انقرة: منح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مهلة اخيرة للجنة البرلمانية المكلفة صياغة الدستور الجديد، الذي يرغب في ان ياتي على قياس طموحاته في الحصول على ولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014 كما يرى معارضوه.
ومنذ العام الماضي شكلت الاحزاب السياسية الاربعة الممثلة في البرلمان التركي لجنة خاصة لصياغة قانون اساسي جديد ليحل محل الدستور الذي وضعه العسكر بعد انقلاب 1980 وادخلت عليه منذ ذلك الحين الكثير من التعديلات.
لكن رغم اتفاق الاغلبية والمعارضة على ضرورة الاصلاح الدستوري فان اعمال اللجنة لم تحقق اي تقدم يذكر حيث لا يوجد اجماع سوى على 30 مادة فقط من المواد ال88 للدستور الجديد. وتخضع باقي المواد المختلف عليها لنقاشات لا تنتهي حسب رئيس اللجنة مصطفى سنتوب.
وقال هذا النائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم (اسلامي محافظ) آسفا quot;اذا لم نتمكن من الاتفاق فان النص القديم الذي لا يتفق على الاطلاق مع كرامة تركيا الحديثة سيبقى سارياquot;.
وهكذا وبعد ان فاض به الكيل من التاخر في اعمال اللجنة قرر اردوغان الانتقال الى السرعة القصوى معطيا اللجنة مهلة حتى نهاية اذار/مارس المقبل للانتهاء من وضع الدستور الجديد مهددا، اذا لم تفعل، بان تعرض الحكومة نصها الخاص على البرلمان.
ورغم انه يملك اغلبية مريحة (325 من 550 مقعدا) لا يضمن رئيس الحكومة جمع ثلثي الاصوات اللازمة لتعديل الدستور.
بل ان اردوغان لا يملك حتى النصاب اللازم (330 مقعدا) للالتفاف على المعارضة بطرح مشروع الدستور في استفتاء شعبي كما حدث عام 2010 عندما تم اعتماد التعديلات ال26 التي ادخلت على الدستور الحالي باغلبية 58% من الاصوات.
الا ان ذلك لم يمنع اردوغان، الفائز في كل الانتخابات التي جرت منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة عام 2002، من التلويح باللجؤ الى التصويت الشعبي. وقال quot;عندما تكون لدينا القدرة على تنظيم استفتاء فاننا سنتوجه الى الشعبquot;.
ورات المعارضة في هذه التصريحات quot;تهديدا غير مقبولquot;. وقال اتيلا كارت عضو الحزب المعارض الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي) ان quot;رئيس الوزراء يريد نسف النقاشاتquot; مؤكدا quot;لا نستطيع مواصلة العمل مع هذا الانذار النهائيquot;.
وتبدو الانقسامات عميقة داخل اللجنة وخاصة بشأن تعريف جديد للمواطنة يشمل مطالب الاقلية الكردية في الوقت الذي استؤنفت فيه مفاوضات السلام بين انقرة وحزب العمال الكردستاني الانفصالي المتمرد. كما يحتدم الخلاف بشان المكتسبات العلمانية للدولة.
الا انه اضافة الى هذه القضايا الجوهرية فان النوايا المبطنة المنسوبة لاردوغان هي التي تعصف بهذه النقاشات. ومن المفترض ان يكمل اردوغان (58 سنة) ولايته الثالثة والاخيرة كرئيس للحكومة عام 2015. لكنه لا يخفي منذ اشهر عزمه على الترشح للانتخابات الرئاسية التي ستجرى للمرة الاولى بنظام الاقتراع العام المباشر وذلك لquot;قيادة تركيا بشكل افضلquot; كما يقول.
وتشتبه المعارضة، التي تندد بانتظام بالنزعة الاستبدادية لرئيس بلدية اسطنبول السابق، في انه يريد التعجيل باعتماد دستور جديد مفصلا على مقاسه بحيث تصبح الرئاسة التركية شبيهة بنظام الرئاسة الاميركية مع اعطاء سلطات موسعة لرئيس الدولة القادم.
وقال دولت بهتشلي زعيم التيار القومي في البرلمان ان quot;اردوغان يريد ان يصبح سلطانا منتخباquot; متهما رئيس الوزراء بالرغبة في اعادة الملكية الدستورية التي كانت متبعة في عهد السلطنة العثمانية.
الا ان فريق اردوغان تجاهل كليا هذه الانتقادات مع تصميمه على تبني الدستور الجديد قبل 2014. وقال مصطفى سنتوب quot;نعمل منذ سنوات على نصquot; وquot;نحن على استعداد للكشف عنه اذا لزم الامرquot;.
التعليقات