عنوان هذه المقالة هو عنوان الكتاب الذي قام بتأليفه "ريتشارد نيد ليبو" (Richard Ned Lebow) في العام 2010م. عنوان الكتاب باللغة الإنجليزية هو (Why Nations Fight – Past and Future Motives for War). قام بترجمة الكتاب إلى اللغة العربية "الدكتور إيهاب عبد الرحيم علي" من ضمن سلسلة الكتب الثقافية الشهرية التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت (العدد 403 – أغسطس 2013).
يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: يمثل العنف نقمة أبتليت بها البشرية منذ العصر الحجري الحديث على الأقل. وقد عانى القرن العشرون من حربين عالميتين مدمرتين بشكل هائل، أدت كل واحدة منهما إلى مشاريع كبرى تالية للحرب، والتي هدفت إلى الحيلولة دون وقوعها مرة أخرى. نجح المنتصرون في الحرب العالمية الثانية إلى حد كبير في جعل أوروبا منطقة سلام، لكنهم لم ينجحوا في درء أكثر من خمسين حربا بين الدول، والتي نشبت في بقية أجزاء العالم خلال العقود الستة الماضية. أدت هذه الحروب الصغيرة إلى إهدار كثير من الأرواح والموارد التي كان في الإمكان توجيهها بصورة أكثر ربحية إلى التعليم والرعاية الإجتماعية والتنمية.
في إيجاز لمحتويات الكتاب، وبإستخدام مجموعة بيانات لفترة زمنية عبر ثلاثة قرون ونصف القرن، يقول المؤلف: تاريخيا هناك أربعة دوافع عامة أدت بالدول إلى بدء الحرب وهي: الخوف (الأمن)، والمصلحة، والمكانة، والإنتقام. ويجادل المؤلف بأنه على عكس النظرية التقليدية، لم تكن سوى نسبة قليلة من تلك الحروب مدفوعة بالخوف (الأمن) أو لمصالح مادية. وبدلا من ذلك فقد كانت أغلبية الحروب بسبب السعي إلى تحقيق المكانة، وبسبب الإنتقام – أي محاولة الثأر – من دول قامت في السابق بالإستيلاء على أراضي الدولة البادئة بالحرب.&
وفي دراسته لأهم دوافع الحروب منذ العصور القديمة، يقول ريتشارد: إنه رغم أننا لا نعرف إلا القليل عن الحرب في عصور ما قبل التاريخ، نستطيع أن نفترض على نحو معقول أنها نشأت عن صراعات على النساء، وآبار السقي، وأراضي الصيد، والأراضي التي أعتبرت ذات قيمة لأسباب دينية أو إقتصادية، ولم يكن موضوع المكانة غائبا في الكثير من الحروب التي شهدتها البشرية، لكن هذه المكانة بقيت محصورة في رقعة جغرافية معروفة ومحددة.&
وفي خاتمة الكتاب تساءل المؤلف: هل لا تزال الحرب ممكنة؟ وكان جوابه على السؤال: إن التفسيرات المتعددة التي قمت بفحصها لإنخفاض وتيرة الحرب تقيم وزنا كبيرا لإستياء النخبة – فضلا عن الجماهير – من الحرب، برغم أنها تتباين في الأسباب التي تطرحها لهذا الموقف. مما لا شك فيه أن الحرب خسرت هالتها الرومانسية، وصار ينظر إليها على أنها آفة في أنحاء كثيرة من العالم المتقدم، وأبعد من ذلك أيضا. كذلك صار الأشخاص عميقوا التفكير ينظرون إليها كأداة خام للسياسة الخارجية التي غالبا ما تفشل في تحقيق أهدافها المنشودة. وفي الوقت نفسه أصبحت الحياة اكثر قيمة لعدة أسباب متعاضدة، مما يجعل تكلفة الحرب أكثر ترويعا. زادت هذه التحولات السلوكية من صعوبة إقناع الناس بالحروب التي يتم خوضها لأي سبب من الأسباب، بيد أنها لم تجعل الحرب أمرا مستحيلا.&
التساؤل المطروح في ضوء تراجع الحروب بين الدول للأسباب التي ذكرها المؤلف في خاتمة كتابه، وإشتعال الحروب والعنف داخل بعض الدول، هو: هل سيكون البديل عن الحروب بين الدول التي سادت لعصور طويلة، الحروب الأهلية بين أبناء البلد الواحد. إن إلقاء نظرة على بعض الدول العربية يؤكد هذا الرأي، فهناك حروب أهلية تدور رحاها منذ سنوات في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن وإلى حد ما مصر والسودان.
آخر الكلام: الحرب هي إزميل سيئ لنحت الغد. "مارتن لوثر كينغ".
التعليقات