أي دور للسياسة الخارجية التركية بعد خطف الطيارَيْن التركيَّيْن في بيروت والمطالبة بإطلاق مخطوفي إعزاز في مقابلهما، بل أي دور لها بعد النكسة التي اصابت الاخوان المسلمين في مصر.


بيروت: يرى معن بشور ( المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية) في حديثه لـquot;إيلافquot; أنه حين انطلق اسطول الحرية من الساحل التركي باتجاه ساحل فلسطين في مطلع حزيران/يونيو 2010، ظن كثيرون أن انقرة قد بدأت رحلة كسر العزلة التي فُرضت عليها وعلى دورها الاقليمي منذ انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى، لكن من حاولوا أن يردوا على الجريمة الاسرائيلية بحرق رواد سفينة مرمرة واستشهاد 9 من الاتراك، ادركوا بوضوح أن الحكومة التركية قد اتخذت قرارًا حاسمًا بإغلاق هذا الملف، وأنها ستكتفي بضغوط دبلوماسية من اجل التحقيق بتلك المجزرة، وبالتالي فإن المطامح في السياسة الخارجية لتركيا للعب دور اقليمي قد تراجعت.

ويضيف بشور :quot; غير أن الذي حصل كشف أن العزلة المفروضة على تركيا كانت محصورة بمنعها من الاقتراب من الملف الفلسطيني الذي يحرك داخل الشعب التركي شجونًا ومشاعر عديدة، وبات الباب مفتوحًا لتركيا لأن تلعب ادوارًا في عموم المنطقة، إلا في فلسطين.

ويتابع بشور:quot; على مدى عامين ونصف العام، اندفعت السياسة الخارجية التركية في مجموعة صراعات تحولت الى أزمات مع معظم جيرانها، وبات واضحًا أن سياسة quot;صفر quot; المشاكل التي نادى بها وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو، قد تحولت الى سياسة quot;كلquot; مشاكل مع جيران تركيا العرب وغيرهم، ويبدو أن ما أغرى حكومة رجب طيب اردوغان على الانغماس في هذه السياسة، هي علاقتها الخاصة بحركات اسلامية في المنطقة لعبت دورًا في التغيير الذي شهدته بعض الدول لا سيما في مصر، والتي يقول كثيرون إنه ما كان ممكنًا وصولها الى السلطة لولا الدعم التركي لها، بالتمهيد لها مع واشنطن للسماح لها بهذا الوصول.

سياسة...وعمق شعبي

ويؤكد بشور أنه بات واضحًا أن لأنقرة سياسة خارجية تستند الى عمق شعبي، والى متغيّرات في المنطقة، لذلك عوضت تركيا بهذه التحولات عن تعثر اصاب سياستها في ملفات أخرى في السياسة الخارجية لا سيما في الازمة السورية، التي وعد اردوغان شعبه بحسمها خلال اسابيع، ولكن النظام الذي كان صديقًا لأنقرة استمر اكثر مما توقع الكثيرون، من هنا أصيبت السياسة الخارجية التركية بنكسة جديدة عبر ما جرى في مصر بعد 30 يونيو، وبات هذا العمق الشعبي التركي مهتزًا، لتهتز من جديد ركائز السياسة الخارجية التركية، ولتبدأ داخل المجتمع التركي مجموعة من التفاعلات بدأت بانتخابات لتصبح تحركات، وصولاً الى حراك شعبي يستعيد المشهد في عواصم عربية عدة، وليستعيد ايضًا على لسان المسؤولين الاتراك كلامًا سمعه المواطنون العرب، من حكامهم جميعًا وهم يواجهون الحراك الشعبي، لذلك، يضيف بشور، يمكن أن نقول إن الحكومة التركية تواجه اليوم مأزقًا في سياستها الخارجية، بما في ذلك انعكاسات في السياسة الداخلية، لعل ابرزها دون شك ما يجري بين معارضة سورية مسلحة، مدعومة من انقرة، وبين كرد سوريا، الذين يعتبرون امتدادًا سياسيًا وعاطفيًا لأكراد تركيا، وبدا وكأن اجواء السلام التي ظهرت في سماء العلاقة التركية الكردية، تحولت الى حرب ومجازر في شمال شرقي سوريا.

ويلفت بشور أنه بهذا المعنى جاء خطف الطياريْن التركيين في لبنان، مع ادانتنا الكاملة لأي خطف، ليكشف تجرؤًا على السياسة التركية، وليطرح تساؤلات حول دور الحكومة التركية في مجموعة ملفات كملف المخطوفين اللبنانيين في اعزاز، وملف المطرانيْن المخطوفين اليازجي وابراهيم، وملف المسؤولية التركية في ما ارتكبه معارضون مسلحون في الشمال السوري وريف اللاذقية.