ldquo;The trouble with facts is that there are so many of them ldquo;
الأرشاد الديني من جهة والأرشاد السياسي من جهة أخرى لم يحققا ماهو مرجو منهما في المجتمعات العربية عموماً، وفي الحالة العراقية أصبحا حالتين متضادتين للأستبداد في المجتمع. وبدتْ حالات الأرشاد والتوجيه هذه، بأحسن أشكالها،وكأنها تسول رخيص لا قيمة له أِلا بين موظفي خدمات التسويف والتخدير ومناقشة ماهو خصوصية كل فكر ومذهب مستقل.

وساهمتْ السلطات المُخّولة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، في أداءها الحكومي الرسمي في هذا الأستبداد والتسويف وأدامته. ولم تتخلص السلطة من موجة الأضطراب المتعمد وحالة التسول التثقيفي المُدمر الذي أدخلته موجات من المرشدين والأدعياء وثرثراتهم الدينية والسياسية، أِلا في حالات نادرة. ووجد العراق نفسه في ما لا نهاية له من التأمر وموجات التخريب من لصوص الحضارة و التاريخ الذين دفعوا بشباب أبناء البلاد العربية للجهاد الزائف في العراق ووقفنا في حيرة وعجز أمام أناس همج تجمعهم همهمات وهوسات وخطابات جوفاء مع بعض أزلام النظام العشائري المندحر فأختلطتْ الصورة وضاعَت المصلحة العامة بظهور طبقة جديدة من اللصوص المتسولين والمجرمين الحاليين وأرباب السوابق ومساهمتهم في التأمر والتدمير الذي لابد لنا من تعريته وكشفه وفق أجراءات القضاء بعد الأنتخابات ورفع الحصانة القانونية عنهم. التساؤلات والتعقيبات والسجلات والوثائق لما أنتهى بنا الحال ستتطلب الأستجابة الفورية من الحكومة المنتخبة الجديدة ( أي حكومة عراقية ) بعد ألأنتخابات العامة في شهر أذار وتصل بنا حقائق كشف زُمر التأمر، وتكريس الجبهة الوطنية العراقية المنشودة لأستتباب ألأمن والأستقرار وأعادة صنع حضارة العراق.

هذا التسول الرخيص ظهرَ في أعلانات وتصريحات وملاحظات ومزايدات الغرض منها (جر الناس ) أنجراراً أعمى لاصلة له بأهداف التحرير والتقدم الحضاري والديقراطية. أهداف وغايات ماتتْ، ومحاولات تخدير فجة تخدم (الأنجرار الأعمى) للأعتقاد بضرورات مواعظ وفتاوى التطبيل السياسي داخل وخارج العراق لمجاراة أنظمة و معاداة أخرى.
السنوات القاسية التي مرتْ على العراق عَلّمتْ العراقيين بأن الرعاع الذين كانوا يجولون الشوارع لتفجير سيارات وتفخيخ أخرى لم يقرأوا أِلا وجوه عراقية بريئة وكتبوا غدراً بمسدسات صامتة تاريخ مظلم للعراق. كانت ولازالت بلاشك، محاولات شيطانية لا وقفة فيها ولم تتوقف تحت غطاء الدين تارة والسياسة الحمقاء تارة أخرى لظلم وحقد أعمى متناسين حكمة الرسول الأعظم وقوله في المسلم quot; عدم أيذاء الناس وعدم الأشراك بالله quot;.

هكذا كانت الثقافة السياسية والتربية الدينية العمياء في العراق منذ ستينات القرن الماضي الى اليوم.
فبعد تقسيم العراق بين مناصرين ومناوئين للنظام القديم والجديد، أصبح العراقيون شراذم من أناس يعادون بعضهم بعضاً، وساهم فيها بجهود وخطط شيطانية فئات أقليمية عربية وأعجمية بمباركة عراقية في أغلب الحالات. وأكاد أجزم أن موجة التغييرات التي طغت على العراق في العقود الزمنية الأخيرة تشجع على القول بأننا منقسمون (على الصعيد الشعبي والحكومي ) بسذاجة سياسية فطرية مضحكة، مابين شيعي، سني، وكردي،عربي، تركماني، وبأمراض أجتماعية نفسية فتاكة وأميّة يصعب التخلص منها لقلة الجهود التربوية الثقافية (رغم أهميتها) وعدم التركيز على محاربة العمل المنظم لدعاة التخدير المذهبي والفتاوى البالية وحالات التسول الثقافي السياسي التي( مازال ) يشارك فيها بعض من يعمل في مؤسسات الدولة الرسمية. كما ظهرت رغبة أِعلامية طاغية من مثقفي صحف الموائد المأجورين لأرجاع أصول وأنساب خصوم أسيادهم الى تاريخ الدولة الساسانية (الفرس) أو الدولة الطورانية العثمانية (الترك) والتناحر السفسطائي بشأنهما في عملية جر وشد مبتذلة، وتناسوا عمداً وقصداً قوله تعالى لردهم الى جحورهم quot; كتابُُ فُصلتْ آياته قرآناً عربياً لقوم يعملون quot;. سنوات مضت ومثقفو العراق لا يمسكون بزمام الأمور، وإستطاع الجهلة القفز في مقصورة القيادة لأسباب لا مجال لذكرها.
وأكاد أجزم بثقة أن ثقافة الأمس والتسول الثقافي المريح، رغم طغيانهما الحالي، ستزول تدريجياً باليقظة والتربية التعليم والثقافة العامة التي لاتدعو العراقيين للأنجرار وراء وسائل الأرشاد الديني و السياسي المُغرض. فأنا على أعتقاد راسخ بأن الطبقات العالية الثقافة ستأخذ دورها المناسب، دون يأس، للتغلب على هذه ألأمراض المتوارثة لأسباب عراقية بحته تخصنا كمجتمع.

العراق للعراقيين....ولن يكون غير ذلك رغم الطروحات الفكرية المتزمتة المهيمنة على عقول البعض،
ورغم طغيان الفساد الذي ساد السنوات الماضية، وسينتهي دورالمليشيات المخربة الخارجة على القانون ووجهائهم المنساقين وراء مناصب ونفوذ
ويستخفون بنظافة العقول والسلوك المستقيم والقيم العراقية الأصيلة وتعليل محاربة أهل العراق بطرق بدائية يوظفون فيه الجهلة في أعمال دنيئة
لنسج أكاذيب عن معتقدات الناس وأيمانهم.


المرشحون في الأنتخابات والمقاعد النيابية:
ماذا يُمثل المقعد النيابي؟

المرشح الجمهوري الفائز بمقعد في الكونجرس الأمريكي، سكوت براون Scott Brown، الذي تغلب قبل أيام على خصوم من الحزب الديمقراطي في ولاية ماستيوشتس الأمريكية التي شغلها الراحل تيد كندي الديمقراطي لأكثر من 30 سنة، صرحَ بذكاء وخبرة سياسية، في مقابلة أمام وسائل الأعلام بأن quot; المقعد الذي شرفني الناخبين به لن يكون صوتاً للجمهوريين ولا للديمقراطين........أنه أولاً مقعد الشعب الذي سأشغله نيابة عنهم quot;. بكلمة أخرى، أن النجاح في العمل السياسي لايعني التسول بأعلانات لاتصلح للزمان أو المكان.

المقاعد النيابية العراقية التي يتسابق عليها المرشحون في الأنتخابات القادمة لاتصلح للتمثيل النيابي أذا كانت مجرد همهمات وتمتمات وهتافات وأعلانات مُخجلة. ولاتصلح لعناصر تحمل معاول تخريب مؤسسات الدولة العراقية وتحاول أن تخطف ثمرات الحرية وتطلع الأنسان الى الديمقراطية. مهام لم تنجز ومشاريع أنعاش حياة المواطن لم تتحقق بعد، وعقود مُزيفة لم تتابع فضائحها كعقد شراء جهاز كشف التفجير المُزيف ADE651البريطاني الصنع الذي كلف العراق 85 مليون دولار. كما لوحظ ( نسبياً) أنحطاط ثقافة بعض شاغليها وعدم نظافة عقولهم نتيجة تزّمتهم سياسياً قومياً ودينياً، وشحن الأسلاميات لخدمة خصوصيات مذاهب من أجل أعاقة العراق عن تحقيق أي تقدم لأهله.
وماأطلعني عليه من العراق أحد الأخوة المتخصصين عن طرق الأقتراع الداخلي داخل حلقات الأحزاب السياسية القومية والدينية ndash; المذهبية لأختيار المرشحين للخدمة النيابية يثير التسائل أِن كان النائب المُرشح ستتحدد مهامه(ها) لخدمة العراق أم المذهب أو الحزب. فالمناصب في مجلس النواب لن تكون ذات قيمة فعلية في أصدار تشريعات عراقية، أِن ضيقتْ أفقها الوطني بالخضوع لأرادة من قام بتزكية وترشيح الشخص للعمل للكتلة التي رشحته فقط. أن ذلك سيعطل تفعيل التشريعات القانونية أو تفضيل بعضها وأهمال أولوية البعض الأخر. كما أن تمسك النائب(ة) بالمقعد سيقاس بمدى ألالتزم في خدمة العراق الموحد وليس التسول الخطابي لحشد الموالين للقومية أو المذهب في (مودة تكفير الاخرين ) التي أخذتْ طابعاً عاماً في السنوات الماضية.

أن توجهات الحس الوطني العراقي واضحة، فالعراقي الواعي، والناخب بوجه خاص، لايفهم سر تعلق قيادات عراقية في أشراك دول كأيران، تركيا، مصر، سوريا بل حتى الولايات المتحدة في خصوصية العراق السياسية والأمنية في عمل توزيع والمقاعد النيابية، مع وضوح صورة قرب انسحاب القوات الأميركية المقاتلة. هناك شعب عراقي واحد وهناك اقليات عراقية مختلفة، و الناخب العراقي لايهمه إنْ كان رجل المؤسسة السياسية مخلوقاً بهالة ألهية أو مهجناً أو معدلاً وراثياً، المهم للناخب أن الممثل البرلماني يمثل العراق وليس كيان منفصل ومليشيات داخل وخارج الاجهزه الامنية، ويلتزم ببطولات أعمال أنسانية (هوسات) لحروب أقليمية، وذلك بالاهتمام بمشكلات الناس ومصالحهم ويلتزم بمُثُل عليا لأنجازات عراقية ضخمة تنتظر التنفيذ، وأن لايصلنا رجل المؤسسة السياسية مستورداً من الخارج كبقية الخضروات والفواكه التي تملأ اسواق بغـداد ومعظها مستوردة من تركيـا وإيـران وسـوريا وحتى الصين.

القواعد الأساسية العامة للإسلام:
وأود الأشارة بأنه عند أختتام أعمال الدورة السابعة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي في عَمان قبل أكثر من أسبوع، والتي شارك في أعمالها علماء ومفكرون بارزون من 44 دولة إسلامية.وبحث المشاركون موضوعات تتعلق بموقف الاسلام من الغلو والتطرف والارهاب والافتاء وشروطه وادابه. كان المُلاحظ بأن البحوث التي أُعدت في هذا الموضوع تتفق كلها على القواعد الأساسية العامة للإسلام وتعتبر المذاهب والعقائد الفقهية والتربوية، اجتهادات لعلماء الإسلام، القصد منها الخيّر وتيسيرالعمل بهذه القواعد، وتتجه كلها إلى بناء وحدة الأمة وإثرائها فكراً وتحقيقاً لرسالة الإسلام الخالدة.


ومايهمنا هنا هوquot; تلاقى البحوث و الدراسات التي قدمت مع مضامين وتوضيح حقيقة الإسلام ودوره في المجتمع المعاصرquot;. وقد ورد عن القواعد الأساسية quot; أنّ كل من يتبع أحد المذاهب الأربعة من أهل السُنة والجماعة(الحنفي،والمالكي والشافعي،والحنبلي) والمذهب الجعفري،والمذهب الزيدي، والمذهب الإباضي، والمذهب الظاهري، هو مسلم، ولا يجوز تكفيره ويحرم دمه وعرضه وماله وأيضاً quot;.

لذلك، فمن السذاجة والغباء والجهل الأستخفاف بمضامين وعادات وقيم وتقاليد المسلمين ومتابعة التنكيل بعاداتهم وتقاليدهم، مادامت لاتؤذي الأخرين وتحفظ مبادئ الأسلام من التلوث، بأختلاق نزاع يتبعه أتهام وقتال جاهلي أستناداً الى تحريض بأن خصومهم يظهرون الولاء والطاعة لدول خارج المحيط الأقليمي للدولة العراقية. لقد نزل القرآن عربياً، لا فارسياً ولاتركياً والتناحر والتبارز بسيوف القرون الماضية هو تأكيد على أثارة النعرات المذهبية والقومية واللغوية التي يقودها ثلة مستفيدة quot; حكومية، حزبية أوأعلامية quot; وتتقاسم شطارة تعرية هويات الأخرين وتبادل الأهانات في وسائل الأعلام وأرجاعهم الى أنساب لاينتمون أليها. وكما قالوا قديماً ( أذا كانت الحقائق لاتطابق النظرية....فغيير مايحلو لك من الحقائق ).

ومن المؤلم حضارياً، أن نرى أن العراق يتأخر بأشواط في هذا المضمار نتيجة الجهل والتخلف وتأثير بعض الساسة المغمورين، من العرب والأكراد، الذين يزرعون اليأس في النفوس بأقوال شاذة سياسياً وقومياً وتاريخياً، بأن العراق لم يكن دولة يوماً، متناسين عمداً وقصداً، أن معظم دول العالم لم تقم على عنصر واحد أو قومية واحدة.
هذه الحالة الفريدة وخيال نظرية المؤامرة ومواقف الأعتراض والشك مكنتْ البعض أن يربط (بغباء) أيران وسوريا وحماس وحزب الله باسرائيل وأمريكا، وأمكنتْ البعض الأخر، ربطَ تركيا وأمريكا ومصر والسعودية وأسرائيل. أنها أعلانات لاتصلح وتحليلات لثقافة القلم الأعلامي المشوَه الفكر. أنها بالتأكيد حالة من حالات التسول السياسي والديني الرخيص الذي يجب أن ننبذه جميعاً.


أستاذ جامعي وباحث سياسي

[email protected]