لم تعد الآراء التي تتحدّث عن أفول نجم الائتلاف الوطني السوري المعارض مجرد اتهامات تظاله من خارج جسمه السياسي والتنفيذي، فالنقد الذي وُجّه مؤخرا إلى الإئتلاف، يصدر عن قيادات من داخله، تقول إنه لن يستمر ولن يمثل مستقبلا قوى المعارضة الرئيسية وأن نتائج عمله كانت مخيبة للآمال.


بهية مارديني: يعاني الائتلاف الوطني السوري المعارض من أزمات مالية بسبب عزوف الدول الصديقة لسوريا عن تمويله رغم أنه المؤسسة المعارضة التي أعلنت شرعيتها أكثر من مائة وعشرين دولة عبر العالم، بعد الاعلان عنه في الدوحة يوم 11 نوفمبر العام 2012.

وأكدت بعض الدول أن الائتلاف ممثل حقيقي للشعب والثورة السورية الا أنها لم تتعامل معه دائما وفق هذا الاعتبار، رغم ما حظي به من ترحيب في الأشهر الأولى لتأسيسه.

أخطاء قاتلة

واعتبر منذر آقبيق العضو في الائتلاف في حديث صريح مع "إيلاف" أن هناك أطرافا في الائتلاف "ارتكبت أخطاء قاتلة خلال السنتين الماضيتين، مما سبب فقدان الثقة به (الإئتلاف) من الاطراف الدولية وحتى العربية".

ولكنه رأى أن الائتلاف "لن يختفي ولكن دوره اصبح اقل بكثير مما كان مؤمل له".

وقال: "هو الآن طرف من الاطراف السورية التي ذكرها الموفد الخاص ستيفان ديمستورا وبيان مجلس الامن، لا اكثر ولا اقل".

معارك سياسية

وأضاف آقبيق أنّ "اطرافا في الائتلاف خاضت معارك سياسية فيما بينها من اجل مراكز ومناصب وبذلت جهدا ووقتا كبيرين من أجل ذلك، كان الاحرى ان يكون ذلك الجهد منصبا في خدمة الثورة والشعب، وتسببت تلك المعارك في انقسامات وخلافات لا تنتهي شلت عمل الائتلاف واثرت سلبيا على أدائه وجديته".

وجرت في الدوحة من 8-11 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 مجموعة من الاجتماعات التشاورية على مدى ثلاثة أيام نتج عنها اتفاق بين قوى السورية المعارضة والمجلس الوطني السوري حينها، بتأسيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية".

ويهدف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إلى تشكيل جسم إداري وتنفيذي لتحقيق مجموعة من الأهداف هي: توحيد دعم القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية والجيش الحر، وإنشاء صندوق دعم الشعب السوري بتنسيق دولي، وإنشاء اللجنة القانونية الوطنية السورية، وتشكيل حكومة انتقالية بعد الحصول على الاعتراف الدولي.

عشوائية وتشتت

وكشف القيادي في الإئتلاف منذر آقبيق لـ"إيلاف" عن وجود "نقص كبير في الخبرة المؤسساتية، فلم يكن العمل منظما وذا هرمية واضحة توحي بالثقة، إضافة إلى ان العمل السياسي كان مشتتا ولا يحمل طابع الاستمرارية".

ويرى آقبيق أنّ "الإئتلاف فشل في بناء شراكات وتحالفات مع القوى المدنية والثورية داخل سوريا وخارجها، مما أدى إلى ضعفه الشديد وتعلقه فقط بخيط الاعتراف الدولي".

مساعي التوسيع فاشلة

كما تطرّق إلى ما يعاني منه الائتلاف من التنافس داخله وهو ما أدى الى "فشل محاولات توسيعه من اجل استقطاب أكثر مكونات المجتمع السوري المختلفة سواء النسائية او الفكرية".

أوضح آقبيق أنّ "عمل الائتلاف في اغلب الاوقات كنادي مغلق، مما تسبب في نفور الفعاليات السياسية والمجتمعية منه."

ونبه في تصريحاته لـ"إيلاف" أن على الإئتلاف فتح نافذة إعلامية ذات انتشار ومصداقية يمكن له من خلالها كسب ثقة الشعب السوري بكافة أطيافه، وكذلك الراي العام الدولي، وحشد التأييد لكفاح السوريين من اجل الحرية وهي قضية عادلة ومحقة ولكن لم يعبر عنها الإئتلاف كما يجب".

فات الأوان ؟

وحول رد الثقة وامكانية ذلك أجاب: "لا أعلم ان كان قد فات الاوان ام لا"، ومن المعلوم ان كسب الثقة من جديد بعد فقدانها عملية بالغة الصعوبة. ولكن بغض النظر عن ردود الافعال، ليس امام الائتلاف إلا طريق واحد وهو العمل على إصلاحه، وهذا العمل سوف يكون في ظروف اصعب بكثير مما مضى، وفي ظل نقص كبير في الامكانيات، ولكنه الطريق الوحيد، ويمكن بالتدريج كسب ثقة الناس شيئا فشيئا، والثقة الداخلية تؤدي في النهاية إلى كسب الثقة الخارجية".

وتحدث القيادي المعارض عن الحل الآخر وهو اليأس وحل الائتلاف وهذا يعني ان أعضاءه تخلوا عن العمل من اجل القضية بشكل جماعي، وأضاف: ""اظن ذلك واردا بالنسبة للبعض، ولكن ليس الجميع، وبالتالي الائتلاف سوف يبقى، واهميته ورهاناته سوف تكون مستمده من قدرته على إصلاح نفسه وتحسين أدائه وجديته".

نقص الدعم والتمويل

وكان نائب رئيس الائتلاف هشام مروة اعتبر في تصريحات اعلامية ان نقص الدعم وعدم تلبية الوعود بالدعم، الذي لم يصل منه شيء، قلص من دور الائتلاف أو جعل دوره يتراجع اضافة الى تمدد الارهاب في سوريا.

واعتبر أن توصيف الائتلاف بأنه كيان يعاني من عقم سياسي ويعيش حالة رغبوية، أمرا مجانبا للصواب والحقيقة.

وبيّن نائب رئيس الائتلاف أن المواقف السياسية للدول وأجنداتها غير حاضرة في عمل الائتلاف إلا بقدر خدمة الثورة السورية.