يرى متابعون أن الرئيس التركي إردوغان متمسك بالسلطة وسيفعل اي شئ للبقاء فيها، وهو ما قد يجر البلاد الى هاوية حرب داخلية.


ميسون أبو الحب: يبدو مقر الرئاسة التركية في انقرة مثل مدينة داخل مدينة وهو مجمع ضخم ومبنى مهيب تحيط به أسوار وحواجز فرضت حماية مشددة عليها.&

يرى البعض ان هذا المبنى يعبر تماما عن طموحات الرئيس رجب طيب اوردغان الذي يريد تحويل نظام الحكم في البلاد الى حكم رئاسي على ان يبقى هو على رأس السلطة حتى عام ٢٠١٩.

غير ان هذه الطموحات بددتها الانتخابات الاخيرة في السابع من حزيران (يونيو) الماضي عندما حصل حزب اوردغان، حزب العدالة والتنمية على ٤٠.٩ ٪ من اصوات الناخبين فقط ليفقد بذلك الاغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها في البرلمان.

هذه النتيجة رافقها دخول الحزب الديمقراطي الشعبي الموالي للاكراد الى البرلمان لاول مرة بعد حصوله على ١٣ بالمائة من الاصوات. ورافقها ايضا احتياج حزب العدالة والتنمية الى التفاوض على ائتلاف كي يتمكن من تشكيل حكومة.

ولأن اوردغان الذي يحكم تركيا منذ ١٣ عاما ليس معتادا على الهزيمة سرعان اعلن فشل مفاوضات تشكيل الحكومة ما يعني الحاجة الى تنظيم انتخابات جديدة حدد موعدها في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

متمسك بالسلطة

تعتقد مجلة دير شبيغل ان اوردغان هو الذي افشل هذه المفاوضات كي يحصل على فرصة انتخابية جديدة على امل تحقيق اغلبية مطلقة في البرلمان مرة اخرى.

واوردغان معروف بأنه وراء نهوض تركيا اقتصاديا خلال السنوات المنصرمة ومعروف بانه كان يتمتع بشعبية واسعة داخل بلده وحتى خارجها ولكن هذه الامور حولته الى اوتوقراط يجر بلده نحو حرب اهلية جديدة ويشعل حروبا خارجية.

ولاحظت دير شبيغل الالمانية ان تركيا قامت من حرب اهلية الى فترة انتعاش كبيرة ثم تقف الان على اعتاب حرب اهلية جديدة.

كان اوردغان ايضا اول من تحدث عن حل المشكلة الكردية في تركيا وعن انضمام بلاده الى الاتحاد الاوربي غير انه لم ينجح في هذه الامور.

انقسام

تركيا الان منقسمة على نفسها بين اراض وشعب يؤيدون اوردغان واراض وشعب لا يؤيدونه لاسيما في المنطقة الممتدة من ديار بكر الى جبال قنديل، معقل مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي المعروف باسم بي كي كي وامتدادا الى اسطنبول.

وفي اسطنبول، بدأت في عام ٢٠١٣ مظاهرات بسبب حديقة في المدينة ثم ما لبثت ان تطورت وتصاعدت لتتحول الى محاولة لاسقاط الحكومة.

وبذا وبعد ١٣ عاما من الحكم شبه المطلق لحزب العدالة والتنمية بدأت شعبية هذا الحزب تنهار.

اوردغان والعنف

اراد اوردغان اولا اسقاط نظام بشار الاسد في سوريا ثم تجاهل تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) لفترة طويلة وهو يحارب الاكراد الان وهو ما يعني فتح جبهات قتال متعددة واثارة انعدام الثقة وتصعيد المشاعر القومية.
&
منذ ٢٤ تموز الماضي، تواصل طائرات تركية التحليق فوق جبال قنديل وقصف مواقع بي كي كي ولا تمر ايام دون وقوع مناوشات بين قوات تركية ومؤيدي حزب العمال.

وفي جيزره قرب الحدود مع سوريا والعراق، فرض حظر التجوال منذ بداية ايلول الجاري وحوصرت البلدة التي تضم ١١٣ الف سكان وقتل ما لا يقل عن ٣٠ من سكانها، حسب مصادر محلية.

وترى دير شبيغل ان الاوضاع بدأت تشابه الاوضاع التي رافقت الحرب الاهلية السابقة التي بدأت في عام ١٩٨٤ واودت بحياة ٤٠ الف شخص.&

لماذا؟
&
من المعتقد ان اوردغان يحتاج الى تصعيد الامور املا في ضمان اغلبيته المطلقة في البرلمان وطرد الحزب الديمقراطي الشعبي منه.

التصعيد سيعطي صورة عن اوردغان باعتباره حامي الاستقرار في البلاد قبل الانتخابات او ربما سيؤدي الى تأجيل الانتخابات تحت مبرر الامن الوطني.

العنف بدأ في ٢٠ تموز الماضي عندما فجر من قيل انه عنصر من تنظيم الدولة الاسلامية نفسه في بلدة سروج قرب الحدود مع سوريا وقتل اكثر من ٣٠ شخصا.

وبعد يومين قتل مسلحو بي كي كي شرطيين داخل شقتهما ونشر بي كي كي معلومات ان القتل جاء انتقاما لتفجير سروج، حيث يعتقد حزب العمال الكردستاني ان الشرطة التركية تدعم تنظيم داعش.

وذكرت دير شبيغل ان انقرة كانت تسمح للتنظيم الارهابي بالتنامي وكان "الجهاديون" يتلقون العلاج في مستشفيات تركية كما سمحت تركيا لداعش بتجنيد مقاتلين جدد في اسطنبول وفي انقرة ومرت اسلحة وأغذية عبر تركيا مقصدها تنظيم داعش.

وعندما اعلنت تركيا انها ستضرب ارهابيين لم تضرب داعش، او على الاقل ليس بشكل حقيقي، حسب دير شبيغل بل قصفت مواقع بي كي كي.

وفي ٢٤ حزيران بدأت الطائرات تقصف مواقع بي كي كي واعلنت الحكومة انها قتلت الفي مقاتل كردي. ولا يشمل هذا الرقم الضحايا المدنيين ولا الجنود الاتراك الذين قتلهم الاكراد.

في الاسابيع الاخيرة، اخذ حزب بي كي كي يحارب على جبهتين اولهما ضد الجيش والثاني ضد داعش. وبدا الوضع غريبا بعض الشئ لان تركيا وداعش اعلن كل منهما الحرب على الاخر.

وتساءلت المجلة عن مستقبل تركيا وقالت إنه من المرجح الا يفوز حزب اوردغان في الانتخابات المقبلة وهو ما قد يجر البلاد الى حالة فوضى غير محمودة النتائج.
&