تحدث حسن نصرالله عن تقرير المحكمة الدولية، أجاد، كعادته، في التلاعب بالألفاظ والحقائق. حكومة سوريا أيضاً تفهم النصوص والخطابات الدولية بطريقتها، والمفردة السر التي تجمع الطرفين هي مفردة quot;مقاومةquot; التي ظهرت في طهران، ففي سبتمبر 2008م قال أحمدي نجاد في نيويورك: quot; في فلسطين لا تزال 60 عاما من المذابح والاجتياح متواصلة من قبل بعض القوى الصهيونية الإجرامية المحتلةquot;. العقلية الإيرانية هي الفاعلة في بلاد الشام، وهي عقلية تحدي الوضع الداخلي وتجاوزه لتصدير الأزمة إلى الخارج من خلال دغدغة مشاعر العالم الإسلامي بقضية فلسطين.
أثناء خطاب حسن نصرالله، الذي كان يبث في تمام السادسة مساء بتوقيت جرينتش في 17 أغسطس كان ناشطون سوريون يتحدثون عن قطع الكهرباء عن مدينة درعا. أيضاً، يمكن القول أن أجندة الجيش السوري الذي يستعد لإعادة احتلال درعا مليئة بمفردات: quot;مقاومة، صمود، تصدي..إلخquot;. قبل هذا الخبر بقليل كانت وكالات الأنباء تبث صوراً للجيش السوري وهو يسحب دباباته من مدينة اللاذقية!. الحكومة السورية تنفي دخول الدبابات للمدن، رغم وجود الصورة التي تؤكد، ثم تعود حكومة سوريا لبث أخبار عن انسحاب هذه القوات من المدن التي نفت دخولها إليها أصلا. ثم، وبطريقة بشعة، نشاهد مواطنين سوريين يلوحون بأعلام سوريا للجيش المنسحب بعد أن قتل من قتل ودعم شبيحة النظام البائس. نعم، لدى الجيش السوري خارطة نحو القدس تبدأ من درعا فحمص فحماة فاللاذقية فدير الزور فجسر الشغور إلخ. متاهة كبيرة يدور فيها جيش سوريا العربي على جثث الشعب السور ي المسالم بحثاً عن طريق سالكة إلى القدس ليحررها مثبتاً بذلك نظرية: quot;مقاومةquot;.
لا جديد على صعيد الصفاقة التي يمارسها الحزب الشيطاني في بيروت والحكومة السورية، فنجاد خطب في مؤتمر quot;دوربان2quot; عام 2009م وتحدث عن إسرائيل وعنصريتها في مؤتمر يدعو للتعددية والتسامح. الصفاقة ذاتها هي التي يمارسها الحاكم في طهران كما يمارسها ربيبه السوري وصنيعته في لبنان.
في خطاب حسن نصرالله الأخير كان يؤكد مرة بعد مرة على أن quot;المقاومquot; لا يجب اتهامه، بل لا يجوز أن يُشار إليه بفرضية الاتهام تحت أي ظرف كان، فقط لأنه مقاوم. هذه هي الطريقة إذن: باسم المقاومة تمد إيران يدها الطويلة لتصل إلى بيروت مروراً بسوريا، بالطبع بعد أن قوضت العراق بالكامل. ولأن الحكومة السورية تقاوم وجيشها جيش مقاومة، ولأن حزب الله مقاوم، فهم ممن يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم. فالمقاومة هي كلمة السر التي مررها نجاد الدين الأيوبي لبشار الأسد وحسن النصر كي يستخدمها الأول في إعادة احتلال مدنه المارقة على قلعة الصمود الأخيرة في وجه إسرائيل، ويستخدمها الثاني ليجعل من لبنان ساحة للتصفيات والاغتيالات وسيادة شريعة الغابة بدلاً من سيادة القانون، نعم يحدث هذا في لبنان البلد الديمقراطي الذي تم احتلاله على يد حسن نصر الله وكتائبه العقائدية.
[email protected]