رسالة الى دولة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي المحترم


تعليقا على اجابات السيد رئيس الوزراء على الاسئلة المطروحة عليه من قبل الصحافيين والاعلاميين العراقيين على واجهة بعنوان quot;لتواصل الاعلاميين مع دولة رئيس الوزراءquot; في الموقع الالكتروني للمركز الوطني العراقي التابع لمكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي، على السؤالين المدونين ادناه:


سؤال:

الا ترى دولة الرئيس ان الوضع في الموصل يتجه اتجاها خطيرا بعد تصاعد التوتر بين العرب والاكراد وبعد المحاولات لكردية لعرقلة عمل الحكومة المحلية الجديدة في المحافظة. هل لديكم النية لوضع حد للوضع في الموصل؟ وهل ترون ان وجود قوات البيشمركة خارج حدود اقليم كردستان هو وجود قانوني؟


إجابة دولة رئيس الوزراء:

قطعاً ان الوضع خطير، وان بعض الممارسات في التعرض لحركة الحكومة المحلية من قبل قوات البيشمركة يعتبر انقلابا على الشرعية والانتخابات، لأن الحكومة المحلية منتخبة ومن صلاحيتها وواجبها العمل على كل شبر من المحافظة. موقفنا دعم الشرعية وما انتجته الانتخابات، ونعمل على حل هادئ للمشاكل لتفعيل القانون ومنع التصعيد. وأؤكد مرة اخرى ان وجود قوات بيشمركة خارج حدود الاقليم غير قانوني ما لم يحصل بموافقة الحكومة المركزية.


سؤال:

دولة رئيس الوزراء السلام عليكم

مع علمنا المسبق ان لأقليم كردستان حكومة وبرلمان خاص به ولكن الا تعتقدون ان اجراء لقاءات مباشرة مع المواطنين من سكنة الاقليم بغية التعرف عن كثب على المشاكل التي يعانون منها من شأنها اعطاء مؤشرات ايجابية لهم وبأن الحكومة تقف على مسافة واحدة من من جميع المحافظات العراقية أم ان احجامكم عن القيام بمثل هذه الزيارة يعود للفتور في العلاقات السياسية بين بغداد واربيل؟


إجابة دولة رئيس الوزراء:

صحيح بالتأكيد وانا على تواصل دائم مع قيادات ومثقفين وصحفيين لانهم شعبنا الذي ظلمته الدكتاتورية عقوداً من الزمن ومن حقهم علينا ان يكونوا في مركز اهتمامنا، ولولا تصدي الاخوة الكرد مباشرة لخدمة هذه المنطقة لاخذتها على عاتقي بشكل مباشر ولكن بصراحة ان بعض الاحزاب او القيادات السياسية تعبئ ضد الحكومة المركزية ورئيسها ووزرائها ما جعل حاجزاً امام المواطنين في الانفتاح، ولكن بعد جهود اكتشف المواطن الكردي ان الحكومة المركزية معه وليست ضده على خلفيات قومية او مذهبية. وسنستمر بفتح الابواب لمزيد من التواصل ومواجهة شحنة الكراهية التي يبثها بعض وسائل اعلام المنطقة الكردستانية على خلفيات سياسية.

.............


يسرني ان اطرح امام السيد رئيس الوزراء الملاحظات التالية للبيان والاطلاع:


اولا: ان السيد رئيس الوزراء لم يجب على السؤالين من موقع مسؤولية رجل دولة ومن منطلق الحيادية والموضوعية، وانما اجاب، على ما يبدو، استنادا الى رأي شخصي، والحقيقة يشم من الاجابتين راي جهة سياسية حزبية وليس راي رئيس وزراء، لانه يتبين من الجوابين انه لم يطرح رؤيته ضمن منظور عراقي عام، وهذا غير مقبول، لان الوضع السياسي العراقي العام لا يقبل مثل هذه الرؤى التي تشم منها اسباب خلق التوتر والتشنج، رؤى متسمة بالقصر وبفقدان الحكمة.


ثانيا: البيشمركة جزء من المنظومة الدفاعية العراقية، ولعبت دورا مشرفا في حماية العراق من الارهاب في كردستان وفي مناطق اخرى من العراق، وان نكران هذا الدور من قبل السيد رئيس الوزراء مجحف ويحمل مشاعر غير طيبة تجاه اقليم كردستان وتجاه شعبه وتاريخه النضالي المشرف، وتواجد البيشمركة في المناطق العراقية الكردية المتنازع عليها، مسألة طبيعية لكونها ضمن المنظومة الدفاعية، وضمن الاتفاقيات السياسية والعسكرية المبرمة بين الحكومة الاتحادية وبين حكومة الاقليم، كما اوضحه لي شخصيا احد اعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة في بغداد.


ثالثا: رؤية السيد رئيس الوزراء المطروحة عن مشكلة الحكومة المحلية في الموصل والكلمات المدونة في الاجابة، تحمل هاجسا مبطنا بالتمييز والعنصرية، وتعبر عن موقف منحاز الى طرف معين، وهذا غير مقبول من رجل يحتل موقع سيادي مهم على صعيد العراق الجديد، لان موقف رئيس الحكومة الاتحادية يجب ان يعبر عن المسؤولية الوطنية العامة، وان يعبر عن موقف محايد، وليس كما عبر عنه السيد رئيس الحكومة في اجابته بانحياز شديد الى احد الطرفين في الموصل، وهذا الموقف يحمل خطورة كبيرة على الوضع في المحافظة، لانه يغتصب حق انتخابي شرعي لكتلة حازت على ثلث الاصوات في محافظة نينوى، والسيد رئيس الوزراء بموقفه هذا لا يختلف ابدا عن موقف الكتلة المتشددة قائمة الحدباء في الموصل، وان دل جوابه على شيء، فانه يدل على انه مناصر ومشارك مع القائمة في تشددها ومواقفها المتسمة بسياسة غير حكيمة وغير عقلانية.


رابعا: ورود كلمات مثل التصدي، والتعبئة ضد الحكومة المركزية، والانقلاب على الشرعية، وشحنة الكراهية.. لا تليق بمكانة رئيس حكومة الدولة العراقية التي تشترك في ادارتها وحكومتها جميع المكونات العراقية حسب العملية السياسية الديمقراطية المستندة الى الدستور الدائم، وهذه الكلمات ليست بكلام رجل دولة، انما كأنه لطرف معادي وليس لطرف مشارك مؤمن بروح ومباديء الديمقراطية والتعددية والبرلمانية والفيدرالية المثبتة في الدستور. ولا شك ان الوضع العراقي لا يتطلب كلاما بهذا الاسلوب، وانما يتطلب كلاما مسؤولا، فيه مرونة وهدوء وحكمة في اقوال وكتابات المسؤولين، خاصة على مستوى رئيس الحكومة، لهذا ارجو من السيد رئيس الوزراء ان يعيد النظر في اجاباته بعيدا عن مثل هذه الكلمات المتشنجة والمتوترة التي لا تجلب غير المشاكل من ورائها.


خامسا: تهرب السيد رئيس الوزراء من حل المسائل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان، وعدم اعادة المناطق التي تقطنها غالبية عراقية كردية الى اقليم كردستان حتى الان كحق دستوري وطبيعي اثبتته نتائج انتخابات مجالس المحافظات، رسم صورة غير ايجابية عنه وعن شخصه وعن دوره من خلال استطلاعات الرأي التي تقوم بها الصحافة الكردستانية، واتصاله بمجموعات من المنطقة الكردستانية لا يعني انه على اطلاع بحقائق الامور في الاقليم، واجابته عن هذا الامر بهذا الاسلوب يشكل ابتعادا حقيقيا عن المامه بتفاصيل الحقائق والاوضاع في اقليم كردستان.


سادسا: زرع المودة والمحبة بين ابناء الامة العراقية، وغرس الثقافة الدستورية، لا يتم بمثل الاجابات التي يطرحها سيادة رئيس الوزراء، وان كانت هذه الاجابات هي رؤى شخصية اوحزبية، فالاحرى ان لا تكتب ولا تطرح باسم رئيس الوزراء، لان المنصب دستوري ويترتب عليه مواقف متسمة بالحكمة والوطنية والمسؤولية الاخلاقية، لا ان يترتب عليه مواقف غير متسمة بالمسؤولية مثلما يطرحها دولة رئيس الوزراء في اجاباته.


سابعا: اذا كان السيد رئيس الوزراء يريد ان يعرف حقائق الامور والاوضاع في اقليم كردستان ومواقف شعبه من الوضع السياسي العام ومن المسائل العالقة بينه وبين حكومة الاقليم، فانني ادعو سيادته لزيارة اقليم كردستان، للاتصال المباشر مع اغلب شرائح الشعب الكردستاني، للوقوف مباشرة على مواقفهم تجاهه وتجاه الحكومة الاتحادية، وهذا عين الحكمة والعقل ان تبنى السيد المالكي مثل هذه الخطوة.


ثامنا: المؤشرات التي ذكرتها تقارير بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية العراقية والمنظمات الدولية بخصوص مستوى الفقر وتوفير الوحدات الخدمية الاساسية للمواطنين ومؤشرات الحركة العمرانية والمواصلات والجسور ومؤشرات الصحة والتربية والتعليم وزيادة القدرة الشرائية وامتلاك السيارات والحاسبات... كلها سجلت فرقا شاسعا بين محافظات اقليم كردستان وبقية محافظات العراق التي تقع تحت حكم صلاحيات رئيس الحكومة المركزية، وهذا دليل دامغ على ان السياسة المتبعة في ادارة الاقليم من قبل الحكومة والاحزاب الكردستانية، حكيمة وناجحة وان اتسمت ببعض الفساد، ولكنه في كل الاحوال ليس بمستوى الفساد المستشري في الحكومة الاتحادية، وفي مفاصل الحياة السياسية والعامة العراقية.


في الختام، ارجو ان يتحمل صدر السيد رئيس الوزراء، مثل هذه المكاشفة الصريحة، التي نريد من ورائها مثلا حقيقيا لمبدأ حرية التعبير في الصحافة والاعلام العراقي، ولمبدأ المحاورة المتسمة بالشفافية بين رئيس حكومة وكادر صحافي، لا يبغي غير عرض الحقيقة المجردة المبنية على مباديء الحيادية والموضوعية والمسؤولية الانسانية والوطنية، ومن باب الانتماء العراقي والكردستاني الذي يحمله قلب بنبض واحد، وخير ما نختم به ملاحظاتنا هذه هو القول القائل quot;ما هكذا تورد الابلquot; يا دولة رئيس الوزراء معالي السيد نوري المالكي.


د.جرجيس كوليزادة

رئيس تحرير مجلة بغداد