{ أشعر بالعار من هذا الوطن الذي تغيب عنه العدالة }، هذا ما كتبه مؤخرا الأستاذ خضير طاهر، واضاف متأسفا ويشعر بالفجيعة والعار لما يراه ويقرأه من قصص العذاب والجريمة التي يتعرض لها ابناء العراق الأصليين بدءا من اليهود مرورا بالمسيحيين وغيرهم، ويسترسل متألما لوطن لايحترم أبنائه الأصلاء ولايوفر لهم العدالة والكرامة، فما قيمة الوطن الذي لايحصل فيه الانسان على حقه في المساواة والعدالة والمشاركة الكاملة في الحياة السياسية على ضوء الكفاءة والنزاهة والشرف وليس المحاصصة الطائفية والتمييز القومي.

نعم انها كارئة.... فجرائم القتل الطائفي والديني وتهميش قسم من المواطنيين لصالح قسم أخر اصبحت في العراق لدرجة تُشعرك وكأنك تعيش داخل حلبة تتصارع فيها عصابات متوحشه لإفتراس السلطة والمال والهيمنة عليه بشتى الطرق الهمجية وليست وطنا ينعم الجميع بخيراته وأمنه، ولست هنا بصدد التحدث عن شريحة هامشية من البشر جرفها التيار من مناطق بعيدة ليرميها وتستقر على ضفاف دجلة والفرات، انما الذين اتحدث عنهم وكما تحدث عنهم الكثيرين من الشرفاء هم اولئك الذين أسسوا حضارة بلاد الرافدين منذ فجر سومر وبابل وآشور، وكما وصفهم الباحثين الشرفاء بانهم أصل العراق وروحه وقلبه لا بل وهم الأجمل والأروع الذين ضحوا هم وأجدادهم عبر آلاف السنين، وساهموا في بناء العراق والدفاع عنه بالدم، هؤلاء اليوم يقتلون ويهجرون وينظر لهم كأقلية يتم التصدق عليهم ببعض المقاعد في البرلمان او في بعض من مجالس المحافظات!

ان البعض من اعضاء الحكومة لا يزال خطابهم السياسي والاعلامي يحمل في طياته العنف والتهميش اتجاه غالبية العراقيين ممن عارضوا التغيير الفاشل في العراق واسسوا للتقسيم الطائفي والقومي للشعب العراقي، هذا التغيير لم يجلب للعراقيين غير الأحزان والمآسي، كما ان فشلهم السياسي في ادارة شؤون العراق ليس بسبب عدم كفائتهم ونزاهتهم فقط انما يتمثل ايضا في ارتباط بعضهم بدول الجوار ذات التوجهات الطائفية والمذهبية، حيث ان تصريحاتهم وافعالهم ليس لها صلة بالوطنية العراقية ولا بمصالح العراقيين، فغالبيتهم مستفيدون من التغيير في العراق ولا يهمهم امر ومستقبل العراق،انهم مصلحيون انتهازيون فكلما شعروا ان مناصبهم ومكاسبهم يهددها خطر الحقيقة التي تتكشف كل يوم سارعوا لتغيير خطابهم باتجاه الوطنية ورفض الطائفية!

الا يفهم الذين يحكمون العراق اليوم ان شعب العراق متنوع الأديان والطوائف والقوميات والانتماءات الحزبية السياسية، وان ثروات العراق هي ملك العراقيين جميعا، فلو كانوا قد فهموا ذلك لأسرعوا باعتماد دستور يكفل حق الجميع دون تفريق، اليس الدستور الذي اذا ما تظمنت اولى عباراته بجملة { ان العراق بلد الجميع وان شريعة حكمه مستمدة من الحظارة الانسانية جمعاء دون تمييز } هو الضامن الوحيد لالتفاف العراقيين حوله، اليس الدستور الذي لا يتضمن اي تغليب او تمييز ديني او قومي هو الدستور الذي يفتخر به ويحتمي به كل العراقيين، اليس الطائفيون والعنصريون هم اعداء شعب العراق منذ تأسيسه.


ان ثقافة التمييز بين هذا شيعي وذاك سني، وهذا مسيحي...صليبي..وذاك مؤمن وهذا كافر، هذا كردي وذاك عربي وهذا اشوري وذاك سرياني او كلداني، هذا من الحزب الفلاني وذاك من التكتل الفلاني، ومذهبي هو الاصلح للمسلمين ومذهبك لا يصلح، وهذا من ازلام فلان وذاك من جماعة فلان..ان هذا التمييز الطائفي والديني والقومي والسياسي والفئوي يجب ان يمحى من ذاكرة العراقيين ليحل محلها...ثقافة جديدة تتسم بالتسامح واشاعة روح المحبة والمودة......فثقافة انا عراقي ابن العراق، وذاك عراقي مخلص، ونحن عراقيون اصيلون وهذا عراقي نزيه وكفوء..هي الثقافة التي يجب ان تشاع بين ابناء العراق الجديد، انها مسؤولية وتوجيه المراجع والمشايخ الدينية والأحزاب الحاكمة والمشاركة في العملية السياسية القائمة في العراق دون استثناء!

ادورد ميرزا
استاذ جامعي مستقل