ربما أصبح المشهد السياسي في العراق الآن اكثر خطورة من ذي قبل،فحالات التوافق كانت قريبة من الأعلان،والكتل السياسية كانت تسعى بنفسها لحل خلافاتها العالقة داخليا حول من هو الرئيس للوزراء ومن هو الفائز،وسرعان ما تحول تلك التقاربات إلى نفور من كلا الطرفين الفائزين،القائمة العراقية بقيادة أياد العلاوي ودولة القانون الذي يترأسه نوري المالكي،وتثبيت نظام المحاصصة ولكن أعلان الهيئة القضائية بأبعاد 52 مرشحاً من قائمة العارقية التي يتزعمها السيد أياد العلاوي،جاء القرار بناء على التخلص من أزلام البعث وأجتثاتهم من المشاركة في العملية السياسية،لغة الدستور والقانون في هذا الوضع بالذات أخذ منحى آخر حيث تكمن الضغوط للدول المجاورة وبالأخصquot;دولة إيران الأسلاميةquot; التي تقبع وراء دعم دولة القانون.

المالكي والعلاوي كان مقررا حسب ما أعلنته بعض الجهات الإعلامية أن يجتمعا من أجل تشكيل الحكومة الجديدة،فكان رد هيئة المسائلة والعدالة للقضاء العراقي مانعاً لذلك اللقاء بفرض الجزية الأبتعادية عن 52 مرشحاً تابعيين لقائمة quot;أياد علاويquot;،والتهمة كانت أرتباط هؤلاء المرشحين بحزب البعث المنتهي مدة صلاحيته،أو لم يكن هناك قرار مسبق برفض البعثيين من قبل هيئة المسائلة والقضاء قبل البدء بالأنتخابات التي جرت بتاريخ 7 آذار من هذا العام،هذا ولأن هؤلاء الذين أبتعدوا مؤخراً بقرار من القضاء العراقي كان لهم باع طويل في التاريخ الأجرامي بحق الشعب العراقي.

أياد علاوي المتمسك بفوزه في الانتخابات التي جرت في العراق مؤخراً دعى إلى التدخل من قبل الأمم المتحدة وذلك أستناداً على البند السابع، والذي يعتبر العراق لايزال تحت أشراف هذا البند وهي أتفاقية أمنية من شأنها الحفاظ على النهج الديمقراطي في العراق،كما أن السيد علاوي قال: في مؤتمر صحفي في أنقرة التركية بأنه يتخوف من سيطرة بعض القوى على العملية السياسية في العراق.

ومن جهتها أيدت النائبة ميسون الدملوجي عن القائمة العراقية بأنquot; القائمة العراقية ستتوجه إلى الأمم المتحدة والأتحاد الأوربي من أجل تحقيق المسار الديمقراطي في العراقquot;.

ربما هذه القرارات التي تفاجئ المرتقب للوضع العراقي وتشكيلات الحكومة لها،فإدارة الوضع السياسي خرج عن طور العراقي وقيادته وباتت تتمثل في دولة إيران النشطة نووياً وتركيا الحليفة الأولى لبقاء عدم الأستقرار في العراق،وتارة الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية التي ترى أن بقيت إيران متحكمة بزمام الامور في العراق سوف تنجر كافة الدول العربية للمد الشيعي وبدايته من التأثير النسبي الذي يقدر بـ60% من الإدارة العراقية بيدها،أما تركيا ودول الخليج ذات الغالبية السنية فالأولى تهما بقاء إقتصادها في حالة إفراج ونمو في العراق وبالأخص quot;كردستان العراقquot;،أما الثانية فتريد أن تعيد السيطرة السنية للعراق،وبقي الفصيل الكردي وما يهمه إيعادة الأرض التي أغتصب منها أيام البعث وما لحق شعبه من أضطهاد وقتل وتشريد،وموقفه سوف يكون بتطبيق المادة الـ140،فمن يسارع بتحقيقه كان تأييد الكرد له لا محال.

أما بخصوص الطعون فقد صرحت حمدية الحسينية عضو مجلس المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات quot;أنه من حق المرشحين تقديم طعونهم للهيئة التمييزية السباعية المشكلة من قبل البرلمان خلال شهرquot;أما المدير التنفيذي للهيئة علي اللامي كشف أن quot;القرار نهائي وقطعي وغير قابل للتمييز،وأن المشمولين تهمل أصواتهمquot;،إذا الأمور تجري على غير ما يرام حتى بين أعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فهم بين جذب وشد كي يقبل القرار او يطعن به،هذه الأنعكاسات ومدلولاتها الصحفية أنما هو الأنجرار بما تخفيه اللقاءات المرتقبة سواء أكانت في تركيا أم في إيران او في دول مجاورة للعراق،فالمالكي ودولة القانون تحاول أضافة لغة القوة لحاميتها إيران أو الأستناد إلى الخروقات التي طالت بعض المراكز الانتخابية،داعياً إلى عملية العد يدوياً لتثبيت ذلك،وبالأخص في العاصمة بغداد حيث للشيعة حصة الأسد،أما السيد علاوي فقد التجأ لفوزه المعلن من قبل المفوضية المستقلة للأنتخابات وبأحقيته لتشكيل الحكومة قانونياً،وتسارعت بذلك الخطى بان يقوم السيد مالكي باستخدام سلطته المنتهية صلاحيته في تبني المصلحة الذاتية على مصلحة العراق كدولة، وأياد علاوي يستقل طائرة وأخرى متجهأ لدول الجوار،وكأن العراق داخلياً لا يعني لهم شيئاً،او التوافق يضر بتلك المصالح الشخصية.

لعل من الصواب أو من العدل هي عملية الفرز يدوياً في بعض المراكز المشكوكة في خروقاتها في العاصمة بغداد،ولكن هناك أصوات أخرى بقيت طي الكتمان في كافة مدن ومحافظات العراق وشملها التسيب والخروق فما بشانها قد يكون،وقد نقول لما كان هناك منع لبعض الأشخاص قبل بدأ الأنتخابات ولم يمنعوا هؤلاء الذين كشف الستار عنهم ببعثيتهم،أو لم يكن من المفيد أن يكون هناك من ترفع عن تلك المشاكل الجانبية والألتفات إلى مصلحة العراق،وربما قرار الهيئة هذه تزيد من الأزمة وتفاقهما لأنها صبت العدل في غير مساره المنصوص به.ويمكن أن تكون عادلة إن راعت مصالح الطرفين المتنازعين على تشكيل الحكومة الجديدة.