غوغوتيانكاري: لم تدم الحرب الروسية الجورجية في 2008 سوى خمسة ايام لكن بعد خمس سنوات ما زالت جورجيا التي تكبدت هزيمة نكراء في نزاع بدأته تبيليسي في محاولة استعادة اوسيتيا الجنوبية الانفصالية، تضمد جراحها.

ولا تزال اثار الحرب واضحة في قرية غوغوتيانكاري الصغيرة. وتقطع البساتين اسلاك شائكة يبلغ ارتفاعها مترا، وتقسم المنطقة الى قسمين، واحدة تسيطر عليها اوسيتيا الجنوبية المدعومة بموسكو بينما تخضع الثانية الى ادارة جورجيا.

ويخص الامر شخصيا اميران غوغوتيشفيلي -- احد الجورجيين القلائل جدا الذين بقوا في هذه المنطقة بعد حرب 2008 -- اذ ان بستانه الذي كان مورد عيشه الوحيد تقريبا في السابق اصبح الان في الجانب الاخر من الاسلاك الشائكة.

وقال الرجل (67 سنة) لوكالة فرانس برس وهو ينظر الى حطام محروقة لما كان في الماضي منزل احد افراد عائلته quot;اشعر وكأنني اعيش في سجنquot;. وقال غوغوتيشفيلي متنهدا ان خفر الحدود الروس المنتشرين في اوسيتيا الجنوبية منذ الحرب الخاطفة، هم فقط الذين يدخلون بستانه مع كلابهم.

واوسيتيا الجنوبية المستقلة عمليا منذ النزاع المسلح خلال التسعينيات، كانت قبل الحرب مجموعة من القرى تسكنها قوميتان واحدة من اوسيتيا والثانية من جورجيا يتعايش سكانها وحتى يتزوجون من بعضهم البعض.

وبعد الهجوم الذي شنته جورجيا ليل السابع الى الثامن من اب/اغسطس ردت روسيا بعملية عسكرية واسعة النطاق اجتاحت خلالها قسما من جورجيا، وبعد الحرب التي استمرت خمسة ايام اعترفت روسيا باستقلال اوسيتيا الجنوبية وابخازيا، وهي منطقة انفصالية جورجية اخرى واقامت فيهما قواعد عسكرية.

وتركت معظم القرى الجورجية ودمرت منازلها او احرقت. وقال غوتشا مركيشفيلي (28 سنة) الذي تعبر قريته خورفاليتي ايضا اسلاك شائكة ان quot;كل الذين كانت لديهم اماكن يلجؤون لها (في مكان اخر) رحلواquot;.

لكنه اضاف quot;انا لم يكن لي اي مكان آخر فاضطررت الى البقاءquot;. واستقر سكان اخرون مثل ليلى بريدزي في مخيمات اقامتها السلطات الجورجية قرب الحدود. واصبحت المعلمة السابقة تعيش في منزل صغير من الاسمنت في مخيم يأوي حوالى الفي لاجئ في تسيروفاني.

وقالت المرأة التي اضطرت الى مغادرة منزلها بعد ان احتلت القوات الروسية والاوسيتية مسقط رأسها في اخالغوري quot;اكيد ان الافضل هو الاقامة في مسقط الرأسquot;. وبعد خمس سنوات اعلن وزير اعادة الاندماج الجورجي باتا زكاريشفيلي حصيلة محبطة للحرب وقال ان محاولة الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي في 2008 تسوية هذا النزاع الحدودي بالقوة ادت بالنهاية الى quot;نتيجة غير متوقعة: وهي حرب حقيقية ومزيد من اللاجئين ومن المعاناة البشريةquot;.

وصرح الوزير لفرانس برس quot;لم يحصل اي طرف من هذا النزاع عما كان يريدهquot;. وقد تغير المشهد السياسي في جورجيا اليوم. وتشهد البلاد مرحلة تعايش صعبة بين الرئيس الموالي للغرب ميخائيل ساكاشفيلي ورئيس الوزراء الثري بيدزنا ايفانيشفيلي الذي فاز ائتلافه المعارض بالانتخابات التشريعية في تشرين الاول/اكتوبر 2012.

ودعا ايفانيشفيلي الذي يعتبر مقربا من روسيا لانه اثرى فيها، تطبيع العلاقات مع موسكو التي انقطعت منذ نزاع 2008. ولم تستبعد حكومته تحقيقا حول طريقة ادارة الحرب التي تكبدت فيها جورجيا خسائر تقدر بنحو مليار دولار (753 مليون يورو) حسب اخر التقديرات الرسمية.

ورغم ان بيدزينا ايفانيشفيلي يدعو الى تقارب مع روسيا يؤكد في الوقت نفسه مواصلة الاتجاه الموالي للغرب الذي كانت جوريجا تنتهجه مع الحكومة السابقة. واعتبر جورج خوتسيشفيلي مدير المركز الدولي لتسوية الخلافات في تبيليسي ان quot;جورجيا لا يمكن ان تتجاوز بعض الخطوط الحمراءquot;.