تثير مشاركة عناصر حزب الله اللبناني في المعارك السورية إلى جانب النظام المخاوف من جر لبنان اكثر فأكثر إلى النزاع، ما يهدد بانهيار تركيبة البلد السياسية والطائفية الهشة.



بيروت: يعتبر محللون أن مشاركة حزب الله الشيعي اللبناني في القتال علانية الى جانب القوات النظامية، قد تؤدي الى انخراط لبنان اكثر فاكثر في النزاع في سوريا المجاورة رغم سياسة quot;النأي بالنفسquot; التي تعتمدها السلطات.لكنّ المحللين انفسهم يشيرون الى ان هذا الانخراط لا يهدد بجر لبنان الى حالة من عدم الاستقرار لأن ايًا من قواه السياسية المنقسمة بين تأييد نظام الرئيس السوري بشار الاسد أو معارضته، ليست لها مصلحة في ذلك.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية غسان العزي إن quot;المشاركة العلنية لحزب الله (في النزاع السوري) لم تعد سرًا. نحن اليوم مرتبطون بأزمة لم يعد اللبنانيون منقسمين سياسيًا حيالها فحسب، بل باتوا منقسمين عسكريًا ايضًاquot;.
ويشير العزي الى أن quot;مشاركة الحزب في الازمة السورية تعني كل لبنان، لأننا سمعنا من الطرف الآخر (السنة)، نداءات للجهاد الى جانب المعارضة السوريةquot;. وتشارك عناصر من فرق النخبة التابعة للحزب مؤخراً في معارك الى جانب القوات النظامية في منطقة القصير (وسط سوريا) الحدودية مع لبنان، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان والمعارضة السورية.
واكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب نبيل قاووق الاثنين أن قتال الحزب في سوريا quot;للدفاع عن سكان لبنانيينquot; هو quot;واجب وطني واخلاقيquot;. ويشدد الحزب على أن مشاركته تقتصر على افراد منه يقيمون في قرى حدودية داخل محافظة حمص وسط سوريا يقطنها لبنانيون شيعة، ويقومون quot;بالدفاع عن النفسquot;.
في المقابل، صدرت دعوات من رجلي دين سلفيين لبنانيين للدفاع عن السوريين السنة في حمص، في مواجهة حزب الله وقوات نظام الرئيس الاسد المنتمي الى الاقلية العلوية. واعن الشيخ السلفي السني احمد الاسير عن تأسيس quot;كتائب المقاومة الحرةquot;، داعيًا في فتوى شرعية quot;كل مسلم من داخل لبنان ومن خارج لبنان (...) أن يدخل الى سوريا للدفاع عن اهلها ومساجدها ومقاماتها الدينية لا سيما في القصير وفي حمصquot;.
لكن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وهو زعيم سني وابرز قادة المعارضة اللبنانية المناهضة لدمشق، رفض هذه الدعوات، معتبرًا أنها quot;توفر المبرراتquot; للحزب. ويعتبر المحللون أن دعوات كهذه لا تدعو كونها تفاخرًا من جهة السلفيين الذين لا يتمتعون بترسانة عسكرية توازي القدرات التسلحية الضخمة لحزب الله.
ويشدد العزي على أن quot;القول من دون الفعل هو اقل ذكاء من الفعل من دون القولquot;. ويقلل استاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية وضاح شرارة من شأن هذه التحركات، مستبعدًا أن تؤدي الى تدهور الاوضاع الامنية في لبنان ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة.
ويقول لوكالة فرانس برس quot;أثر الازمة السورية على لبنان يدفع الى القلق وقد ينعكس توترات، لكن الاتجاه السياسي العام هو نحو الاستقرار لا التدهورquot; في الاوضاع. وبحسب هذا المتخصص في شؤون الحزب الشيعي، فإن حزب الله وجد نفسه ملزمًا بكشف مشاركته في المعارك الدائرة في سوريا بسبب تزايد عدد قتلاه بسببها.
ويوضح أن الحزب quot;يعتمد سياسة واقعية. منذ عام وهو ينشر صور عدد من عناصره الذين قضوا في سوريا، لكن هذا النمط شهد تزايدًا مضطردًا مع الارتفاع التدريجي لعددهمquot;. ويضيف مؤلف كتاب quot;دولة حزب اللهquot;، أنه quot;لم يعد في الامكان اخفاء ذلكquot;.
ويقول المحللون إن الحزب بدأ يشرح لمجتمعه الشيعي أن الامر يتعلق بالدفاع عن القرى التي يقطنها لبنانيون والبالغ عددها 13، وتتعرض لهجمات من مقاتلي المعارضة السورية، بحسب الحزب. اما بالنسبة للرأي العام الاوسع، يحاول الحزب الحفاظ على رصيده في quot;مقاومةquot; اسرائيل، لا سيما خلال حرب تموز/يوليو 2006.
ويوضح شرارة أن quot;الحزب يصور قتاله ضد الجهاديين الذين يقدمهم على أنهم +عملاء للاستكبار والولايات المتحدة، على أنه ليس امرًا طارئًا بل مرتبط بجوهر سياسته. هو يقول +نحن على الخط نفسه في قتال اسرائيل واعداء الشعب السوري+quot;.
ويعتبر العزي أن quot;لا خيار امام حزب الله. وفاؤه (للنظام في سوريا) يتطلب منه رد الدين الى بلد ساعده (في قتال اسرائيل). لا يمكنه في أي حال من الاحوال فك حلفه مع دمشق لأن هذا الامر مسألة حياة أو موتquot;.ويقول شرارة إن ما بين 800 الى 1200 مقاتل من الحزب البالغ عدد عناصره قرابة عشرين الفًا، يشاركون حاليًا في المعارك الضارية المستمرة منذ ايام في منطقة القصير.