مع إعلان وزارة الخارجية الأميركية يوم الخميس أن الولايات المتحدة غير قادرة على القول بشكل قاطع إن أسلحة كيميائية استخدمت في هجوم مزعوم بالغاز قرب دمشق، فإن صدقية الرئيس باراك أوباما تواجه الاختبار الأصعب.


كان الرئيس الأميركي باراك أوباما حذر نظام دمشق في العام الماضي من نشر أو استخدام أسلحة كيميائية أو بيولوجية تعتبر quot;خطاً أحمرquot;. ولاحظ مراقبون أن الإدارة الأميركية أبدت عجزاً غير مسبوق في ردة فعلها تجاه جريمة استخدام الأسلحة الكيميائية في ريف دمشق فجر الأربعاء.

ويقول مراقبون إنه في حال ثبات تسمم مئات السوريين بالغاز، فإن مصداقية أوباما حول الخطوط الحمراء قد تكون الضحية التالية. وكان أوباما أمر أجهزة المخابرات الأميركية بالعمل بشكل عاجل على جمع معلومات للمساعدة في التأكد من المزاعم.

وسارعت الولايات المتحدة مع نحو 36 دولة طلبت من الأمم المتحدة يوم الأربعاء التحقيق فوراً في الهجمات المزعومة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين ساكي: quot;نحن غير قادرين في هذا الوقت على القطع باستخدام اسلحة كيميائيةquot;. واضافت: quot;نبذل قصارى جهدنا لمعرفة الحقائقquot;.

جمع معلومات

واضافت: quot;هذا يعني جمع معلومات من شهود على الأرض .. يعني جمع استخبارات .. جمع معلومات مفتوحة المصدر.. جمع معلومات بطريقة علميةquot;. وأقرت ساكي بأن هذا قد يكون مهمة صعبة جداً في ضوء عدم وجود علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وسوريا.

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري تحادث مع نظرائه في أوروبا والشرق الأوسط لتكوين فكرة أوضح عمّا حدث، وبحث quot;الخطوات المناسبةquot;. وقالت ساكي يوم الخميس إن هذا الخط الأحمر الذي حذر منه الرئيس الأميركي تم تجاوزه quot;قبل نحو شهرينquot; وإن أوباما وفريقه للأمن القومي يبحثون عددًا من الخيارات.

ورفضت المتحدثة اعطاء تفاصيل بشأن الخيارات. لكن البيت الأبيض قال في يونيو حزيران إنه سيقدم مساعدات عسكرية لجماعات معينة من المعارضين السوريين. وقالت المتحدثة: quot;إذا صحت تلك التقارير فسيكون هذا تصعيدًا شائنًا وصارخاً لاستخدام النظام للأسلحة الكيميائية.. ولذا ينصب تركيزنا على التثبت من الحقائقquot;.

هل تعني شيئاً؟

وفي لندن، تساءلت صحيفة (ديلي تلغراف) الجمعة في مقال لها: quot;quot;هل تعني خطوط أوباما الحمراء شيئًا؟quot;، وتقول الصحيفة إنه اذا وضع الرئيس الاميركي خطاً أحمر، فإن عليه الالتزام به، ولكن، على حد قول الصحيفة، الرئيس الاميركي لا يلتزم بذلك.

وتقول الصحيفة إنه في العشرين من أغسطس/اب 2012 ادلى أوباما بتصريح عن الازمة السورية له اهمية بالغة، وقال في هذا التصريح: quot;اوضحنا لنظام الاسد ولباقي اللاعبين على الارض أن الخط الاحمر بالنسبة لنا هو مشاهدتنا لنقل أو استخدام الاسلحة الكيميائيةquot;.

وتنبه الديلي تلغراف إلى أن هذه الخطوط quot;لم تكن ذات أهمية تذكر في الحقيقةquot;، فبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة أقروا خلال العام الماضي باستخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، فما كان من واشنطن إلا أن أعادت رسم quot;خطوطها الحمراءquot;.

وقالت: quot;فالتهديد في بادئ الأمر اقتضى بأن كل شيء سيتغيّر في حال استخدام النظام الأسلحة الكيميائية - بغض النظر إن استخدمها وهو في حالة غضب. إلا أن الأسد عمل على استخدام الغاز ضد أعدائه على نطاق مصغر، وبذلك لا يكون قد تجاوز الخطوط الحمراء الجديدةquot;.

تسجيلات المعارضة

وتضيف ديلي تلغراف بأن التسجيلات التي تبثها المعارضة السورية لما حدث في الغوطة تشير الى تخطي الخط الاحمر الذي وضعه اوباما. وتقول الصحيفة إن ردة فعل أوباما على احداث الغوطة لم تتضح بعد، ولكن يمكن التكهن بأنه لن يقوم بالكثير، ويرجع ذلك بصورة جزئية للتعقيدات على الارض.

وتضيف (ديلي تلغراف) بأن الاميركيين يشعرون بالقلق ازاء وجود سلاح في أيدي المعارضة المسلحة المرتبطة بجماعات اسلامية متطرفة. كما أن فرض منطقة حظر طيران سيكون معادلاً لإعلان الحرب.

وتختم الصحيفة اللندنية قائلة: إن اوباما رفض سابقاً اتخاذ قرار بشأن سوريا لأن ذلك كان يعني اتخاذ اجراء عسكري في فترة الانتخابات، وفي مقاربة قالت: إن أوباما اتخذ موقفًا مماثلاً في مصر، حيث انتقل من التعايش مع نظام قمعي للتعايش مع نظام آخر يماثله قمعية، مقتفيًا أثر حركة التاريخ دون أن يقودها.