاين من جامعة مشيغان بأن جسيم هيغز لن يُكتشف. وكلفتني جائزة نوبل 100 دولارquot;، هو الرهان الذي خسره لزميله الأميركي.

وأعرب هوكنغ عن الأمل في أن يتخطى صادم هادرون الكبير اكتشاف بوزون هيغز للبحث عن مزيد من الأدلة التي تثبت نظريات أساسية تفسّر طبيعة الكون، وخاصة إيجاد الدليل الأول على صحة نظرية ـ أم التي يعتقد كثير من العلماء أنها أفضل نظرية توصل إليها الفيزيائيون لتوحيد قوى الطبيعة الأربع الأساسية.

وتوحد نظرية ـ أم قوة الجاذبية التي تسود على أوسع نطاقات الكون مع الميكانيك الكمي، الذي يتحكم بسلوك الذرات والجسيمات الأصغر. لكن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من تقديم دليل تجريبي قاطع على صحة هذه النظرية.

وقال هوكنغ إنه quot;ما زال هناك أمل بأن نرى أول الأدلة على نظرية ـ أم في معجِّل هادرون الكبير في جنيفquot;، مشيرًا إلى أن الصادم لا يدرس إلا المستويات المتدنية من الطاقة، quot;ولكن الحظ قد يحالفنا ونرى إشارة ضعيفة إلى النظرية الأساسية، مثل التناظر الفائقquot;.

لذة القمار
تذهب نظرية التناظر الفائق إلى أن لكل جسيم من الجسيمات المعروفة، مثل الالكترونات والفوتونات والكواركات، شريكًا فائقًا أثقل منه لكنه لم يُكتشف حتى الآن.

واعترف هوكنغ في حديثه عن الرهان الذي خسره بأنه يجد متعة في القمار. وقال quot;طيلة حياتي كانت عندي مشكلة مع القمار، وحين كنتُ صبيًا في الثانية عشرة من العمر راهن أحد أصدقائي مع صديق آخر بكيس من الحلوى، قائلًا إني لن أكون ذات يوم شخصًا له شأن. ولا أعرف ما إذا حُسم الرهان ولمصلحة مَنْquot;.

وتابع هوكنغ أنه كان يخوض نقاشات وسجالات مع ستة أو سبعة من الأصدقاء على كل شيء quot;من النماذج المجسمة التي تُدار بأجهزة تحكم عن بعد إلى الدين. وأحد الأشياء التي كنا نتحدث عنها هو أصل الكون، وما إذا كان خلقه يتطلب وجود اللهquot;.

كان هوكنغ شارك في رحلة فضائية في إطار تدريب رواد الفضاء على التعامل مع حالة انعدام الوزن في غياب قوة الجاذبية. وقال هوكنغ quot;علينا أن نواصل السفر إلى الفضاء من أجل مستقبل البشرية. فأنا لا أعتقد أننا سنبقى ألف سنة أخرى من دون أن نهرب بعيدًا عن كوكبنا الهشّ. ولهذا السبب أُريد تشجيع الاهتمام الشعبي بالفضاء، وأنا شرعتُ بالتدريب في وقت مبكرquot; استعدادًا للرحيل، في إشارة إلى رحلته الفضائية.

وقال هوكنغ إن منح جائزة نوبل للعالمين أنغيلرت وهيغز جاء تذكيرًا له بروعة العصر الذي يعيش فيه ويواصل بحثه في الفيزياء النظرية. وأكد quot;أن نظرتنا إلى الكون تغيرت كثيرًا خلال السنوات الخمسين الماضية، وأنا سعيد بمساهمتي بقسط متواضع في ذلكquot;.

وأضاف أخيرًا quot;فتذكروا أن تنظروا إلى النجوم، وليس إلى أقدامكم. حاولوا أن تكتنهوا ما ترون، وأن تتمسكوا بذلك التساؤل الطفولي عما يجعل الكون موجودًاquot;.