عادة العراقي لايرفض الضيف بل انه في كثير من المواقف يبتكر المبررات لاستقبال الضيوف وهذا جزء من تركيبته التاريخية والاجتماعية والعشائرية الكريمة. ولكن في السياسة لايوجد مكان للكرم والضيافة بكل انواعها خاصة في دولة تؤسس على اسس ديمقراطية ودستورية ويحدد معالمها وقيادتها الشعب من خلال انتخابات جماهرية حرة ونزيهة وديمقراطية كما بات متسمآ فيه العراق الجديد.

ومع زيارة quot; حلي quot;نائبامين عامالجامعة العربية قبل عدة ايام الى بغداد يبدو ان الامور تسير باتجاه عقد هذه القمة العربية في بغداد ولو عند اتجاه معين من الدول العربية وليس جميعها كما متوقع، وفي طريقة حساب بسيطة من مواطن عراقي بعيدا عن حسابات السياسة الخاوية في منطقتنا وبعيدا عن حسابات القومية الفارغة فان موضوع عقد هذه القمة في بغداد من عدمه لايشكل فارق كبير ومهم وجوهري عند اي مواطن عراقي بل ان عقد مثل هذه القمة في عاصمتنا العراقية سيجد فيها الكثيرون نوع من الاستفزاز لمشاعرهم الوطنية العراقية اولا وايضا لعروبتهم الصحيحة والتي لاتشابه باي حال من الاحوال شعارات القومية الفارغة التي تحولت من فيصل القاسم وعبد الباري عطوان ومحمد المسفر ومحمد الهاشمي الى دول المجهر العربي لتدخل القومية في سوق بائسة اصبحت مع مرور الايام وظهور المواقف الشاذة لاتعادل سعر ترديد مفردة القومية العربية نفسها. فهل ياتي العرب الى بغداد للمتاجرة بالملف السوري في الوقت الذي يخفون تحت ايديهم ملف البحرين ويتسترون على جرائم صالح في اليمن ويضعون ملف فلسطين في ثلاجة الخرف والهذيان القومجي الجديد؟

ان الاستفزاز لوطنيتنا العراقية يكمن بتنوع بلدنا القومي و الديني والمذهبي، ولكن حتى هذه اللحظة غالبية الدول العربية لاتستيطع هضم هذا التنوع العراقي الفريد ورغم مرور عدة سنوات على سقوط صنم الطائفية والعنصرية فان الدول العربية أثبتت بامتياز فريد انها عاجزة عن قراءة الواقع العراقي الحقيقي على الارض ومازالت ترى الامور بعين واحدة هي عين الطائفية التي تسعى لاعادة عقارب التفرد والاقصاء الى الوراء، فما بالك اذا كان رئيس جمهوريتنا العراقية وبكل فخر هو مواطن عراقي كوردي اسمه جلال الطلباني.!! وما بالك ايضا وان رئيس حكومتنا المنتخب وطنيا هو عراقي شيعي لم تشفع له عند الحكومات العربية قوميته العربية فتشكلت زائدة دودية سياسية مزمنة عند هولاء اسمها نوري المالكي. رغم ان لا الطلباني شخذ وطنيته العراقية من تلك الحكومات في الدول العربية ولم ولن ينتظر المالكي صك عروبته من هولاء.

اما استفزاز عروبتنا فقد تمت منذ عقود طويلة وذبحت بموس القومية الكاذبة وبسكاكينها وسيوفيها التي سلمت تارة لصدام واخرى للزرقاوي والمصري وغيرهم الكثير ترافقهم طبول اعلامية عربية صفراء حللت ذبحنا واستهداف مدننا واسواقنا ومدارسنا بل وحرمة بيوتنا بل واستهدفت حتى رموزنا ومقدساتنا. انها قومية كاذبة كانت ترى دمائنا في الحرب البائسة والخائبة مع ايران quot; ستكتب بماء الذهب quot; ولكن دمائنا في طلب الحرية والديمقراطية والدستور والقانون في العراق الجديد يجب ان تستباح حتى اخر قطرة ومن الوريد الى الوريد. انها نفس القومية التي تريد اجسادنا وامالنا الانسانية جسر لبوابة دموية quot;البوابة الشرقية quot; في وقت يعيش الاخرون في بلدانهم ويتمتعون بخيرات نفطهم بل وبخيرات نفطنا وحصتنا المستحقة الغائبة عن السوق العالمية منذ عقود عدة.فيموت العراقي في جبهات القتال ليذهب الاخر يتسكع في لندن وتحرق اهوار الحضارة في ميسان على رؤوس أهلها بالكمياوي ليذهب الاخرون الى موائذ قمار مونتو كارلو وتحرق جبال وقرى كوردستان العراق بالنابال والكمياوي ليتمتع الاخرون بانطلاق الخيول الاصيلة في مضامير السباق الدولية في روما وباريس ولندن. 420 مقبرة جماعية زرعت في الجنوب والفرات الاوسط تحت شعارات القومية العربية البائسة ولبست امهاتنا السواد لعقود طويلة في وقت كانت اموال تلك القومية الكاذبةتجد طريقها لخصر هيفاء وقوام اليسا ونعومة نانسي. فكان صدامهم شهيد ومعمر زنديق وضيع العرب مع هذا وذلك صفات العروبة النقية الصحيحة في تعاملهم مع العراق الجديد.

لم يتركنا العرب مع الطوفان الدموي التاريخي فحسب بل هم من صنع الطوفان نفسه وكانوا بالعلن والسر معه. لذلك اذا كانوا يفكرون بالتشرف بزيارة بغداد بهذه القمة او بغيرها فعليهم اولا وقبل كل شيء quot; التكفير quot; عن ذنوبهم العظمى بحق العراق والعراقيين، ولامجاملة في ذلك وعليهم الاعتذار الى كل مقبرة جماعية في العراق والى كل قصبة في اهوار العراق والى كل جبل في كورستان العراق والى كل ذرة تراب عراقية والى كل قطرة دم عراقية سالت واستباحة باموالهم وتحريضهم كما عليهم دفع المليارات تلو المليارات كتعويض للعراقيين، وكل ذلك لايعادل أئنين ام عراقية او هدر طموح شباب العراق او قتل طفل عراقي واحد، وبعد ذلك اذا قبلنا ممكن ان ياتوا للعراق فرادا او افواجا، اما دون ذلك فلا اهلا ولاسهلا بالقمة العربية في بغداد اليوم وغدا وبعد الف عام.

[email protected]