quot;وافقت الحكومة الإسرائيلية التي يهيمن عليها اليمين، في 10-10-2010، على مشروع تعديل قانون يلزم المرشحين لنيل الجنسية الإسرائيلية أياً كانت ديانتهم بإداء قسم الولاء لـquot;دولة إسرائيل يهودية وديمقراطيةquot;. وقال بيان لمكتب رئيس الوزراء إن 22 وزيراً أيّدوا مشروع تعديل القانون مقابل معارضة ثمانية... كما حذر وزير الشؤون الاجتماعية الاسرائيلي العمالي اسحق هرتزوغ من quot;بوادر فاشيةquot;. وجاء مشروع إقرار الولاء استجابة لطلب حزب quot;إسرائيل بيتناquot; المتطرف بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمانquot;.


هذا النوع من مشاريع القوانين التي تخرج بين الفينة والأخرى من النخب الإسرائيلية، إنما تؤكد على أن الإحساس بعدم الشرعية القانونية والإخلاقية، لهذه النخب، وعدم مشروعيتها، حيث أنها لا تمتلك مشروعا مستقبليا للتصالح مع تاريخها ومع ممارساتها، مشروع مستقبلي يحول الوجود بالقوة العارية إلى أمر واقع له موجبات أخلاقية وقانونية.

الاعتراف بدولة إسرائيل تحت ضغط الواقع، وتحت تهديد السلاح، أو تحت الاقتناع بعدالة ما لهذا الأمر الواقع، لا يغير في أن إسرائيل دولة لازالت تعتمد في وجودها بالمنطقة على مبدأquot; القوة العارية وموازينها، وهذه النقطة تجعل الإحساس بنقص الشرعية السلمية لنخبها، أمرا في غاية الصعوبة، وبالتالي لم تستطع هذه النخب أن تمتلك مشروعا قانونيا وأخلاقيا، وهذه النقطة لا تكفيها ما ارتكبته أوروبا بحق اليهود من مجازر وإقصاءات..

إن التمسك بيهودية الدولة تحت مختلف الذرائع، إنما يعني بكل بساطة أن الدين والسياسة في حالة اندماج لا يفصم عراه، مهما تشدقت هذه النخب، ومعها نخب أوروبا وأمريكا، بديمقراطية هذه الدولة، وإنها نموذجا شرق أوسطيا لدول العالم الحر، ومشروع القانون إذا أقرته الكنيست الإسرائيلي وهذا مرجح باعتبار أن اليمين هو الأكثرية فيها، فإنها تكون بذلك اول تجربة بالتاريخ المعاصر.

والأمر ليس كما يظهر بأنه، نتاج الإحساس من الخوف من الفلسطينيين، وموضوع العودة، بل السبب الحقيقي في هذه الأزمة، أن المجتمع الإسرائيلي منقسم دينيا، بطريقة لا يمكن معها إنتاج مؤسسة دينية واحدة، ولكون الديني السياسي في إسرائيل، هو المحدد، فإننا يمكن أن نتلمس عمق هذه المسألة.

إن التمثيلات الدينية في المجتمع الإسرائيلي لا يمكن لها أن تنفصل عن السياسية، ولا يمكن للسياسة أن تنفصل عن هذه التمثيلات المؤسسةلدولة إسرائيل، هذه التمثيلات في ظل ما تخلقه السياسة وتعدد المصالح، يجعل التاريخ عبارة عن لحظات مزايدة، بين هذه التمثيلات الدينية/ السياسية، وإسرائيل لا يمكن لها الاستمرارية على هذه الشاكلة دون تعبئة دينية، وهذه التعبئة الدينية لا تقوم بها مؤسسة إسرائيلية تمثل يهودها، بل جملة من المؤسسات، التي جلها يتمتع بتواجد سياسي داخل الحكومات والبرلمانات الإسرائيلية.
كل مؤسسة من هذه المؤسسات تعتبر نفسها حزبا سياسيا، حركة شاس، المفدال، الليكود، حزب ليبرمانquot; إسرائيل بيتناquot; يمكن أن يكون لدينا فقط حركتان: حزب العمل وحركة ميرتس، حركتان عابرتان لهذه التمثيلات، ولكنهما تراجعتا بشكل خطير، فميرتس وصلت في مرحلة من المراحل إلى 12 مقعدا في الكنيست، ولكن الآن! كما حزب العمل الذي أصبح وجوده في الكنيست يتحول إلى وجود رمزي بالتدريح... الملفت في الانتباه هو التالي: أنك يمكن لك أن تجد تجمعات مدنية وسياسية صغيرة إسرائيلية نخب ثقافية فردية ومستقلة، تنحو نحو السلام وتعترف بأن للفلسطينيين حقوق، وان ما مورس بحقهم بشعا ولا أخلاقيا ولا تقره قوانين ولا شرائع، لكن من المستحيل حتى اللحظة، أن تجد مؤسسة تمثيلية دينية يهودية في إسرائيل، تشير ولو مجرد إشارة لهذا الأمر!

هذا التنافس الشرس بين هذه التمثيلات الدينية- السياسية على الرأسمال الرمزي اليهودي في إسرائيل، المحايث لقيام هذه الدولة، خلق ويخلق وسيخلق مزيدا من القوانين العنصرية، هذا الرأسمال الرمزي المتمحور على ثلاث مقولات: الأولىquot; اليهود شعب الله المختارquot; والثانيةquot; فلسطين أرض المعيادquot; والثالثةquot; المظلومية التي تعرض لها اليهود في أوروباquot; تتداخل هذه المقولات وقد أنشات حولها منظومات خطابية، ومؤسسات، ونتيجة لدعم الأقوياء في العالم لهذا الأمر، لم تعد تنظر هذه المؤسسات إلى الخلف، أو إلى ما صنعته وتصنعه بالفلسطينيين وبشعوب المنطقة. بات لها حقلا خاصا مسيطرا ومهيمنا على المستويات الثقافية والسياسية الإسرائيلية، وداخله تجري هذه المزايدات التي وصلت إلى من يصرح بأنهم يجب أن يطردوا ما تبقى من فلسطينيين، أو من يدعو من هذه المؤسسات إلى إبادة العرب.
quot; إسرائيل بيتناquot; سيكون عنوانا يعيش طويلا....وسترتب عليه مزيدا من العنصرية.