تشير الكثير من التقديرات الغربية إلى أنه الولايات المتحدة الأميركية باتت مطالبة بتعديل إستراتيجيتها الخاصة في الأزمة السورية التي يعتقد أنها ستمتد لفترة أطول من المتوقع.
بات من الواضح أنه يتعين بالفعل على الولايات المتحدة أن تعيد تقويم إستراتيجيتها الخاصة بالتعامل مع الوضع في سوريا. فقد بات ينبغي عليها وعلى حلفائها أن يقوموا بتعديل سياستهم مع الاحتمال الوارد والأقرب للحدوث وهو المتعلق بأن الصراع السوري سيمتد لفترة طويلة وأنه سيظل مشتعلاً على مدار سنوات.
وما ينذر بهذا السيناريو المخيف هو بدء خروج الحرب الأهلية هناك عن نطاق السيطرة وامتدادها لخارج الحدود مع تزايد أعداد القتلى وارتفاع حدة الإيحاءات الطائفية، وتواصل التدخل من جانب أطراف خارجية منها إيران وحزب الله وإسرائيل.
وهو ما علقت عليه صحيفة بوسطن غلوب الأميركية، بتأكيدها أن الاستقرار الإقليمي والمصالح الأميركية يمرون بتوترات متزايدة نتيجة لما تشهده سوريا من تفكك. ثم مضت تقول إنه بات يتعين على أميركا وحلفائها السير وفق نهج يعترف بأن التخفيف والاحتواء هما أفضل النتائج التي يمكن ان يتمناها أحد في تلك المرحلة الخطرة.
أزمة بلا حل
وتبدو الأزمة في سوريا بلا حل، في ظل تشبث كل طرف بموقفه. كما أن التحدي الأبرز يتمثل في وضع سياسة مستدامة ذات أهداف واقعية. وبينما لا تزال الدروس الصعبة التي مرت بها أميركا من وراء حربيها في كل من العراق وأفغانستان عالقة بالأذهان، فإن السياسة ليست مقصورة بالفعل على الأقطاب المتباينة للتراخي أو الغزو.
وبحسب التقديرات التي تنشرها الصحيفة الأميركية فان الخيارات السياسية يجب أن تتركز على حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية ودعم الحكم والتعامل مع التجزؤ الفعلي للبلاد على أنه واقع.وهو النهج الذي من شأنه أن يعمل على وقف التدفق غير المنضبط للاجئين وتلبية الاحتياجات الإنسانية لجزء من الشعب السوري والتصدي لاتجاهات التطرف المثيرة للقلق.
لا بد من متابعة الدبلوماسية
كما شددت بوسطن غلوب على ضرورة متابعة العمليات الدبلوماسية التي تهدف إلى تحقيق تسوية سياسية، مع فهم أن مثل هذه الجهود من غير الوارد أن تنجح عما قريب.
كما أن النهج المعدل لا يجب أن يرتكز على فكرة التدخل العسكري المباشر. ففي ضوء المخاطر والتكاليف ونقص التفويض القانوني لمثل هذا النوع من التصعيد، فإنه من الحكمة أن تلتزم إدارة أوباما الحذر فيما يتعلق بتعاملها مع الأزمة من هذا الجانب.
ورغم عدم ملاءمة فرض منطقة حظر طيران، إلا أن الحد من استخدام سلاح الجو من جانب الحكومة السورية سيكون أمراً هاماً بالنسبة لحماية المواطنين المدنيين المتواجدين في تلك المناطق التي تخضع لسيطرة جماعات المعارضة في شتى أنحاء البلاد.
وهو الهدف الذي قد يتم تعزيزه بشكل أكبر عن طريق تحسين المعلومات الاستخباراتية التي يتم تقاسمها مع بعض جماعات الثوار والمعارضين. كما ان العمليات السرية من جانب الحلفاء الإقليميين، ورغم خطورتها، قد تلعب دوراً أيضاً في الحد من قوة سلاح الجو السوري. وهي التكتيكات التي قد تساهم في الحد من التكاليف والأخطار فضلاً عن ضمان عدم خروج الجهود الدبلوماسية عن مسارها المحدد.
وختمت الصحيفة بتأكيدها حقيقة أن الحرب الأهلية في سوريا تشكل كارثة أخلاقية وإستراتيجية بالنسبة للمنطقة، وأن الأخطار تحدق بمصالح الولايات المتحدة الهامة.
التعليقات