قررت لندن تأسيس جهاز خاص مهمته متابعة قضايا المجموعات الإسلامية المتطرفة، وذلك بعد تكرار الهجمات التي تستهدف جنوداً ومصالح بريطانية.
بينما لا تزال أصداء اعتداء وولتش بجنوب شرق لندن تهيمن على الشارع البريطاني مع مطالبات متطرفين يمينيين بإبعاد المسلمين، ألقت الصحف البريطانية الضوء على ما وصفته بـquot;اخفاقاتquot; استخباراتية وquot;ارتفاع معدل الكراهيةquot; للمسلمين، كما كشف النقاب عن تشكيل جهاز خاص لمتابعة ملفات قضايا المجموعات الإسلامية المتطرفة.
وتعرض رجل في العشرينيات من عمره للطعن بسكين الأحد على بعد 300 متر من حادث الساطور في منطقة ووليتش يوم الاربعاء الماضي.
وكشف مكتب رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أن لندن قررت تأسيس جهاز خاص مهمته متابعة قضايا المجموعات الإسلامية المتطرفة، ومحاولة تحديد quot;القوى التي تقف خلف الحركات المتشددةquot; في البلاد، وذلك بعد أيام على هجوم لندن الذي أدى إلى مقتل جندي بريطاني على يد شخص يعتنق أفكارًا متشددة.
وسيكون الجهاز الجديد برئاسة كاميرون نفسه، وفقًا لما أكده مكتبه في بيان أوضح فيه أيضًا أن عمله سيشمل quot;كافة الحركات المتطرفة، مع الإقرار بأن الخطر الأكبر ينبع من التنظيمات الإسلامية،quot; بينما سارع مجلس مسلمي بريطانيا إلى القول بأن الجهاز الجديد quot;عليه متابعة المتطرفين من كل الاتجاهات ووضع استراتيجيات ناجحةquot; للتعامل معهم.
وقال فاروق مراد، الأمين العام للاتحاد: quot;نتمنى أن تسود لغة الحكمة مع استمرار تداعيات أحداث الأيام القليلة الماضية والفرص الضائعة خلال السنوات السابقةquot;، ولكنه حذر في الوقت نفسه من خطر الانزلاق خلال مواجهة الإرهاب إلى موقع quot;تضيق فيه الحريات الاجتماعية وتزداد الشكوك بين أفراد المجتمع الواحد.quot;
تطرف ضد المسلمين
وعلى مستوى متصل، كشف تقرير صحافي عن اتهام متطرفين يمينيين باستخدام قتل الجندي لإثارة الكراهية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وجرت حملة اعتقالات في أنحاء بريطانيا، فيما غرقت الشرطة بشكاوى من تعليقات عنصرية نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتتهم الجماعات اليمينية المتطرفة باستغلال وفاة الجندي لي ريغبي للدفع باتجاه عمليات اعتقال مفتعلة، في وقت كثرت التقارير عن وقوع حوادث مدفوعة بالكراهية ضد المسلمين على خلفية الجريمة.
وقالت تقارير إنه تم الابلاغ عن جدارية غرافيتي مليئة بالتعابير العنصرية، فيما ألقيت قنبلة حارقة على أحد المساجد.
واستقطبت مسيرة كانت مقررة قبل اعتداء وولتش نظمها اتحاد الدفاع الانكليزي في مدينة نيوكاسل، ثلاثة اضعاف الرقم المتوقع، ويقدر بنحو 500 مشارك.
وتحدثت منظمة quot;فيث ماترزquot; الخيرية عن تسجيل 160 حادثاً استهدف مسلمين منذ الاعتداء الذي وقع الأربعاء الماضي.
وستنظر المحاكم البريطانية في سلسلة دعاوى ضد شبان نشروا تعليقات تحض على الكراهية عبر فيسبوك وتويتر.
اعتقال خمسة
ويشار إلى أن الشرطة البريطانية تعتقل حالياً خمسة أشخاص على صلة بمقتل الجندي البريطاني في منطقة وولويتش، بينهم ثلاثة أوقفوا السبت، لينضموا إلى شخصين أوقفا في موقع الجريمة التي تشير تقارير الصحافة البريطانية إلى أن مرتكبها هو النيجيري الأصل مايكل اديبولاجو، الذي اعتنق الإسلام قبل سنوات قليلة.
ولم تعلن الشرطة حتى الساعة عن طبيعة المعلومات التي قادت إلى اعتقال الثلاثة، كما لم توضح طبيعة ارتباطهم بالجريمة، غير أن مصدراً أمنيًا بريطانيًا قال إن جهاز الأمن الداخلي سيقدم مطالعة خلال الأسبوع الجاري حول المعلومات المتوفرة لديه خلال جلسة استماع تعقدها لجنة الأمن والاستخبارات البرلمانية.
اعتراف كينيا
ومن جهتها، قالت وزارة الخارجية البريطانية إن مايكل أديبولاج المشتبه به في قتل الجندي لي ريغبي في منطقة ووليتش جنوبي لندن تم اعتقاله في كينيا عام 2010.
وأضافت أن القنصلية البريطانية ساعدته quot;كالمعتادquot; باعتباره مواطنًا بريطانيًا.
وقالت الشرطة الكينية يوم الاحد إن أحد الرجلين اللذين اعتقلا على ذمة واقعة مقتل جندي بريطاني في أحد شوارع لندن سبق اعتقاله في كينيا عام 2010 للاشتباه في سعيه للتدرب مع جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة في الصومال.
وسيزيد تأكيد اعتقال مايكل اديبولاجو في كينيا وترحيله الى لندن من الدعوات التي تطالب أجهزة المخابرات البريطانية بتوضيح ما تعرفه عن المشتبه به، وما اذا كان بامكانها بذل المزيد لمنع مقتل الجندي لي ريغبي يوم الاربعاء الماضي.
وستحقق لجنة الأمن في البرلمان البريطاني الأسبوع المقبل في الإجراءات التي اتخذتها أجهزة الأمن في الفترة التي سبقت الهجوم الذي وضع ضغطًا على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للتعامل بطريقة أشد مع المتشددين.
وقالت الحكومة الكينية في بادئ الأمر إن اديبولاجو لم يزر كينيا على الإطلاق، لكن بونيفاس موانيكي رئيس وحدة مكافحة الارهاب بالشرطة الكينية قال يوم الاحد إن اديبولاجو اعتقل في نوفمبر تشرين الثاني 2010 ورحل الى بريطانيا.
واضاف لرويترز: quot;اعتقل مع مجموعة من خمسة آخرين وهم يحاولون السفر الى الصومال للانضمام الى جماعة الشباب المتشددة. وكانت كينيا نفت ادعاءات أبو نسيبة، صديق أحد المشتبه بهما في تنفيذ اعتداء وولتش، التي زعم فيها أن قوات الأمن الكينية اعتقلت صديقه حينما حاول التوجه إلى الصومال في محاولة للالتحاق بحركة الشباب المتشددة وأساءت معاملته.
وظهر المشتبه به في مقطع مصور في أحد المحاكم الكينية وهو يقول: quot;هؤلاء الناس يسيئون معاملتنا. نحن ابرياءquot;.
ورغم أن المشتبه بهما كانا معروفين لدى أجهزة الأمن البريطانية، فإن جهاز إم آي 5 يواجه أسئلة بشأن المزاعم التي ادعت أنه حاول تجنيد أحد المشتبه بهما وهو مايكل أديبولاجو.
اخفاقات استخبارية وتطرف
إلى ذلك، لا تزال أصداء اعتداء وولتش تهيمن على العناوين الرئيسة للصحف البريطانية التي ألقت الضوء على ما وصفته بـquot;اخفاقاتquot; استخباراتية وquot;ارتفاع معدل الكراهيةquot; للمسلمين، وتطرقت الصحف إلى بعض قضايا الشرق الأوسط ومن بينها الأزمة السورية والشأن العراقي.
وحسب تقرير لموقع (بي بي سي) العربي، فقد قالت صحيفة (الأوبزرفر) في عنوان رئيس: quot;الحكومة الائتلافية تخلت عن معركة جوهرية مع المتطرفينquot;.
وكتب دنيال بوفي وجيمي دوارد المحرران في الصحيفة يقولان: إن استراتيجية الحكومة الائتلافية في مواجهة الإسلام المتطرف تتجه نحو الفشل، وفقاً لوزيرة سابقة في حكومة حزب العمال التي أدارت برنامج التصدي للتطرف في الإسلام.
وفي تصريح أدلت به عقب اعتداء وولتش، قالت وزيرة المجتمعات المحلية السابقة هيزل بليرز للأوبزرفر إن quot;الأفراد الذين ينساقون وراء خطب رجال الدين المتطرفين يتم رصدهم في وقت متأخر جداًquot;.
ورأت بليزر أن quot;تخلي حكومة ديفيد كاميرون الحالية عن سياسة الحكومة العمالية بتمويل السلطات المحلية التي يشتمل سكانها على اقليات تتجاوز نسبتها 5 في المئة، كان خطأ فادحًاquot;.
وفي الأخير، طرحت الوزيرة السابقة أسئلة عن كمية المعلومات التي كانت متوفرة لدى جهاز الاستخبارات الداخلية ( إم آي 5) عن المشتبه في ضلوعهم بتنفيذ اعتداء وولتش الذي استهدف جندياً بريطانياً وأدى إلى مقتله، بعدما قال أبو نسيبة، صديق مايكل أديبولاجو أحد المشتبه فيهما، إن جهاز الاستخبارات حاول تجنيد الأخير في كينيا حيث برزت ادعاءات بأنه تعرض لاعتداء هناك من قبل قوات الأمن.
وكان ابو نسيبة اعتقل بعد مقابلة خاصة أجراها معه برنامج quot;نيوزنايتquot; على شاشة بي بي سي.
التعليقات