تعد الحكومة المصرية لإصدار قوانين تضبط نشاط المنظمات غير الحكومية في مصر، من خلال إخضاع تمويلها للاشراف الحكومي المباشر، ومنع المنظمات الأجنبية التي تمولها دولها من العمل في مصر.


يساور إدارة أوباما وحكومات غربية أخرى قلق متزايد من أن الحكم الاسلامي المهزوز في مصر سيأتي على ما تبقى من احتياطيها من العملات الأجنبية، على أن يتخذ اجراءات تقشفية قاسية لا مناص منها للحصول على قروض جديدة من صندوق النقد الدولي.

وفي حين يبدو خطر الانهيار الاقتصادي حقيقيًا، فإنه ليس التهديد الوحيد الذي يقلق الغرب. فالحكومة المصرية على وشك أن تصدر قوانين من شأنها تعطيل النظام الديمقراطي الهش والحد بدرجة كبيرة من قدرة الغرب على التأثير في النهج المتبع في عهد الرئيس محمد مرسي.

أكثر من قيود مبارك

في مقدمة هذه القوانين تشريع يضبط نشاط المنظمات غير الحكومية التي تعتبر اللبنات الضرورية لبناء الديمقراطية. وكانت منظمات حقوق الانسان المستقلة وجمعيات المساعدة القانونية والمنظمات النسائية وغيرها من الجمعيات الأهلية أسهمت في التمهيد لثورة 25 يناير، ويتسم دورها بأهمية بالغة في المرحلة الحالية لترسيخ دعائم الحرية التي انتزعها المصريون بثورتهم.

والمعروف أن منظمات غير حكومية واحزابًا سياسية جديدة تلقت دعمًا أو تمويلًا من مؤسسات أميركية وغربية، مثل المعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي وبيت الحرية، كما تلاحظ صحيفة واشنطن بوست.

واشارت الصحيفة إلى أن نظام حسني مبارك كان بين حين وآخر يقمع هذه المنظمات، كما أقام المجلس العسكري الذي حكم مصر في العام 2011 دعوى جنائية ضد عشرات العاملين في هذه المنظمات غير الحكومية، بينهم مواطنون اميركيون.

ونُزع فتيل الأزمة التي حدثت في العلاقات الاميركية - المصرية عندما سُمح للمواطنين الاميركيين بمغادرة مصر، لكن الدعوى المقامة ضدهم ما زالت سارية، وسيصدر الحكم فيها خلال أيار (مايو) المقبل.

ولم تفعل حكومة مرسي شيئًا لاسقاط الدعوى، بالرغم من تصميمها المعلن على تمكين المجتمع المدني. ويدرس مجلس الشورى الذي يسيطر عليه الاخوان المسلمون فرض قيود على المنظمات غير الحكومية تذهب أبعد بكثير من قيود مبارك، بحسب واشنطن بوست.

إجهاض الديمقراطية

بموجب مشروع القانون الجديد، يخضع تمويل المنظمات غير الحكومية لإشراف الحكومة بكل تفاصيله. وسيكون على هذه المنظمات أن تنال موافقة رسمية على ما تقوم به من مبادرات، ولا يمكن أن تتلقى تمويلًا من الخارج من دون تصريح رسمي بذلك. ويمنع القانون جميع المنظمات الأجنبية التي تتلقى تمويلًا من حكوماتها من العمل في مصر.

ويعني هذا غلق المنظمات الاميركية والالمانية ومنظمات دول أخرى عملت في مجال تطوير المجتمع المدني وتدريب سياسيين ديمقراطيين.

من الناحية العملية، يدمر القانون الجديد غالبية المنظمات المستقلة في مصر، ويضع المتبقي منها تحت رقابة الحكومة وسيطرتها. وبالتضافر مع قانون آخر يقيد التظاهرات العامة، ستكون المحصلة خنق معارضي مرسي وإجهاض النظام الديمقراطي الذي تعهدت ببنائه، كما ترى صحيفة واشنطن بوست.

وإزاء احتجاج المنظمات غير الحكومية الغربية، أصدر مكتب مرسي بيانًا أكد فيه أن الرئاسة لا تريد التعجل في اصدار القانون. لكن لم يصدر عن الحكومة حتى الآن ما يشير إلى تراجعها عن البنود الأشد ضررًا بالديمقراطية في القانون الجديد.