الأحدهم

ـ ستنتظر طويلاً!
اغوص في صمتي،
فأرى المحطات التي غيّبتها الريح.
ـ ستنتظر طويلاً!
ارفع اوراق التوت عن كتب التأريخ،
فأرى شبحاً ازرق، يلملم الدموع من زهور البنفسج.
ـ ستنتظر طويلاً!
افتح نافذتي للحروب الجديدة،
فأرى قوس قزح في غرفتي.
ـ ستنتظر طويلاً!
افتح بوابة البعيد،
فأرى غيمةً صفراء
تضع كفها فوق الغابة.
ـ ستنتظر طويلاً!
تدخل روحي، اعماق الغابة،
فأرى احدهم يسير وحيداً في ظلامها.
ـ ستنتظر طويلاً!
هذا الأحدهم،
هو من لأجله سأنتظر طويلاً!
لمحات من مدينة معاصرة
أرى صبيةً يتلصصون على الأرامل من ثقوب النهار، ورجالاً يلعقون أكفّ العرافات. أمرُّ بجنودٍ يأكلون بنادقهم، وببائعٍ متجول يحمل النجوم فوق عربته. ارى إمرأةً تنظر الى القمر، عبر اساطيرها، وبرجاً يرسل ضوءه الى مدينة بعيدة سكنها ذات يوم، منفيٌّ عاش طوال حياته وحيداً. انقرُ بأصابعي باب حانة مهجورة، فتجرحني كلمة مرسومة على الباب. اتذكر، بأنها الكلمة التي قتلت الشعراء. تسرق انظاريَ لافتةٌ تعلن عن جسدٍ من دون رأس، فأركض كالمجنون وادخل ساحة تحتضن بقايا الآهات. أمرُّ بنهرٍ يتصبّب جثثاً، وبزوارق تتأهب للإنطلاق نحو مثلث برمودا. وحينما أمرُّ بمقبرة سمينة، أحمل وجهي صوب معبدٍ محملٍ بوصايا الليل، يغني خلفه رجالٌ، اغنيةً عن مدينتهم القادمة بهمس.
اكتشافات

اكتشفتُ انّ الزوارقَ المبحرة،
اطفالٌ يحلمون بالزمن الآتي.
اكتشفتُ انّ روّاد الشواطئ،
زهورٌ تتطلع الى الأبدية.
اكتشفتُ انّ شمسَ النهار،
قلبُ السماء النابض بالأغاني.
اكتشفتُ انّ شمسَ الغروب،
بيانُ الطبيعة عن الموت.
اكتشفتُ انّ وجه القمر،
نافذةُ الوجود المشعّة بالأسرار.
اكتشفتُ انّ النوارسَ،
دلائل البحر عن جدوى الحرية.
اكتشفتُ انّ الجزرَ الشامخة،
صرخةُ البحار بوجه السماء.
غير انّ الشئ الذي لم اكتشف سرّه ابداً،
هو انني كلما كنتُ اهبط من الزورق
الى اليابسة،
ألجأ الى البكاء!