ولد إعلان اثيوبيا تحويل مجرى نهر النيل الأزرق لبناء سد مهم لتوليد الطاقة ردود فعل غاضبة في الاوساط السياسية مصر حيث رات الجماعة الاسلامية في القرار quot;إعلان حربquot;.


ألقت اثيوبيا بقنبلة شديدة الانفجار في حضن القيادة المصرية الإخوانية بإعلانها رسمياً البدء بتحويل مجرى نهر النيل الازرق لبناء سد مهم لتوليد الطاقة على ما اعلن مسؤولون اثيوبيون الاربعاء. وسيكلف مشروع بناء سد النهضة 4,2 مليار دولار وسيتطلب تحويل مجرى النيل الازرق الذي يشكل احد رافدي النيل الرئيسيين لمسافة حوالى 500 متر.
وكانت ردود الأفعال بين مؤيدي ومعارضي الرئيس المصري محمد مرسي تباينت حول القرار الإثيوبي بتحويل مجرى النيل الأزرق، الأمر الذي حذر البعض من أنه قد يؤثر على حصة مصر من مياه النيل، بينما اعتبر آخرون أن كميات المياه التي تصل إلى مصر لن يطولها أي تأثير، بينما اعتبرت الجماعة الإسلامية القرار بأنه quot;إعلان حربquot;.
وكانت الخطوة الإثيوبية جاءت بعد ساعات على زيارة الرئيس مرسي للدولة الأفريقية، وقد سعت رئاسة الجمهورية إلى التقليل من تأثيراتها المحتملة، حيث ذكر المتحدث باسم الرئاسة، السفير عمر عامر، أن quot;ما أعلنته إثيوبيا من قرار بشأن تحويل مجرى النيل الأزرق، لن يكون له أي تأثير سلبي حول كميات المياه التي تصل إلى مصر.quot;
وإلى ذلك، أوضح المتحدث باسم شركة الكهرباء الوطنية الأثيويبة اديس تاديلي quot;لبناء السد ينبغي تجفيف مجرى النهر الطبيعيquot;، وذلك غداة مراسم رسمية اقيمت في موقع الاعمال.
وستستغرق اعمال المرحلة الاولى لبناء السد بقدرة 700 ميغاوات ثلاث سنوات. وستبلغ قدرة السد عند انتهاء بنائه 6000 ميغاوات.
وتعتمد السودان ومصر الجافتين بشكل كبير على مياه النيل ولا سيما للزراعة وهما حساستين بشكل خاص حيال اي مشروع قد يغير مجرى النهر.
لكن الشركة الوطنية الاثيوبية للكهرباء سعت الى الطمأنة مؤكدة ان السد سيلعب دورا تنظيميا وسيقلص مخاطر الفيضانات وفترات الجفاف.
ويقع مشروع السد في منطقة بنيشنغول-غوموز (شمال غرب) قرب الحدود السودانية وبداه رئيس الوزراء الاثيوبي الراحل ميليس زيناوي في نيسان/ابريل 2011.
تباين المواقف المصرية
وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية عمر عامر وصف خلال مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء الماضي القرار بأنه quot;إجراء هندسيquot;، مشيراً إلى أن السلطات الإثيوبية كان أمامها quot;إما تحويل المجرى المائي، أو تجفيفهquot;، للبدء في بناء السد، وأكد أن رئاسة الجمهورية تنظر إلى قرار أديس أبابا على أنه quot;إجراء طبيعي.quot;
إلا أن المتحدث الرئاسي أشار إلى أن هناك quot;لجنة ثلاثيةquot;، تضم ممثلين من مصر والسودان وإثيوبيا، من المفترض أن تقدم تقريراً حول هذا الموضوع في وقت لاحق الأربعاء، وأضاف أنه سيتم quot;إعلان موقف مصر من هذا الموضوع بشكل كاملquot;، في ضوء ذلك التقرير.
من جهته، قال مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، الدكتور عصام الحداد، إنه quot;في ظل المصلحة العليا لمصر، يجب ألا نهون أو نهول بشأن التحويل الجزئي الذي أقامته إثيوبيا بمجرى نهر النيل الأزرق، حيث إن هذا الإجراء ليس له أي أثر مباشر الآن على حصة مصر من نهر النيل.quot;
وذكر الحداد، في تصريحات أوردها موقع quot;أخبار مصرquot;، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن quot;مصر تتعامل مع هذا الحدث، في ظل علاقات إيجابية متبادلة تبنى بين البلدين.. وقد أكد الجانب الإثيوبي في أديس أبابا، على عدم الإضرار بمصالح مصر من جراء بناء سد النهضةquot;، على حد قوله.
كما ذكر وزير الموارد المائية والري، محمد بهاء الدين، أن بدء إثيوبيا في إجراءات إنشاء سد النهضة، والتي تجري منذ فترة، لا تعني موافقة مصر على إنشاء هذا السد، وتابع بقوله: quot;إننا مازلنا في انتظار ما تسفر عن أعمال اللجنة الثلاثية، التي من التوقع أن ترفع تقريرها خلال أيام.quot;
لا تفريط
وبينما شدد الوزير على أن quot;موقف مصر المبدئي، هو عدم قبولنا لأي مشروع يؤثر بالسلب على التدفقات المائية الحاليةquot;، فقد أكد أن quot;أزمات توزيع المياه التي نواجهها في مصر هذه الأيام.. تؤكد quot;أننا لا نستطيع التفريط في نقطه مياه واحدة من الكمية التي تأتي إلينا من أعالي النيل.quot;
أما السفير المصري لدى إثيوبيا، محمد إدريس، فقد ذكر من جانبه، أن quot;بدء إثيوبيا في تحويل مجرى النيل الأزرق لا يعني قطع المياه.. ولكن تعني إفراغ الموقع المخطط لبناء سد النهضة من المياه، حتى يمكن إجراء عمليات الإنشاءاتquot;، معتبراً أن قرار تحويل مجرى النيل quot;خطوة غير مفاجئة.quot;
انتقادات
في المقابل، اعتبرت الجماعة الإسلامية أن بناء سد quot;النهضةquot; الأثيوبي على نهر النيل، بمثابة إعلان حرب على مصر، ودعت القوى السياسية في البلاد إلى التوحّد لـquot;مواجهة ذلك الخطرquot;.
وقال رئيس المكتب السياسي لحزب (البناء والتنمية) الذراع السياسي للجماعة طارق الزمر، في بيان نشره موقع الجماعة على الإنترنت، إن quot;بناء سد النهضة الإثيوبي بمثابة إعلان الحرب على مصرquot;، داعياً القوى السياسية إلى الارتفاع فوق مستوى ldquo;المعارضة الكيديةrdquo; التي تضر الأمن القومي.
وشدَّد الزمر على أن الأمن المصري في خطر خاصة بعد وجود تهديدات للأمن القومى، محذراً من وجود ldquo;مؤامرة في الخارج تستوجب من مؤسسة الرئاسة التصدي لها مع ضرورة الاعتراف بوجود خطرrdquo;.
انتقد مدير المخابرات العامة الأسبق، اللواء ممدوح قطب، تعامل الحكومة مع سد النهضة في إثيوبيا بـquot;المهادنة الشديدةquot;، وأكد أن quot;هذا السد مخالف للاتفاقيات الدولية، لأنه لا يراعي مصالح مصر والسودانquot;، كما حذر من أن انهيار هذا السد quot;يمكن أن يمحو مدينة الخرطوم.quot;
تهديد السد العالي
وقال المسؤول السابق إن السلطات الإثيوبية تعتزم بناء هذا السد على منطقة quot;شديدة الوعورةquot;، ومعامل الأمان به 1.5 درجة، مقارنة بمعامل الأمان بالسد العالي الذي يبلغ 8 درجات، مما يعني أنه في حال انهياره، نتيجة احتجازه كميات هائلة من المياه، يمكن أن يمحو السدود التي بنتها السودان، وتصل المياه إلى مصر بعد 18 يوماً.
ودعا اللواء قطب، في تصريحات لتلفزيون quot;أون تي فيquot; الثلاثاء، إلى ضرورة تعامل مصر مع المؤسسات المانحة، للضغط على إثيوبيا، مؤكداً في الوقت نفسه أن quot;التحكيم الدولي سيكون في صف مصر، وسترفض أي مؤسسة مانحة توفير المال اللازم لهذا السد، حتى لا تخرق القانون.quot;
وفي الأخير، فإن وزير الخارجية والأمين العام للجامعة العربية الأسبق عمرو موسى رئيس حزب quot;المؤتمرquot; أكد أن مشروع إثيوبيا في تحويل مجرى النيل الأزرق، يمثل quot;تحولاً تاريخياً في مسار مياه نهر النيلquot;، ودعا المرشح الرئاسي السابق والقيادي في quot;جبهة الإنقاذ الوطنيquot; إلى ضرورة تجنب كل ما يؤدي إلى توتر العلاقات في منطقة القرن الأفريقي.
وطالب موسى، في بيان له الحكومة بالدخول فوراً في مفاوضات ثنائية مع إثيوبيا، لبلورة وتحديد وضمان المصالح المشتركة، على أن تشمل المفاوضات مختلف العناصر السياسية والقانونية والاقتصادية وموضوع المياه.