أدى حادث قتل ثلاثة شبان من آل جعفر وأمهز إلى شيوع حالة من التوتر في البقاع في شمال لبنان، لا تزال مستمرة حتى الساعة، على الرغم من جهود القوى الأمنية لتطويق الحادث وذيوله، وقد تعالت أصوات تطالب باعتبار البقاع منطقة عسكرية.


بيروت: تتوالى الحوادث الأمنية المقلقة في البقاع اللبناني. ومع كل حادث جديد، ومع كل قتيل يسقط، يقترب البلد أكثر فأكثر من أتون الحرب الأهلية السورية، إذ تدور كل هذه الحوادث في فلك الفتنة الشيعية السنية، التي تهدد لبنان، على خلفية وقوف السنة في خندق المعارضة السورية، وإصرار الشيعة على مساندة النظام السوري.

وأمس، لم تهطل الصواريخ على قرى بقاعية، بل ساد الحذر والتوتر في بلدة اللبوة، بعد جريمة وادي رافق، التي أدت إلى سقوط أربعة شبان، اثنين منهم من آل جعفر، وثالث من آل أمهز، ورابع تركي مولود من أم لبنانية من آل سيف الدين.

والمعروف أن العائلتين مناصرتان لحزب الله وحركة أمل، لذا امتدت أصابع الاتهام سريعًا إلى قرية عرسال السنية، على الرغم من ارتفاع أصوات كثيرة تحذر من الوقوع في فخ منصوب للبنان، هو فخ الفتنة، خصوصًا بعدما خطب أمين عام حزب الله حسن نصرالله أخيرًا، مؤكدًا أن لا صواريخ تطلق من عرسال على بعلبك، وأنه من الضروري التيقظ كي لا تقع الفتنة السنية الشيعية في البقاع اللبناني.

اتهام عرسال

كانت مصادر أمنية رسمية روت أنه فور العثور على جثث القتلى الأربعة، على طريق جردية في وادي رافق بين جرود القاع ورأس بعلبك، نفذ مئات المسلحين انتشارًا واسعًا في بلدة اللبوة، حيث تقع الطريق الوحيدة المؤدية الى عرسال، وفتشوا السيارات بحثاً عن مواطنين من البلدة.

وسجّلت أيضًا حالات انتشار مسلّح في أكثر من منطقة قريبة، قبل أن يستقدم الجيش تعزيزات عملت على حفظ الهدوء. ووصل إلى المنطقة مسؤولون من حركة أمل وحزب الله، أبرزهم الوزير علي حسن خليل، المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، فالتقى عائلة امهز. كما وصل الشيخ محمد يزبك والوزير محمد الحاج حسن عن قيادة حزب الله، ما أشاع جوًا من الطمأنينة.

واستنكر أهالي عرسال هذا الاعتداء، الذي يرمي الى الإيقاع بين أهالي عرسال وأهالي المنطقة، والى إشعال نار الفتنة المذهبية، وأكدوا أنهم براء من الفاعلين أياً كانت هوياتهمquot;. وأكد علي الحجيري، رئيس بلدية عرسال، أن لا ذنب لأهالي البلدة في ما حصل.

إلا أن ابناء المنطقة يؤكدون ان ابناء عرسال يعرفون من قتل الشبان الأربعة، ودعوهم الى المساهمة في تهدئة الأجواء وتسليم المجرمين. واليوم، يسيّر الجيش اللبناني دوريات معززة في المنطقة، خصوصًا أنه جرى تشييع الشابين من آل جعفر في الساعة العاشرة صباحًا، وسيتم تشييع شريف أمهز في الساعة السادسة مساءً.

القاتل سوري

ونقلت صحيفة المستقبل عن مصادر أمنية لبنانية قولها إن الأجهزة الرسمية أثبتت للعائلات المصابة أن هوية القتلة سورية وليست لبنانية من أهل عرسال، ما ساهم في تخفيف حدّة التوتر وسحب المسلحين من الشوارع.

وكانت قيادة الجيش اللبناني طلبت من العائلات البقاعية التعالي على الجراح وضبط النفس والتحلي بالصبر, مؤكدة أنها لن تسمح باستغلال الحادث الأليم، لضرب الوحدة الوطنية وتقويض ركائز العيش المشترك بين أبناء المجتمع الواحد.

وأعرب رئيس الحكومة المكلف تمام سلام عن أسفه للجريمة، ودعا أهالي الضحايا وجميع المعنيين في المنطقة إلى التزام الحكمة وضبط النفس والتنبه الى مخاطر الفتنة، وإلى ترك السلطات الامنية والقضائية تقوم بواجباتها في ملاحقة المجرمين.

وقال في تصريح إن الحادث جريمة موصوفة، تستدعي التعامل معها باقصى درجات الحزم والشدة وفق مقتضيات القانون، داعيًا كل المخلصين والحكماء في بعلبك والهرمل وعرسال إلى ضبط النفس، وتغليب لغة العقل والتهدئة.

ونقلت الوكالة الوطنية للأنباء عن عضو كتلة الكتائب اللبنانية النائب ايلي ماروني تساؤله: quot;إلى متى سنستمر باتخاذ الإجراءات ونضبط الفلتان الكبير، خصوصًا أن هناك من يطالب بالثأر والمذهبية والطائفية والإنتشار المسلح في كل بقعة من مناطق البقاعquot;.

وأضاف: quot;قد يكون القتلة من الطابور الخامس ومن السوريين، والأفضل أن نعلن حالة طوارئ في بعض مناطق البقاع، نظرًا لخطورة الوضع ودقة المرحلةquot;. وكان وزير الداخلية اللبناني مروان شربل أيد التوجه لإعلان البقاع منطقة عسكرية، لكنه قال في حديث صحافي إن الأمر يتطلب إجتماعًا لمجلس الوزراء ولمجلس النواب، لإقرار هذه الخطوة.