ألمَّح المرشح الجمهوري المحتمل في انتخابات الرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، إلى أن والد منافسه تيد كروز له علاقة بحادث اغتيال الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي. ووصف كروز ترامب بأنه عديم الأخلاق وكذاب وزير نساء. حدث كل ذلك قبل نتائج الانتخابات التمهيدية في ولاية إنديانا. لكن الآن اتضحت الأمور، وتم فرز أصوات المندوبين الجمهوريين في ولاية إنديانا، وهزم ترامب عدوه اللدود جون كاسيتش، وبإمكانه الآن أن يضع خططا لتوحيد الحزب الجمهوري خلفه، وكذلك التخطيط لحملته في الانتخابات الرئاسية التي تجرى الخريف المقبل. أما هيلاري كلينتون، ورغم هزيمتها في الانتخابات التمهيدية في ولاية إنديانا، فعليها أن تستعد لمنافس غير تقليدي من الحزب الجمهوري. الأمر سيبدو ممتعا ولكن هذه مجرد البداية. أعلن ترامب الأسبوع الماضي أنه المرشح المفترض للحزب الجمهوري. ربما كان هذا الافتراض في ذلك الوقت جريئا أكثر من اللازم، لكنه الآن حقيقة واضحة. وإذا كان الفوز بترشيح الحزب الجمهوري إنجازا مهما، إلا أنه يبدو بسيطا مقارنة بالفوز في الانتخابات الرئاسية أمام منافس ديمقراطي قوي. ويواجه المرشح الجمهوري في الانتخابات المقبلة بالفعل تحديات كبيرة، فالديمقراطيون لديهم ولايات تميل كفتها تجاههم أكثر من الجمهوريين. بالإضافة إلى ذلك فإن شعبية ترامب تراجعت بين الناخبين من النساء والأمريكيين من أصول لاتينية. وستمثل ولايات مثل فلوريدا تحديا مهما، أما نيفادا وكلورادو وفيرجينيا فإنها جميعا متأرجحة، مما يجعل من الصعب توقع نتائجها. وهناك أيضا عامل المال، فترامب رجل ثري، لكنه ليس بالثراء الذي يمكنه من تمويل حملته الانتخابية بنفسه، والتي أصبحت تكلفتها تقترب من مليار دولار. وجمع هذا التمويل الضخم يحتاج إلى شبكة جيدة من المتبرعين ، وهو الشيء الذي يفتقده ترامب في الوقت الراهن. هل يمكنه تحقيق ذلك؟ ربما. لكن ترامب يحتاج إلى الاعتماد على الحزب الجمهوري في هذا الأمر. وفيما يتعلق بالحزب الجمهوري، فعلى الرغم من أن بعض قيادات الحزب، ومن بينهم رئيس الحزب رينسي بريبوس، يتجهون للموافقة على ذلك، إلا أن حملة #NeverTrump المناهضة لترشيح ترامب لا تبدو وكأنها في طريقها للتلاشي. وخلال الأسابيع والشهور المقبلة سيأتي وقت اتخاذ القرار بالنسبة للناخبين المحافظين، الذين يعتبرون ترشيح ترامب بمثابة سيطرة عدائية. فهل سيقبعون في منازلهم؟ أم سيفعلون مثلما فعل الكاتب الأمريكي مارك سولتر مع السيناتور جون ماكين وينظرون إلى كلينتون ويقولون: "أنا أدعمها"؟. ربما يستطيع ترامب الوصول إلى الأمريكيين، الذين لا يميلون عادة للتصويت لصالح الحزب الجمهوري، مثل العمال ذوي المهن البسيطة وذوي المستوى الاقتصادي المنخفض. ولكن السؤال هو هل هذه المكاسب ستعوض الأصوات التي سيفقدها في صفوف الناخبين الجمهوريين؟ وما قد يحدث من إقبال شديد للناخبين الديمقراطيين. وقد بدأت حملة كلينتون بالفعل تركيز انتقادتها على شخصية ترامب المتهورة، وسيحاولون تصويره كمحتل طائش للمكتب البيضاوي. وقال جون بودستا عضو حملة كلينتون الانتخابية: "طوال هذه الحملة، بدا ترامب شخصية تثير الانقسام، ويفتقر إلى الصفات التي تؤهله لقيادة أمتنا والعالم الحر". وأضاف: "ولأن أمورا كثيرة على المحك، فإن اختيار دونالد ترامب يمثل مخاطرة كبيرة". ربما يكون من الغريب أن نتحدث عن مستقبل كلينتون الانتخابي غداة هزيمتها في الانتخابات التمهدية لولاية إنديانا، لكن حسابات أصوات المندوبين تظل مسألة حقيقة مجردة. ولا تزال كلينتون بحاجة إلى الفوز بنحو ثلث أصوات المندوبين الديمقراطيين، للفوز بترشيح الحزب. وهذا هو الحلم الذي استعصى عليها تحقيقه عام 2008، وها هو الآن أصبح يلوح في الأفق. ولكن إذا كانت قد حلمت بترشيح الحزب الديمقراطي لها طوال السنوات الثماني الماضية، لكنها لم تتخيل أبدا طبيعة منافسها المحتمل. وسيكون ترامب منافسا يصعب التنبؤ بطريقة تفكيره أو تصرفاته. وكما أظهرت الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري، فإنه ليس هناك موضوعات مستبعدة عن الطاولة بالنسبة إلى ترامب، وليس هناك حدود في الهجوم على منافسيه. وقال ترامب لصحيفة واشنطن بوست الثلاثاء: "ماضيها هو القضية الحقيقية، وليس ما تخطط لفعله في المستقبل. ماضيها فيه الكثير من المشاكل بكل صراحة". وهناك أيضا "عامل ساندرز"، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت الذي مثل تحديا غير متوقع بالنسبة إلى كلينتون. وتسبب هجومه على تأييدها لاتفاقات تجارية في الماضي وعلاقتها بالمؤسسة السياسية الحالية في التأثير علي كلينتون. فهل يمكن لمؤيديه المخلصين ألا يشاركوا في الانتخابات، أو أن يصوتوا لطرف ثالث؟ هل يمكن أن ينتقل مؤيدوه، من الطبقة العاملة في المناطق الصناعية بوسط غرب البلاد، إلى التصويت لصالح ترامب؟ وفي خطابه بعد الفوز في ولاية إنديانا، قال ترامب إن تأييد هيلاري كلينتون للقوانين المنظمة لصناعة الفحم تسببت في البطالة، في مناطق مثل بنسلفانيا وأوهايو، وأشار إلى أن الرئيس السابق بيل كلينتون أيد اتفاقية التجارة لأمريكا الشمالية، والتي وصفها بأنها "أسوأ اتفاقية للتجارة". ليس هناك خطة حول كيف سينافس الديمقراطيون مرشحا جمهوريا مثل ترامب. في بعض القضايا مثل الهجرة يتخذ ترامب مواقف أكثر يمينية من كلينتون، لكن في قضايا أخرى مثل السياسة الخارجية والتجارة يتخذ مواقف أكثر يسارية منها. هل يمكن أن يكون الإجهاض أو شبكة الضمان الاجتماعي قضايا خلافية؟ ربما لن تصبح كذلك بالنسبة لرجل دافع عن تنظيم الأسرة والأمن الاجتماعي على منصات الحزب الجمهوري. منافسة مرشح مثل ترامب تتطلب أن يكون هناك في مواجهته مرشح لديه حملة انتخابية مبدعة وماهرة، وهو الأمر الذي لا يمثل نقطة قوة بالنسبة إلى كلينتون الحذرة بطبعها.ليس هناك خطة
تأثير ساندرز
- آخر تحديث :
التعليقات