تعيش مدينة حمص أوقاتًا عضيبة، إذ تتعرض لقصف مدفعي وجوي هو الأعنف حتى اليوم. وعين النظام على احتلال قلعة الحصن، لتصبح المدينة في مرمى جيشه.


كان دخول جيش النظام السوري وعناصر حزب الله إلى القصير بريف حمص الخطوة الأولى التي أراد منها النظام بسط سيطرته على كامل المحافظة، التي صمدت طويلًا بوجه قواته، بالرغم من كونها محاصرة من أكثر من جهة، وبالرغم من تعرضها لوابل عنيف من البراميل المتفجرة، ترميها الطائرات يوميًا على خطوط الجبهة، وعلى المدنيين أيضًا.

أعنف هجوم

اليوم، يستمر الجيش السوري النظامي، مدعومًا بأرتال من نخبة حزب الله، في هجوم هو الأعنف منذ عامين، على مناطق عدة في حمص، في محاولة حثيثة لطرد مقاتلي المعارضة السورية الذين يسيطرون على المدينة، وفقًا لما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية عن مصادر أمنية ووسائل إعلام حكومية.

وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن الجيش النظامي أحرز تقدمًا كبيرًا في حي الخالدية بحمص، بعد أن قضى على المسلحين الذين كانوا يتحصنون في الحي، بحسب قولها، وبعد تفكيك عدد كبير من العبوات الناسفة التي زرعها ما وصفته بالإرهابيين في الحي، لإعاقة تقدم وحدات الجيش. ووصف الإرهابيين هو ما تستخدمه وسائل اللعلام السورية النظامية للدلالة على الثوار.

غير مسبوق

وقالت تقارير إعلامية أخرى إن العمليات العسكرية في أحياء حمص لم تتوقف، بل تزداد وتيرتها خصوصًا في أحياء الخالدية والحميدية وحمص القديمة، التي تشهد اشتباكات عنيفة، بمختلف أنواع الأسلحة. وأكد ناشطون معارضون تعرض هذه الأحياء في حمص، وغيرها أيضًا، لقصف عنيف من مرابض القوات الحكومية.

وهذا ما أكده أيضًا المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض، الذي أفاد بأن القصف العنيف يتركز على أحياء الخالدية وباب هود والحميدية وبستان الديوان، الواقعة جميعها وسط حمص، بشكل غير مسبوق باستخدام قذائف الهاون والصواريخ وقذائف الدبابات والمدفعية الثقيلة، كما ينفذ الطيران الحربي غارات جوية متتالية على الأحياء المذكورة، وصفتها الهيئة العامة للثورة السورية بأنها الأعنف حتى الآن.

ويرمي الجيش النظامي، ومن ورائه حزب الله، إلى احتلال قلعة الحصن في حمص، لذا يقصفها والبلدة المحيطة بها بشكل عنيف، بالقذائف والصواريخ، ما أشعل فيها النيران التي أتت على معظم بساتينها.

حجر عثرة

ولا شك في أن السيطرة على كامل حمص يقدم للقوات النظامية هدية على طبق من ذهب، خصوصًا أن المنطقة كانت عقبة فعلية في وصول الإمداد إلى وحدات الجيش السوري في الساحل، وإلى وحدات حزب الله من البقاع اللبناني. فسقوطها بيد النظام يفتح أمام عناصر حزب الله خطوطًا آمنة للوصول إلى حلب ومناطق سورية أخرى، انطلاقًا من بعلبك التي تصلها بحمص طريق دولية.

إلى ذلك، يلاحظ مراقبون أن حمص لا بد أن تسقط، بينما تتقدم المعارضة في مناطق سورية أخرى، إذ يصب هذا في خانة إعادة رسم الخريطة السياسية الطائفية لسوريا، أي في تقسيمها دويلات طائفية. فحمص شوكة سنية في خاصرة الدولة العلوية، متى نشأت. كما أن غياب حمص عن هذه الخريطة، يفتح أمام الدولة العلوية باب التنفس الداخلي والاقتصادي، متى ارتبطت جغرافيًا وميدانيًا بمناطق الشيعة في لبنان، الغنية بالزراعة.