تضاربت المعلومات اليوم حول قرار المحكمة الاتحادية العراقية باعتبار ائتلاف المالكي الكتلة الاكبر التي تشكل الحكومة بين التأكيد والنفي، فيما حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري رئيس الوزراء من أي إجراءات تقود إلى مزيد من الاضطرابات والقلاقل في البلاد.


لندن: بينما نقلت قناة "العراقية" الرسمية عن مصدر مسؤول في المحكمة الاتحادية العراقية العليا قوله إنها أصدرت قرارًا اعتبرت فيه ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي هو الكتلة النيابية الاكبر، وهو ما يدعو الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى تكليف مرشح للمهمة المالكي لتشكيل الحكومة، فقد نفى مصدر في المحكمة مشيرًا إلى أنّ المحكمة تعتبر التحالف الوطني الشيعي هو الكتلة الاكبر.

وجاء هذا القرار برغم عدم حسم التحالف الوطني الشيعي، الذي يعتبر أنه الكتلة البرلمانية الاكبر، الاعلان عن مرشحه على اعتبار ان ائتلاف المالكي هو جزء من التحالف. واعتبر مصدر عراقي تحدث مع "إيلاف" انه اذا صح اعتبار المحكمة لائتلاف المالكي هو الكتلة الاكبر فإن ذلك سيرسخ الاتهامات الموجهة إلى السلطة القضائية العراقية ورئيسها القاضي مدحت المحمود بالرضوخ لارادات المالكي وتسييسه للقضاء، ووضعه في خدمة اجنداته السياسية.

وأشار إلى أنّ تكليف المالكي بتشكيل الحكومة لا يعني نجاحه في هذه المهمة نظراً لأن الكثير من القوى الشيعية والسنية والكردية ترفض ولايته الثالثة.. وقال انه عند ذلك سيضطر الرئيس فؤاد معصوم إلى تكليف مرشح الكتلة الاكبر الثانية، وهي التحالف الشيعي بتشكيل الحكومة.

ومن المنتظر ان يعقد الرئيس معصوم ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري ورئيس المحكمة الاتحادية العليا مدحت المحمود اجتماعاً ظهر اليوم لبحث مرحلة ما بعد تجاوز المدد الدستورية في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة.

ولم يتوصل التحالف الوطني إلى تسمية المرشح لرئاسة الوزراء على الرغم من انتهاء المدد الدستورية عند منتصف الليلة الماضية، والمحددة لرئيس الجمهورية في تكليف هذا المرشح.
من جانبه، اعلن النائب الاول لرئيس مجلس النواب حيدر العبادي أن "الوقت المحدد لتكليف رئيس وزراء جديد تم تمديده إلى الساعة الثالثة بعد ظهر الاثنين "مشيرًا إلى أنّ"التحالف الوطني العراقي على وشك اختيار مرشح مقبول".

كيري يحذر المالكي من إثارة اضطرابات

ويبدو أن قرار المحكمة الاتحادية قد ازعج الادارة الأميركية، حيث أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري الاثنين أن واشنطن تدعم الرئيس العراقي فؤاد معصوم محذرًا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من إثارة اضطرابات. وقال كيري خلال زيارته إلى سيدني: "نقف بقوة إلى جانب الرئيس معصوم الذي يتحمل مسؤولية تطبيق الدستور في العراق" مضيفاً "نأمل ألا يثير المالكي اضطرابات".

وأشار إلى أن "عملية تشكيل الحكومة مهمة في ما يتعلق بتحقيق الاستقرار والهدوء في العراق وأملنا هو ألا يثير السيد المالكي القلاقل. واضاف: "شيء واحد يحتاج كل العراقيين لمعرفته وهو أنه سيكون هناك القليل من الدعم الدولي من أي نوع كان لأي شيء يحيد عن عملية الدستور المشروعة القائمة ويجري العمل عليها الآن".

اما نائبة المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماري هارف، فقد أكدت تأييد الولايات المتحدة الأميركية& للرئيس العراقي فؤاد معصوم واصفة معصوم "بضامن للدستور"، وقالت إن عملية اختيار رئيس الوزراء تبنى على أساس "إجماع وطني"، وفيما رفضت أي عملية "تلاعب بالدستور أو القضاء"، حملت المالكي "إشعال الأزمة الأمنية".

وقالت هارف في بيان اليوم& إن "واشنطن تؤكد تأييدها لعملية اختيار رئيس وزراء يمكنه أن يمثل طموحات الشعب العراقي من خلال بناء إجماع وطني والحكم بأسلوب شامل وتأييدها للرئيس العراقي فؤاد معصوم كونه ضامناً الدستور"، رافضة "أي محاولة لتحقيق نتائج بالإكراه أو التلاعب بالعملية الدستورية أو القضائية".

وأضافت أن "واشنطن تلوم المالكي كونه سببًا في إشعال الأزمة الأمنية في العراق". ومن جهتها، قالت كتلة الاحرار البرلمانية الممثلة للتيار الصدري إن قرار المحكمة الاتحادية بتحديد الكتلة الاكبر بين التحالف الشيعي وائتلاف دولة القانون سيكون سارياً على رئيس الجمهورية والكتل الاخرى.

وزير الدفاع الأميركي: الغارات الجوية فعّالة

من جانبه، أكد وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل الاثنين أن الغارات الجوية الرامية الى وقف تقدم مسلحي تنظيم "الدولة الاسلامية" المتشدد في العراق ابدت فعالية، وأن بلاده منفتحة لطلبات مساعدة اضافية.

وشنت الولايات المتحدة لمدة ثلاثة ايام غارات بطائرات مقاتلة وبدون طيار في شمال العراق على مواقع للجهاديين الذين أدى هجومهم العنيف الى نزوح 200 الف شخص منذ 3 اب (أغسطس)، من بينهم مجمل سكان قره قوش اكبر مدينة مسيحية في العراق.

واكد هيغل أن واشنطن تقيّم الوضع باستمرار بعد اجازة الرئيس باراك اوباما التحرك للمساعدة على فك الحصار عن جبل سنجار، حيث علق آلاف النازحين المدنيين من الاقلية الايزيدية. وصرح هيغل في اطار محادثات الدفاع السنوية الاميركية الاسترالية في سيدني ردًا على سؤال حول الغارات أنها "ابدت فعالية كبيرة بحسب جميع التقارير التي تلقيناها ميدانيًا".

وتابع "نقيّم باستمرار كيف يمكننا تقديم المساعدة للقوات الامنية العراقية والمواعظ المحتملة للتعاون مع الحكومة العراقية في اثناء بناء الشراكات". واضاف أن "الحكومة العراقية طلبت المساعدة والدعم وسنواصل استقبال اية مطالب اضافية منها".

كما القت الطائرات العسكرية الاميركية شحنات الاغذية والمياه لمساعدة المدنيين المحاصرين من الجهاديين، فيما انضمت فرنسا وبريطانيا الاحد الى السباق لانقاذهم من المجاعة. واكد هيغل أن "الكثير منكم يعلم ان الرئيس اوباما تحدث بالامس مع الرئيس الفرنسي (فرنسوا) هولاند ورئيس الحكومة البريطاني (ديفيد) كاميرون اللذين عرضا المساعدة".

واضاف: "ننسق عمل مجموعة من الشركاء للمساعدة في هذه الجهود" مؤكدًا "أنه ملف انساني له تبعات كبرى حول العالم، واعتقد أن القوى العظمى تدرك انها تتحمل مسؤولية كبيرة فيه". واكد وزير الدفاع الاسترالي ديفيد جونستن أن مساعدة بلاده تركز حاليًا على المساعدات الانسانية رافضاً التكهن حول احتمال تقديم مساعدة قتالية.

وصرح في مؤتمر صحافي مع هيغل "في هذه المرحلة نعتقد أن هذه المساعدة مهمة جدا"، وسط احتمال مشاركة استراليا في القاء المساعدات في وقت لاحق هذا الاسبوع. وتابع "حاليًا أننا ملتزمون مساعدة الاميركيين واصدقائنا الذين سينضمون اليهم في توفير المساعدات الانسانية وادارة الكوارث". واضاف "لا يمكن التكهن في ما يحمله المستقبل في الوضع العراقي الذي يبدو مضطرباً ومتوترًا وصعبًا جدًا".

وقال النائب بهاء الاعرجي القيادي الصدري إن "التحالف الوطني لا علاقة له بقرار رئيس الجمهورية فؤاد معصوم حول تمديد المهلة الدستورية لاختيار مرشح رئاسة الوزراء حتى ظهر اليوم الاثنين".

وأشار إلى أنّ" الرئيس معصوم& بعد التشاور مع مستشاريه& وجد أن نهاية الدوام الرسمي لهذا اليوم عند الساعة 3 عصراً ستكون نهاية المهلة الدستورية،& كما ابلغنا بذلك مكتبه"، كما نقلت عنه الوكالة الوطنية للانباء، مضيفًا أن التحالف الوطني فشل طيلة الفترة السابقة في الخروج بمرشح نهائي يمثل جميع كتل ومكونات التحالف، وبالتالي من غير المعقول أن يتفق التحالف في غضون الساعات القليلة المقبلة على تسمية مرشحه".

وأشار إلى أنّه ليس بالضرورة أن ينجح المرشح المكلف من الكتلة الاكبر في تشكيل الحكومة المقبلة فهناك فرق شاسع بين التكليف وبين أن يصبح المرشح رئيساً للوزراء. وأكد أنّ "رئيس الجمهورية لا يمكنه تكليف أي مرشح رغم الصلاحيات الدستورية الممنوحة له، ولذلك فإن ما تقرره المحكمة الاتحادية سيكون ساريًا على رئيس الجمهورية والكتل الاخرى حول تكليف المرشح".