حاز التعديل الالكتروني لصورة الرئيس الأمريكي أوباما الذي تقدم المشاركين في مباحثات السلام الفلسطينية ndash; الإسرائيلية بالبيت الأبيض التي نشرت في الثالث من سبتمبر 2010 في مختلف الصحف العربية والعالمية، والتي نشرتها صحيفة الأهرام المصرية بعد تعديلها بوضع الرئيس حسني مبارك في المقدمة بدلا من أوباما، حازت على اهتمام كبير من لدن وسائل الإعلام العالمية بعد أن نشرت البي بي سي الصورتين وكشفت عن هذا التعديل الذي قامت به صحيفة الأهرام لتقدم لقرائها المحليين في مصر انطباعا بأن الرئيس مبارك يبذل جهودا مضنية ويقود عملية السلام في الشرق الأوسط.

التعديل الذي جرى يوهم القراء بهذه القيادة حتى لو جاءت على شكل صورة. فالصحيفة المحلية الرسمية هي صوت السلطة الرسمية وصوت السلطة يجب أن يقود، ويجب أن يتزعم، ويجب أن يعلو على العالمين حتى لو كان هذا العلو ورقيا أو على هيئة صورة.

طبعا لا ذنب للرئيس المصري في هذا التعديل، لكنه ذنب الإعلام الرسمي الذي يريد أن يقدم خدماته المجانية للسلطة، الإعلام الذي يضع الخبر الرئاسي في أول الأخبار، والذي يقدم المانشيتات الحمراء، والخضراء، والسوداء بأبناط عريضة، والتي لو جمعناها من مختلف الصحف العربية لعثرنا على ملاحم بطولية، وخطابات تاريخية، وتحولات عظمى أسعدت البشرية جميعا، قام بها هذا الزعيم أو ذاك.

وإذا كان الاستاذ أسامة سرايا قد أوضح أن تحريف الصورة وتعديلها مجرد:quot; رؤية تعبيريةquot; كما نشرت صحيفة الأهرام، وكما علقت السكرتارية الفنية به، فإن التصرف في صورة دولية، حملتها الميديا ووسائل الاتصال إلى مختلف أرجاء الأرض، وطالعها القراء في مختلف أنحاء العالم، ليس من الحكمة الإعلامية، خاصة وأن تأويل الصورة الأشد إيضاحا ومصداقية غير تأويل الخبر أو الكلام الذي هو حمال أوجه، أما الصورة الثابتة فهي ليست حمالة أوجه، والتغيير في مكوناتها هو تغيير في المعنى والدلالة والرؤية جميعا.
ما قامت به الأهرام دعاية فجة ما كان لها أن تقوم بها صحيفة في وزن الأهرام، في عصر لم يعد القارىء فيه مجرد متلق بسيط، بل هو متلق متابع لوسائط الإعلام في عصر فورة الاتصال والتكنولوجيا.

وفي عصر انتهى فيه زمن الدعاية المفبركة، وأصبحت الصورة، وثقافة الصورة هي التي تقود إلى المصداقية، وإلى التواصل الحقيقي مع مختلف ثقافات العالم وحضاراته.