أجرى الحوار بالجزائر كامل الشيرازي: يكشف الأستاذ إبراهيم نوّال محافظ المهرجان الدولي للمسرح بالجزائر، عن رغبته لأن يكون المهرجان المذكور متنقل إبداعيا في الزمن، ويبرز في هذه المقابلة الخاصة بـquot;إيلافquot; أنّ المهرجان يراهن على استضافة جميع الفنون، مثلما يولي اهتماما بتقريب المسافات بين علوم السرد وفنون العرض، وتسويق الشعر القديم ومختلف تلاوين التراث السمعي في المسرح الجزائري.

bull;هل لكم أن تعرفوا القرّاء بتفاصيل الدورة الثانية للمهرجان الدولي للمسرح الذي سيقام الشهر القادم بالجزائر؟
التظاهرة ستجري في غضون الفترة ما بين 14 و25 أكتوبر/تشرين الأول القادم، وستكون دورة هذا العام ثلاثية الأبعاد، حيث ستمازج بين المسرح العربي، الإفريقي والمتوسطي، طالما أنّ جذورنا عربية إفريقية وملتصقون بانتمائنا إلى بحيرة المتوسط.
أحب أن أوضح هنا أنّ الدورة الأولى خريف العام الماضي اقتصرت على المسرح الإفريقي فحسب موائمة مع استضافة الجزائر آنذاك فعاليات المهرجان الإفريقي الثاني.
وستشارك 20 فرقة من 18 بلدا في مهرجان هذه السنة، مع حضور خاص للمسرح الفلسطيني من خلال فرقتين، وستكون هناك وقفة مع الفلسطينيين من خلال فضاء يبرز نضالات المثقفين الفلسطينيين وما يتصل بالحركة المسرحية الفلسطينية من منجزات ورهانات ومكابدات.
ويُمكن للجماهير مواكبة كافة العروض في المدرج الكبير للمسرح القومي، إضافة إلى القاعة الصغيرة وكذا قصر الثقافة.

bull;الكثيرون ينتقدون كلاسيكية المهرجانات واكتفاءها بالعروض وقدرا من الأنشطة الهامشية، ما هو الاستثناء الذي ستقترحونه هذه المرة؟
-أؤكد أنّ الأيام الأحد عشر ستكون حميمية للغاية، حيث نحرص على أن يكون المهرجان عنوانا كبيرا للتعارف والبحث عن الحوار مع الآخر، فنحن في الجزائر مهتمون بتساؤلات العرب والأفارقة لا سيما ونحن نندرج جميعا ضمن عائلة الثقافة وقيمتها السامية كفعل اجتماعي.
وفي سياق تحاورنا مع كل من يهمه الأمر، رفعنا شعار quot;الفنون في ضيافة المسرحquot;، وعليه وجهنا دعوات لعديد الفاعلين في فنون الشعر والقصة والرواية والموسيقى والإعلام للمشاركة في هذا الحوار الذي سيركّز بشكل خاص على الشعراء والمسرحيين مع قراءات لممثلي كل فن.

bull;من خلال إشرافكم على عديد المهرجانات المسرحية في السنوات الأخيرة، كثفتم من تنظيم الورش والأيام الدراسية، ما الجديد الذي سيحمله المهرجان الدولي؟
-بالفعل، نهتم في الدورة المقبلة بإذكاء الجانبين الأكاديمي والمعرفي، من خلال تنظيم أيام دراسية حول علوم السرد وفنون العرض أو ما تعرف بـquot;الفنون الحيةquot;، حيث أردنا إقحام كافة الفنون التعبيرية من حكايات الشعر القديم كتراث الإمزاد الشهير في الجزائر وهو شعر ملحمي يمتد رصيده إلى ما يزيد عن المئتي سنة.
كما هناك أغنية quot;أشويقquot; العريقة في منطقة القبائل الجزائرية، وما يواكبها من حكايات الجزائريين القدامى، إذ نحاول أن نوظف كل التراث السمعي في المسرح الجزائري.
أوضح أنّ الأيام الدراسية ستشمل أيضا التكوين والتأهيل وبلورة الفعل الثقافي بشقيه الفلسفي والتطبيقي، بهذا الشأن، ستكون الفرصة متاحة للالتقاء بحكواتيين من إفريقيا والعالم العربي والجزائر، حيث نرغب في تعريف الجماهير العريضة بهذا التراث، تماما مثل تطلعنا إلى بناء جسور بين الجامعة الجزائرية ونظيراتها العربية والإفريقية
وسيشهد المهرجان حضور كوكبة من الأساتذة والمختصين من إفريقيا وأوروبا والعالم العربي مثل د/عبد الحميد بورايو، بول شاؤول، غنام غنام، نذير القنا، أنور محمد، بولس مطر وغيرهم، إضافة إلى quot;إيفان روميوفquot; الذي سيؤطر ورشة حول المسرح الارتجالي، وكذا الذي سيشرف على التعبير الجسماني، فضلا عن الأستاذة quot;خليدة مجيد واليquot; التي ستقارب quot;تعبيرية الجسد والفنون القتاليةquot;.

bull;تبعا لاستقطابكم لمسرحيين من خارج الحدود واشتغالكم على موضوعة المسرح بكونيته وكينونته، ألا تخمنون في مشاريع توأمة وتوسيع رقعة المهرجان لصير عالميا ويشمل سائر مسارح القارات الخمس؟
-أكيد، المهرجان عالمي بمفهومه، ونطمح إلى أن نجعل من الجزائر عاصمة دائمة للمسرح، وتأسيس فضاء إبداعي يمنح حرية أكبر، ويكون له اسم ووهج مثل المهرجانات الكبيرة على غرار قرطاج وأفنيون وعمان وغيرها.
بشأن التوأمة، بدأنا في العام الماضي مع مهرجانات عربية، وهدفنا الأسمى أن يكون مهرجان الجزائر الدولي متنقل إبداعيا في الزمن، والفكرة برأيي ممكنة، ونحن نعوّل بشغف على تجسيدها.

bull;ما الذي يميّز مسرح 2010 برأيكم عن مسرح الزمن الماضي، وما يمكن أن يؤول إليه في قادم السنوات؟
-المسرح لا يختلف بفلسفته وباتجاهاته الفكرية، سيبقى متحاورا مع جمهور حي متنقل متحرك، ومسرح القرن الواحد والعشرين لا بد أن ينتمي إلى هذه الديناميكية كحدث كوني مثلما قال الراحل quot;محمد أركونquot;.
والحداثة لا ينبغي أن تتركّز في الأدوات والوسائل، بل برسكلتها الفكرية إلى حدود أكثر حرية وديمقراطية وانفتاح على الآخر، فالعولمة هي حوار تقوم على الأخذ والعطاء، أن ننتج ونتبادل ضدّ الاستهلاك بمفهوم الركود، ونتوخى مسلكا ديناميكيا متفتحا يمنحنا مسرحا مزركشا بألوان الفرجة والابتكار والتكنولوجيات الحديثة.

bull;ثمة نقاد يتوقعون عودة مؤكدة للمسرح الكوني إلى التشرّب من ينابيعه الإغريقية؟
-شيئ طبيعي العودة إلى الإغريق، لأنّ المسرح فكرة فلسفية تنير دروب البشرية، وهذه الإنارة تجلت بشكل كبير عند أوائل الإغريق وجعلتهم يتموقعون كمدرسة خالدة في سماء أب الفنون.
الشيئ المهم أن نتشرّب من هذا المنبع، ونرافقه باستقراء حداثي بمراجع وأدوات وبرؤى حداثية، مثلما حصل مع مسرح quot;شكسبيرquot; وquot;لوبي دي فيغاquot; والنقد الذي قدّمه كل من نيتشه وغوته وبيكيت، حيث أنّ ما قدمه الأعلام الثلاثة لم يكن مسرحا لكنه تمّ برؤية مسرحية.

bull;ماذا عن تدوين مساركم النقدي والتلقيني في كتاب شامل؟
-هذا الأمر يسكنني في الأعماق، في مرات عديدة يلومني الطلبة ويطلبون مني تدوين ما عايشته وشاهدته، ورغم اشتغالي كمدير وكأستاذ ومحافظ للمهرجان، إلاّ أني اعتبرت نفسي ولا أزال ناشطا مسرحيا ووسيطا ثقافيا.