نتابع بين الحين والآخر تصاعد غبار المعارك في شبكة الاعلام العراقي وفي جريدة الصباح بوجه خاص ، لعل أشهرها تحول مبنى جريدة الصباح الى ميدان حرب في معركة حامية الوطيس بين قوات الرئيس طالباني المناصرة لرئيس التحرير محمد عبدالجبار الشبوط وقوات رئيس الوزراء حينذاك ابراهيم الجعفري المناصرة لرئيس التحرير جمعة الحلفي والتي أنتهت بعد أنسحاب رئيسي التحرير المتنازعين مع القوات الداعمة لهما من ارض المعركة ، والحمد لله لم يسقط في هذه المعركة قتلى وجرحى ، وبعد انجلاء الغبرة وخلال مرحلة توازن الرعب ظل فلاح المشعل قائما بأعمال رئيس التحرير الى حين ثم بقيت الجريدة بلا رئيس تحرير لفترة ليست قليلة قبل ان يجري تكليف عبدالزهرة زكي ثم عبدالستار البيضاني واستمرت ولاية الأخيرين عام واحد لكل منهما.

لكن المعارك الصباحية (نسبة لجريدة الصباح العراقية) مالبثت تندلع بين الفينة والأخرى ، اليوم يخوض أحمد عبد الحسين السكرتير الثقافي لجريدة الصباح معركته الأخيرة ذائدا عن حصن ثقافي شيده على مدى سنين من العمل في الصباح ، لا يؤازره في معركته هذه سوى الناقمون على المالكي والشبوط ومتظاهروا ساحة التحرير ، و أحمد عبد الحسين الذي ظل لفترة ليست قليلة يضع قدما في جريدة الصباح وقدما في ساحة التحرير لم يكن داهية ولا ماكرا في اللعب على حبال السياسة ، لكن مرحلة الحرب الباردة بين الفرقاء السياسيين أتاحت له مساحة من الوقت الأضافي وها هي اللعبة قد أنتهت كما يقول أحمد عبد الحسين حيث بعث برسالة الى الشبوط يقول فيها بالنص (طز أنتهى كل شيء) لينتقل بقدميه الأثنين للتظاهر في ساحة التحرير.

بالرغم من ان تجربة أحمد عبدالحسين الشعرية والصحفية قد نضجت خارج العراق ولم يتسلم أبان النظام السابق اية مسؤولية ثقافية ، لكنه للأسف ورث الكثير من أمراض مسؤولي الأقسام الثقافية في صحف النظام السابق ، كما يؤكد ذلك الكثير من الادباء والكتاب الذين يتعاملون مع ثقافية الصباح حيث يشكون من ظاهرتي الشللية والمزاجية اللتان تتحكمان في قرار النشر ، وكان أملنا كبير أن تتوخى ثقافية الصباح العمل المؤسساتي المهني المحترف بعيدا عن الهيمنة الفردية لرئيس القسم الثقافي ، ولا نريد هنا ان نحمل احمد عبد الحسين المسؤولية ، لأن الشللية والمزاجية متفشيتان في بعض أقسام الصباح الأخرى وفي معظم الصحف العراقية.

محمد عبد الجبار الشبوط الاسلامي المعتدل والقيادي في الحركة الاسلامية خلال سنوات المعارضة يعود اليوم رئيسا لشبكة الاعلام العراقي التي تصدر عنها جريدة الصباح بعد اشهر قليلة من حملة تسقيط وتخوين واسعة تعرض لها من قبل كتاب مُلثمين لم نتعرف الى هوياتهم حتى اللحظة ، وأن كانت مصادر انترنيتية وفيسبوكية أكدت أن أحمد عبد الحسين وشركائه كانوا أنفسهم كتاب تلك المقالات النارية ضد الشبوط والله اعلم.

وقد تابعنا تلك المعركة المسلية والمناكفات المرحة بين الفرقاء أيام عدة على العديد من المواقع الالكترونية وفي مقدمتها موقع الحقائق ما خلا مدونة كتابات التي كانت مستنفرة للحط من الشبوط ، تعليقات ساخرة مثل ستار أبو سلعوم وعلي أبو الدكايك وغيرها ، ويبدو أن أحمد عبد السادة المحرر في الصباح صار بين قطبي الرحى ، لا أدري لماذا كان خصوم الشبوط يصبون جام غضبهم على عبدالسادة ويعتقدون انه جيمس بوند جريدة الصباح ، وان كنت لا افهم بالضبط اسرار اللعبة في الصباح لكنهم يقولون ان عبدالسادة يعمل جاسوسا للشبوط ، بالرغم من أن عبدالسادة كتب غير ذات مرة يقسم فيها بأغلظ الأيمان انه لم يرم بسهم أو برمح في تلك المعركة لكن خصومه لم يصدقوا أو لايريدون أن يصدقوا ذلك.

في خضم ضجيج المعركة لم يستمع أحد الى عدنان شيرخان نائب رئيس التحرير الذي كان يصرخ في أكثر من موقع ، أنا الوحيد الذي كتب ضد ميناء مبارك ، تعالوا أبحثوا في جريدة الصباح ، لم يكتب رئيس التحرير شيئا عن ميناء مبارك ، لكن أحدا لم يصدق شيرخان ويكذب الحملة الأعلامية ذات الضجيج العالي ، وشيرخان ينتمي الى جيل صحفيي ما بعد عام 2003 حيث بدأ عمله الصحفي في جريدة الصباح وظل مواظبا فيها حتى اليوم ولا يميل الى المواجهات الساخنة ، وبسبب وسطيته ومسالمته أُختير نائبا لرئيس التحرير ليضمنوا على الأقل بقاء منصب النائب بعيدا عن الشد والجذب السياسي.

صفحة جاليات التي كان يحررها الصحفي والناشط المدني شمخي جبر كانت تبث فينا بعض الدفأ نحن الذين نعاني برودة الغربة ، أجتثوها قبل بضعة أشهر بدم بارد متنكرين لوجود الملايين من عراقيي الخارج.

بتأسيس شبكة الأعلام العراقي أنتعشت أحلام بصناعة أعلام دولة مهني ومحترف ومستقل وزعم البعض ان الشبكة سوف تكون بمضاهاة بي بي سي ، وسافرت وفود كثيرة من الشبكة للأطلاع على عمل شبكات أعلامية معروفة بمهنيتها العالية في أوربا والولايات المتحدة ، غير أن الخطاب الأعلامي للشبكة مازال حتى اللحظة يتأرجح بين ولائين الدولة والحكومة ، خطابا مشوشا مهتزا كما هو حال الخطاب السياسي في البلاد بصفة عامة.


سألت صديقا وهو مصدر مسؤول في شبكة الأعلام العراقي عما تمثله عودة الشبوط الى الشبكة ، قال لي ، اعادوا الأعتبار للشبوط بعد أن تعرض الى ظلم كبير ، قلت له ، نأمل من الذي ذاق الشعور بالظلم يوما أن لايكون ظالما لغيره ونرجو أن لا يقع الشبوط في الشبكة كما وقع أسلافه ، أملنا كبير في الشبوط أن يقود الشبكة والسفينة كلها الى بر الأمان ونتمنى له الموفقية.