حكيمة ومسؤولة ونابعة من تقدير صائب وسليم للمصالح الانسانية والدينية، دعوة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني الى التهدئة وضبط النفس وعدم الاعتداء والتجاوز على ابناء الديانة المسيحية، على خلفية مشاعر الغضب التي عمت عموم العالم الاسلامي بسبب دعوة قس اميركي مغمور الى احراق كتاب الله المجيد(القران الكريم) في نفس المكان والزمان الذي وقعت فيهما عمليات الحادي عشر من ايلول-سبتمبر قبل تسعة اعوام.

من الخطأ ان يتم الرد على العنف والارهاب بنفس الادوات والاساليب، ومن الخطأ التجاوز على المقدسات والمعتقدات الدينية، اسلامية كانت ام مسيحية ام مرتبطة بأية ديانة اخرى تحت حجج وذرائع واهية لايمكن القبول بها تحت أي ظرف من الظروف.

ان دعوة القس الاميركي التي منيت بالفشل بعد ان قوبلت بالرفض والاستنكار والاستهجان، ليس من قبل ابناء العالم الاسلامي، بل من كل دعاة وانصار فكرة التسامح والعيش بوئام وسلام بين مختلف الشعوب والامم والمذاهب والاديان، تمثل تلك الدعوة نموذجا صارخا للتشدد والتطرف الذي لايجلب سوى الماسي والكوارث والويلات على الجميع بلا استثناء. والتجارب والمصاديق على مثل تلك التوجهات كثيرة، ودعوة القس الاميركي هي في الواقع تمثل الوجه الاخر لمنهج الذين اقدموا على تنفيذ عمليات الحادي عشر من سبتمبر.

فهذين العملين او الموقفين هما وجهان لعملة واحدة، رغم ان المخططين والمنفذين لعمليات 11 ايلول ينتمون الى الديانة الاسلامية، وصاحب مبادرة حرق المصحف الشريف ينتمي الى الديانة المسيحية.

وهذا يعني ان التطرف والتشدد لادين له ولا هوية، واجندته واحدة رغم اختلاف المسميات والعناوين والذرائع والمبررات.
وفي مقابل ذلك فأن التسامح هو الاخر لايحمل هوية دينية او قومية او مذهبية معينة، وانما هويته انسانية شاملة.
والمرجع السيد السيستاني في مجمل مواقفه وتوجهاته يعد نموذجا فريدا لاشاعة وبث ثقافة التسامح بين جميع المكونات والطوائف، ليس في العراق فحسب، ولا في العالم الاسلامي فقط، وانما في عموم بقاع العالم.

وكم تحتاج البشرية الان وفي كل وقت الى قادة ورموز وحكماء كبار يقودونها الى بر الامان، بدل جرها الى نيران الارهاب.

[email protected]