محمد الحمامصي: هاجم الشاعر حلمي سالم في سياق حديثه عن أزمة قصيدته شرفة ليلي مراد الشيوخ والأئمة الذين يقيدون حرية التعبير استناداً لقانون الحسبة، مشيراً إلى أن هذا القانون يبيح لأي شخص أن يقاضي أي كاتب إذا رأى أن عمله الأدبي يضير الدين، وهو القانون الذي حوكم به نصر حامد أبو زيد، وقال سالم في جلسة quot;شهادات من المصادرة إلى المحاكمةquot; ضمن جلسات ندوة quot;آليات الرقابة وحرية التعبير في العالم العربيquot;، وأدارها الأردني الياس فركوح: أن هناك انقساما بين المثقفين يتبدى في الخلط بين المبدأ والنص، وتساءل من الذي يحدد جودة النص في حين أنها مسألة نسبية؟، وأكد أن هذا الخلط يؤدي بنا إلى مذابح مستمرة ويفتح المجال للفاشية، وقال: إن هناك آفة الحكم على النص الأدبي بمعيار ديني، لافتا أنه يجب استنقاذ الدولة المدنية من براثن الدولة الدينية، وأوصى بتعديل الدساتير التي تبيح لرجال الدين شرعية ودستورية التدخل في كل شئ، مؤكداً أن شرط الحرية في الإبداع والفن هو السجال وأنه هو أداة الشرط.
بينما سردت القاصة والروائية الكويتية ليلى العثمان ما مرت به خلال تجربتها مع الرقابة في الكويت، قائلة quot;تجربتي مع الرقابة تجربة مرة لا تختلف عن تجارب بعض الكاتبات والكتاب العرب. لقد أصبحت الرقابة المتخلفة في وزارات الإعلام مسؤولة عن انحسار المواهب الجديدة. فظاهرة ملاحقة الكتب ومنعها تؤرق الشباب من الكتاب وتجعلهم في زمن العولمة والانفتاحquot;.
وأشارت إلى أن معاناتها بدأت عندما صدرت مجموعتها الروائية الثالثة quot;الحب له صورquot; عن دار الآداب عام 1982 والتي نالت عنها مكافأة وجائزة تشجيعية، وإذا بوزير الإعلام يستدعيها بعد أن تقدم شكاوى بأنها تسئ للمجتمع وتقاليده وأن قصة الحب له صور فيها ما يشبه الإلحاد ويسيء إلى الدين.
وأضافت العثمان في عام 1996 فوجئت بالنائب العام يستدعيني للتحقيق معي. فقد قام أربعة من الأصوليين المتطرفين برفع دعوى ضدي بتهمة تحريضي على الفسق والفجور لأنني أكتب ما يتعارض وقيم المجتمع والدين. وقد اختاروا المجموعتين الصادرتين قبل 16 و12 عاما. أن أقسى اللحظات التي خضعت فيها للمحاكمة بعد 35 سنة من ممارسة الأدب والنتيجة تكون المساواة بيني وبين الجناة.
وقالت: أصبحت الكتابات التي تعري الممارسات البشعة وتكشف عن المستور في مجتمعاتنا، أصبحت في نظرهم وقاحة وخيانة وتطاولاً على الوطن، والكتابات التي تحرض المرأة على المطالبة بحريتها وحقوقها وتمردها على الظلم والقهر، وكأنها فسقاً وفجوراً وأمراً بالمنكر يجب النهي عنه ولكن ليس بالمعروف. أما الكتابة عن أمور الجنس والجسد فقد أصبحت بنظرهم فعل الزنا بعينه وهدر الدم هنا حلال.
وتحدث الشاعر الأردني موسى الحوامدة، عن تجربته مع ديوان quot;شجري أعلىquot; موضحا أن مصادرة أو محاكمة كتاب لا تعني أنه كتاب استثنائي، ولا تضيف له أي ميزة جمالية أو أهمية أدبية. وقالquot; تعرضت خلال المحاكمات للعديد من الضغوط النفسية والمعنوية، والاتهامات والإساءات ولم يكن الشيوخ أو المتزمتون أو الحكومة ومؤسساتها هم فقط من حرض وألب، بل تلقيت من المثقفين الكثير من السهام السرية والعلنية، وكنت ألام على شئ لم أقترفه، وعلى مكاسب توهمها البعض، وقد اكتشفت أن الكراهية التي تنغل في أوساط المثقفين، أكبر وأخطر من مواقف بعض السلفيينquot;.
وفي هذا السياق، أشار الحوامدة إلى أن بعض الشعراء والكتاب حاول ركوب الموجة وتقديم كتابه باعتباره خروجا على المألوف، وكفرا يستحق العقوبة، وقالquot; كل القصائد التي حوكمت عليها، كانت تنتزع من سياقها الشعري لتوضع في سياق عادية، وكل الاتهامات التي طالتني مزيفة، والأمر لم يتعدى سوى إنني استخدمت رمز ديني ورد ذكره في الكتب السماوية كلها ويتم توظيفه بطريقة مستفزة لا أكثر ولا أقل، وكان غرضي من تلك القصيدة الإشارة إلى أن الشعب المصري خاصة والعربي عامة يرفض التطبيع مع كيان محتل دخيل يتعلق بقصص تاريخية نردد بعضها دون أن نعرف مغزاها وهدفها السياسيquot;.
وأوصى موسى الحوامدة في ختام حديثه بضرورة تكاتف المثقفين مع بعض بدلا من أن ينقلبوا على بعض، وأوضح بأن الجهل وعدم القراءة وتدني المستوى الثقافي في العالم العربي، ساعد على تشكيل بؤرة صالحة لنمو التطرف والجهل، واحتقار الثقافة والإبداع والاستخفاف بالشعر والفن عموما، وشكل طريقا سالكاً للحكومات لاغتيال المبدعين وملاحقتهم والازدراء بتجاربهم، هذا عدا عن محاصرتهم في رزقهم وتضييق فرص العمل والنشر والكتابة عليهم، لتحولهم لأبواق للسلطة فقطquot;.