على الرغم من مرور عشر سنوات على بدء الحرب، لا يزال سكان إقليم دارفور يعيشون حالة رعب وخوف داخل مخيمات للاجئين، يقلل من خطورتها وجود قوات حفظ السلام.


الخرطوم: قد يكون العالم ملّ من الحرب الأهلية في إقليم دارفور غرب السودان، لكن بالنسبة إلى فاطمة ليس هناك مهرب من إرث من الالم بعد عقد على اندلاعها قبل عشر سنوات.
وقالت السيدة التي تبلغ من العمر 47 عاما وتعتمد على المساعدات في مخيم للنازحين منذ عشرة أعوام مع من تبقى من أسرتها quot;أتذكر اليوم الذي أحرق فيه الجنجويد قريتي وقتلوا زوجي وابني الاكبرquot; .وبدت المرأة خائفة جداً من كشف هويتها الحقيقية.

ويصادف الثلاثاء المقبل مرور عشرة أعوام على بدء الحرب في دارفور عندما سيطر المتمردون على مدينة قولو في منطقة جبل مرة، على أمل إنهاء سيطرة عرب الاقاليم الشمالية لنهر النيل على الثروة والسلطة في البلاد.
وردا على ذلك، نشط المقاتلون الجنجويد المدعومون من الحكومة وارتكبوا فظائع ضد الاتنيات الافريقية في الاقليم مثيرين صدمة في العالم.
ومع أن اسوأ مراحل العنف مضت، ما زال الاقليم الواقع غرب السوداني يعاني عدم الاستقرار.

وقال ناشط في واحدة من منظمات المجتمع المدني في شمال دارفور حيث اندلعت اعمال عنف في الاشهر الاخيرة quot;لسنا في حالة سلام حقيقي ولا في حالة حرب حقيقيةquot;.
وقد وُقعت اتفاقيتا سلام خلال هذه السنوات لكنهما لم تنجحا في احلال السلام في دارفور. ومع ذلك قال اكبر مسؤول حكومي في المنطقة التيجاني السيسي ان quot;الامن تحسن بصورة كبيرة في كل دارفورquot;.

وقال دبلوماسي اجنبي quot;أعتقد أن مشكلة هذه البلاد هي غياب التوازن بين المركز والاطرافquot;.
وذكرت الامم المتحدة قبل خمس سنوات ان نحو 300 الف شخص قتلوا في دارفور ونزح 2,7 مليون شخص في أوج مأساة دارفور.

ودفع النزاع محكمة الجنايات الدولية الى إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
وقال برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة ان حوالى 1,4 مليون شخص ما زالوا يعيشون مثل فاطمة في مخيمات للاجئين ويحتاجون الى حصص غذائية شهرية هذه السنة.
وأكدت مديرة برنامج الغذاء العالمي في السودان امور الماغرو لوكالة فرانس برس ان دارفور quot;ما زال يشهد ازمة انسانيةquot;.

دارفور لم يعد يشغل بال العالم

وقال مصدر يعمل في الاغاثة quot;اشعر انهم لم ينسوا دارفور لكنهم يتجاهلونهquot;.
واصبحت المخيمات اقرب الى مجتمعات حضرية يعيش فيها الناس في اكواخ من القش مخروطية الشكل وبيوت بنيت من الطين ويمكنهم ارسال ابنائهم الى المدارس والحصول على المياه والمراكز الصحية.
وقالت فاطمة التي تفتقد جوها quot;العائليquot; في قريتها، ان quot;الحياة في المخيم مزدحمة جداquot;.
ويوضح اللاجئون في المخيمات ان استمرار عدم الاستقرار يمنعهم من العودة الى قراهم.

وقال الناشط في منظمات المجتمع المدني ان quot;الاوضاع تسوء الآن وخصوصا في السنتين الاخيرتينquot;.
ونزح الشهر الماضي مئة الف شخص بسبب القتال بين قبائل عربية في منجم لاستخراج الذهب بصورة تقليدية ما يشير الى تغير طبيعة النزاع في دارفور.
وقال مصدر آخر يعمل في مجال الاغاثة quot;بعد تورطهم في الانتهاكات الاولى، انتقلت الميليشيات العربية الى عمليات الخطف وسرقة العربات ومهاجمة بعضهم البعضquot;، معتبرا انهم quot;خرجوا عن سيطرة الحكومةquot;.
وتساءل مصدر اغاثي quot;اين هو السلام الذي يجب حفظه؟quot;، معتبرا انه quot;سعي لاستمرار الحربquot;.

وقال داني سميث كبير مستشاري قوة حفظ السلام المشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي إن quot;الوضع كان سيكون اسوأ بكثيرquot; لولا نشر هذه القوة قبل خمس سنوات.
واكد عبد الواحد محمد نور الذي بدأ التمرد في الاقليم قبل عشر سنوات ان الدارفوريين ما زالوا يتعرضون quot;للقتل والاغتصاب والتهجير من ارضهمquot;.
ويتزعم عبد الواحد محمد نور قسمًا من حركة تحرير السودان.
وفي 2011 شكلت حركته ومجموعتان اخريان للمتمردين في دارفور تحالفا يحمل اسم الجبهة الثورية السودانية ويضم ايضا متمردين من جنوب كردفان وولاية النيل الازرق.
ويهدف هذا التحالف الى إسقاط نظام الرئيس البشير.
وقال نور في مقابلة نادرة أجرتها معه فرانس برس هاتفيا quot;انه نظام قائم على الكراهيةquot;.

ورفض نور ومجموعتان اساسيتان للمتمردين هما وحركة تحرير السودان جناح مني مناوي وحركة العدل والمساواة، اتفاق سلام وقع قبل عامين في الدوحة بين الحكومة السودانية وتحالف من حركات اخرى في دارفور.
وقال جوناه ليف الخبير في مؤسسة الابحاث quot;سمول ارمز سورفيquot; الذي يتمركز في سويسرا ان التحالف بين الحركات المتمردة في السودان يدل على ان quot;وحدها خطة شاملة يمكن ان تؤدي الى نتائج ايجابيةquot; على طريق حل النزاع.
ولا يتفق السيسي مع المحللين الذين يقولون ان مشكلة دارفور لا يمكن حلها بمعزل عن النزاعين الاخرين في السودان، في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق.

لكنه قال ان quot;المجتمع الدولي لم يساعد دارفور لانه كان في السنوات الماضية مشغولا بجنوب السودانquot; الذي انفصل في 2011.
واضاف ان الجبهة الثورية السودانية مدعومة من دولة جنوب السودان الفتية، مشددا على ان دارفور يجب الا تستخدم quot;ورقة في المفاوضاتquot; لتسوية الخلافات بين البلدين.
وتابع quot;انهما امران مختلفانquot;.
وبينما يواصل السياسيون جدلهم والمتمردون والميليشيات قتالهم، تبقى أحلام دارفوريين كثر مثل فاطمة بعيدة عن التحقيق.
وقالت فاطمة quot;اريد العودة مرة اخرى الى قريتي لارى قبر زوجي وابني الاكبر. لقد دفنا هناكquot;.